تعمل صحفنا المحلية على الوفاء بالتزاماتها للقارئ أيًّا كان موقعُه ومهما تعددت ثقافاته ومشاربُه؛ إيمانًا منها بأنه الركيزةُ الأولى لنجاحها وانتشارها، والعنصرُ الفاعل في تحقيقها عوائدَ مالية مجزية، لذا نراها تعمل جاهدة للوصول إليه بشتى الوسائل المتاحة التي تمكِّنها من تحقيق السبق والظفر برضاه، ما يمكن التركيز عليه هو ما اختطته الصحف المحلية حينما عمدت إلى تخصيص كل جهة من جهات المملكة بطبعة مختلفة في بعض مضامينها وخاصةً في الجانب الخبري الذي يختص بالمحليات؛ فتجد أن للمنطقة الشرقية طبعة، وللوسطى طبعة، وللغربية طبعة، وللجنوبية طبعة، وللشمالية طبعة، هذه الطبعات وبهذه الكيفية جعلت جهات ومناطق المملكة تبدو وكأنها جزر معزولة عن بعضها، وكأن أخبار كل جهة لا تَعني الجهةَ الأخرى، هنا مسألة أعتقد أنها لا تغيب عن بال القائمين على الصحف المحلية وأعني بها أن سكان المناطق في الجهات الخمس هم في الأصل خليط من مناطق أخرى؛ فلو أخذنا -على سبيل المثال- منطقة الرياض وتحديدًا مدينة الرياض ودققنا في تركيبتها السكانية لوجدناها خليطًا من مناطق شتى (الجنوبية والغربية والشمالية والشرقية والوسطى) والحال نفسها تنطبق على بقية المناطق مع تفاوت بسيط في النِّسب، وعلى هذا فحينما تُصدِر صحيفةٌ ما من منطقة ما طبعةً خاصةً لمدينة الرياض وتُكثف فيها أخبار مدينة الرياض على حساب المناطق الأخرى فكأنها بذلك تحكم على أن سكان الرياض جميعَهم أو غالبيتهم من الرياض، والواقع أن نسبة كبيرة من سكان الرياض أتوا من خارجها بل من خارج منطقة الرياض، عندما ندرك هذا يتبين لنا أن الصحف بهذه الطريقة لم تُحسن التقدير؛ فسكان معظم مدن ومناطق المملكة خليط من مدن ومناطق المملكة جميعِها، وهذا تأتَّى نتيجة الهجرات التي تكاثرت في العقود الأخيرة في ظل الوحدة المباركة التي آخت بين مواطني المملكة وصهرتهم في قالب من المودة والحميمية، فأصبح لكل مواطن الحقُّ في التنقل والاستيطان أنّى ومتى شاء، وما دام الأمر كذلك فسكان مدينة الرياض تهمهم أخبار المناطق كلها؛ نظرًا لكونهم أتوا من مناطق شتى، وهكذا مع بقية المناطق، فإذا ما اتفقنا على ما سبق فإنه ينبغي للقائمين على صحفنا المحلية أن يعيدوا النظر في مسألة الطبعات الخاصة بكل منطقة؛ بحيث تَصدُر الصحيفة بمحتوى واحد للمناطق كافة بحيث أن القارئ -على سبيل المثال- في المنطقة الشمالية يقرأ المحتوى نفسه الذي يقرأه القارئ في المنطقة الجنوبية والشرقية والغربية والوسطى، حتى وإن تطلَّب الأمر زيادة في عدد الصفحات، بقيت مسألة أخرى تتمثل في أن المملكة -في مساحتها- تعدل مساحة قارة، وهذا يتطلب من القائمين على الصحف بذل أقصى جهد، واستخدام أحدث الوسائل للتغلب على إشكالية المساحة الجغرافية التي تقف بوجه (الوصول المبكر) لصحفهم للقارئ، هذه إشكالية قائمة لا تزال الصحف (الورقية) في صراع معها، ومع هذا فقد حققت بعض التقدم في صراعها مع إشكالية المساحة الجغرافية للمملكة بفضل الطرق الحديثة وبفضل وجود بعض المطارات في بعض المحافظات، فضلاً عن مواقع الصحف الإلكترونية، وللتغلب على هذه الإشكالية عمدت الصحف لتعدد طبعاتها ما بين (أولى، ثانية، ثالثة) بحيث تُرسَل الطبعة الأولى لسكان المناطق البعيدة عن مقر الصحيفة والثانية للمناطق القريبة والثالثة لمنطقة صدور الصحيفة مع تفاوت في المحتوى الخبري بين (غير طازج) في الأولى (وطازج) في الثالثة. والحل من وجهة نظري يتمثل في اكتفاء الصحف بطبعة واحدة التي هي بمثابة (الطبعة الثالثة)، وللتغلب على تأخر وصولها للمناطق البعيدة يتطلب الأمر إنشاء الصحف مراكزَ طباعية لها في الجهات الخمس، وبذا تُحل إشكالية التأخر مع ضمان توحُّد المحتوى. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain