مع تفاقم الأزمة المالية الأمريكية الحالية وارتفاع الدين الأمريكي، تفاوتت الآراء حول مدى انعكاسات الأزمة الأمريكية على الاقتصاد السعودي، بشكل مباشر، وارتباط الريال بالعملة الأمريكية. وفي الوقت الذي توقع محللون أن يحدث تغييرًا في الخريطة الاستثمارت الخارجية للمملكة، أكد آخرون أن الوقت سابق لأوانه للحكم على مدى التأثر، لاسيما وأن العالم في نهاية السنة المالية، لافتين إلى أن الثلاثة أشهر المقبلة ستحمل الكثير من النتائج والتوقعات. وأكد الدكتور زين العابدين بري الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق، أنه في حال عجزت الإدارة الأمريكية عن دفع الديون والفوائد هذا له تأثير، لأن المملكة لها استثمارات في السندات الأمريكية، وهذا يؤثر على الفوائد وسيكون التأثير وقتيًا جدًا لأن الحكومة الأمريكية لن توقف عملها ولن تغلق منشآتها إلى الأبد، وهذه عملية مماحكة سياسية بين حزبين فقط وفي النهاية سينتظم الموضوع، أما من ناحية التضخم فأنا لا أرى أن الدولار لم يضعف بشكل كبير جدا امام اليورو، لكن السؤال المطروح الان، ما تأثير العملات الاجنبية والواردات على التضخم في المملكة، وهنا يمكن الاجابة،: نحن نستورد من الصين ومن تايوانوأمريكا وليس من منطقة اليورو، والعملة الوحيدة التي ارتفعت أمام الدولار في هذه الازمة هو اليورو، ونسبة التأثر قد تكون موجودة، لكن أشك أنها تكون كبيرة، والأثر الأكبر للتضخم كان من زيادة التوسع والانفاق الذي اوجد طلبًا عاليًا وبالتالي أصبح هناك تضخم وهذا في الماضي ولم يعد موجودا، وبكل مصداقية انحسر التضخم حاليا بعد انفاق الافراد الذي تضاعف اضافة إلى تضاعف انفاق القطاع الخاص إلى 3 % وقد ينحسر اكثر من ذلك. وأضاف: ان نسب التضخم الحالية لم تعد مخيفة في المملكة وهي تتماشى مع المتوسط العالمي، وهذا وضع جيد، ولكن ما اثر التضخم المستورد، اشك بأنه كبير، وانخفاض قيمة الدولار امام اليورو لن يكون له اثر كبير، وكل حكاية تأثرنا ستكون بسيطة تتلخص في موضوع متى نحصل على فوائد ديوننا للحكومة الأمريكية، والحكومة الأمريكية لن تفلس وهذا كله مجرد كلام فقط، والتضخم المستورد لن يكون له تأثير كبير ولن يكون أكثر من 1 %، مشيرا إلى ان تخوف السعوديين من التضخم المستورد بسبب ازمة الديون الأمريكية لا داعي له. *نفوذ الاقتصاد الأمريكي من جهته أكد الخبير الاقتصادي أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن دليم القحطاني ل «المدينة» أن هناك فريقين ينظرون للأزمة الأمريكية، فريق متشائم وفريق متفائل، والفريق الأول يرى أن الاقتصاد الأمريكي يواجه تهديدًا خطيرًا جدًا ومقبل على انهيار، وسيدخل على النفوذ السياسي والهيمنة الدولية وسيدخل على افلاس، انها لن تكون قادرة على مواجهة هذا الانهيار، ويجب فك الارتباط بالدولار سريعًا. بالنسبة للاقتصاديين المتفائلين وأنا منهم «أرى أن الاقصاد الأمريكي ذو نفوذ وقوة يشكل تقريبًا قرابة النصف من الاقتصاد العالمي، ولديه أصول ضخمة وعلامات تجارية متمركزة في كل بقعة من بقاع العالم، وبالتالي لا بد من مرور أزمات طبيعية حتى تعاد الهيكلة وينتعش مرة أخرى. ولا بد لنا في المملكة الانتهاء من البنى التحتية، النقل، الخدمات، الكهرباء، المشاعر المقدسة.. الخ، لان السيولة لن تتكرر بمثل هذه الارقام، وعلى السعودية ان تغير توجه اقتصادها وتنتهج الاقتصاد الحر الموجه، وان تكون هناك حرية في تحويل الاموال في دخول المستثمرين وغيرها، في المقابل ان يكون هناك توجيه من وزارة الاقتصاد كي تتهيأ جميع المؤسسات والشركات إلى هذا التوجه. وعن وجهة نظره فيما يتعلق بالأزمة المالية والبطالة والتضخم قال: «لا أستطيع أن أتحدث عن الأزمة وتأثيرها على التضخم والبطالة خلال الثلاثة أشهر الحالية، لأننا في نهاية عام، ولكن في 2014 سنبدأ بمعرفة ماذا يدور في الأفق وبعدها من الممكن أن نحلل، وإذا استمرت المملكة في نفس وتيرتها وعملها الاقتصادي الحالي لن يكون هناك تضخم خلال الشهور الثلاثة المقبلة، ولن تتغير نسب البطالة. من جانبه أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين ل «المدينة» الآثار المترتبة من الازمة المالية الأمريكية وارتفاع الدين الأمريكي على الاقتصاد السعودي، قد يؤدي إلى اضعاف قدرة الولاياتالمتحدة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وإذا كانت المملكة من أكثر المستثمرين في السندات الأمريكية هذا سينعكس على الاقتصاد في حال تعثر الولايات على الوفاء بالالتزامات المالية. واضاف: المشكلة الاخرى ان استمرار الازمة في أمريكا سيؤدي إلى انكماش مستقبلا، ويؤثر سلبًا على طلب البترول واذا انخفض الطلب الأمريكي على النفط ستكون الاقتصادات الاخرى متأثرة. وأضاف: من وجهة نظري كما اتخذت المملكة قرارًا جريئًا فيما يتعلق بمجلس الامن، فيجب أن يكون خيارنا الاقتصادي بنفس الجرأة والحذر من الموقف إلى الافضل.