عدن فري|متابعات: انتقد محللون يمنيون طغيان الجانب الأمني والعسكري على علاقة واشنطنبصنعاء، على حساب المجالات الاقتصادية والتنموية التي تمثل أولوية قصوى للمواطنين في ظل تطلعهم لمستقبل أفضل بعد اندلاع الثورة وإنجاز التغيير. ورغم أن العلاقات الرسمية بين واشنطنوصنعاء تعود لعام 1946, إلا أنها اتسمت في أغلب مراحلها بغياب الندية والتوازن, مما جعل الكثيرين ينظرون إليها على أنها علاقة تابع بمتبوع. وقد ترسخت هذه القناعة مع دخول نظام صالح في شراكة مع أميركا في الحرب على ما يسمى الإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. وألقت تلك الشراكة بظلالها السلبية على اليمن, حيث أصبحت الطائرات الأميركية بدون طيار تجوب أجواء البلاد لتعقّب عناصر القاعدة وتخلف غاراتها ضحايا مدنيين، مما يثير سخطا شعبيا إزاء انتهاك السيادة الوطنية. واعترف السفير الأميركي السابق في صنعاء جيرالد فايرستاين مؤخراً بأن العلاقات الثنائية لم تكن قوية ومتينة من قبل, وقال إنها أصبحت أفضل في عهد الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد "نجاحه خلال فترة وجيزة من توليه الحكم في طرد القاعدة من أبين بجنوبي البلاد". ويبدو جليا تفوق الملف العسكري والأمني في علاقة البلدين على المجال الاقتصادي, حيث تشير وزارة الخارجية الأميركية في أغسطس/آب الماضي إلى أن واشنطن قدمت خلال العامين الأخيرين 247 مليون دولار لبناء قدرات قوات مكافحة الإرهاب اليمنية وتعزيز الإصلاحات في الجهاز القضائي, مقابل مائة مليون دولار للخدمات الاجتماعية وخلق فرص العمل. التلاعب بالقاعدة ويقول رئيس مركز "أبعاد" عبد السلام محمد إن أميركا تنظر لليمن من زاوية الأمن نتيجة موقعه الإستراتيجي على مضيق باب المندب الذي تمر منه سفن النفط العالمية، فضلا عن كونه يمثل الحزام الأمني لدول الخليج البترولية. وأرجع محمد -في حديث للجزيرة نت- اختزال العلاقة في الجانب الأمني إلى عدم وجود سياسة دبلوماسية ترتكز على الندية وتحقيق المصالح. لكنه نبه إلى أن أميركا لها مبرراتها في هذا الإطار، لأن انهيار اليمن يعني تهديد مصالحها في المنطقة قبل أن يكون تهديدا للجوار الإقليمي والعالم. واعتبر أن الاعتراف الأميركي بتحسن العلاقات مع اليمن يدل من جهة على أن نظام صالح كان يتلاعب بقضية القاعدة ولم يكن جادا في محاربة الإرهاب، ويعكس من جهة أخرى رد الجميل للرئيس هادي الذي تمكن من طرد القاعدة بعد استيلائها على مناطق واسعة في جنوبي البلاد. انتهاك السيادة وبشأن الانتقادات لانتهاك الطائرات الأميركية للسيادة الوطنية, أوضح أن هذه الغارات ليست حديثة العهد إنما كانت موجودة في ظل النظام السابق. ولتطوير العلاقة بين الجانبين، اقترح رئيس مركز "أبعاد" إعادة صياغة الدبلوماسية اليمنية بما يحقق مصلحة المواطنين ويحفظ أمن واستقلال وسيادة البلاد. من جانبه, أرجع الكاتب الصحفي فيصل علي تغليب الجوانب العسكرية والأمنية على المجالات الأخرى في العلاقة بين البلدين إلى أن اليمن يعاني من مشكلة الإرهاب القادم من دول الجوار عبر أفكار ومجموعات اخترقت الحدود وتريد إقامة إمارة إسلامية في البلاد. وأكد في حديث للجزيرة نت أن النظام السابق هو المسؤول عن قيام العلاقات بهذا الشكل, حيث وقّع على اتفاقية تسمح للطائرات الأميركية بملاحقة عناصر القاعدة في اليمن. وعن تقييمه لعلاقات الجانبين، قال إن أميركا وقفت داعمة للتغيير منذ اندلاع الثورة في 2011، وساهمت في التوصل للتسوية السياسية عبر المبادرة الخليجية الرامية لإخراج اليمن من أزمته الراهنة. وأوضح أن هناك عدة أوجه للعلاقات الراهنة بين البلدين من قبيل الدعم السياسي الذي يقوم به السفير الأميركي في صنعاء، والمعونات الاقتصادية الهادفة لتمكين البلاد من الوصول إلى حالة الاستقرار بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في العام المقبل. وبشأن رؤيته لتحسين العلاقات بين الجانبين في المستقبل, أشار إلى أنها ستكون أفضل إذا ما ساهمت أميركا في إقناع حلفائها بالمنطقة بترك الشعب اليمني يبني دولته بدون تدخلات إقليمية، قائلا إن هذه أهم خطوة لتحقيق التنمية والاستقرار في البلاد. المصدر:الجزيرة