واصل الدولار الأمريكي انخفاضه مقابل العملات الأوروبية في تعاملات الأسبوع عقب تصريحات تؤكد استعداد الاحتياطي الاتحادي لاتخاذ إجراءات إضافية، ولكن أظهرت العملة مؤشراً طفيفاً ينبئ بارتفاعها . ويأتي ذلك في أعقاب صدور بيانات الوظائف الأمريكية التي نمت بأعلى من التوقعات، وأظهرت أن الاقتصاد الأمريكي استطاع إضافة 146 ألف وظيفة جديدة خلال نوفمبر، ليجرى بذلك تعديل بيانات أكتوبر بالخفض إلى 138 ألف طلب، وسط تراجع معدل البطالة إلى 7 .7% من 9 .7% في أكتوبر الماضي . ويقول المحللون إن انخفاض معدل البطالة يرجع إلى توقف البعض عن البحث عن عمل . وحول الموازنة الأمريكية، ارتفع العجز في الموازنة الأمريكية في أكتوبر إلى 42 مليار دولار أمريكي من 40 مليار دولار في الشهر السابق، وقال خبراء اقتصاديون إن ارتفاع عجز الموازنة يعود إلى تراجع الصادرات والبيانات الضعيفة . ومن جانبه، قرر مجلس الاحتياطي الاتحادي في ختام اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأسبوع الماضي الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين صفر إلى25 .0 في المئة . وقال البنك الاتحادي في بيان في ختام اجتماعه إنه سيواصل مشترياته من سندات الخزانة الطويلة الأجل بمعدل 45 مليار دولار شهرياً عقب انتهاء برنامج المشتريات الحالي في نهاية العام بما يتماشى مع توقعات الأسواق . وكما كان عليه الحال طيلة العام، استمر انشقاق رئيس البنك الاحتياطي في ريتشموند (جيفري لاكر) وصوت ضد تمديد برنامج التيسير الكمي . وخفض البنك المركزي توقعاته للنمو لعام 2013 بصورة طفيفة . إلى ذلك، شهدت الأسواق تحولاً كبيراً في اتجاه السياسة النقدية الأمريكية؛ إذ أعلنت لجنة السوق المفتوحة الاتحادية أنها لن ترفع معدلات الفائدة التي هي حالياً في أدنى معدلاتها حتى منتصف عام 2015 . وأعلن البنك أنه سيضع أهدافاً اقتصادية للحفاظ على سياسة استثنائية تتمثل في تبني تدابير نقدية توسعية جديدة في مواجهة الانتعاش الضعيف في الولاياتالمتحدة . وسوف يستمر البنك بوجه خاص في ضخ مزيد من السيولة طالما بقي معدل البطالة فوق 5 .6%، وسيستمر في السياسة النقدية التوسعية التي يتبعها شريطة ألا يتجاوز معدل التضخم المحسوب على أساس سنوي 5 .2% . ولم تحقق المفاوضات الرامية لتفادي "الهاوية المالية" أي تقدم يذكر، وتخشى الأسواق عدم التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في نهاية العام . ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تظل سياسات الاحتياطي الاتحادي محور تركيز مهم في المدى القصير . ويقول المحللون إن الاستمرار في اتباع السياسات التوسعية سوف يكون له تأثير سلبي على الطلب الكلي ثم المستوى العام لسعر الدولار . وتعقيباً على ذلك، قال الاحتياطي الاتحادي إنه سيستمر في اتباع سياسة نقدية توسعية حتى يلمس تحسناً ملحوظاً في سوق العمل ويتراجع معدل البطالة إلى أقل من 5 .6% . وإلى ذلك، سيواجه الدولار صعوبة في الحصول على الدعم، بيد أن هناك بعض المزايا المتعلقة بالسياسات النقدية المؤيدة والهادفة للنمو التي من المحتمل أن ينتج عنها استعادة التوازن المالي وضمان النمو القابل للاستمرار في الولاياتالمتحدة وبالتالي تخفيض البطالة . وهذا يشكل عاملاً مهماً إذا ما تدهورت الأوضاع في منطقة اليورو . وفي أوروبا، واجه اليورو ضغوط بيع متجددة . وتأثرت حركة العملة بعدما حصلت اليونان على شروط أفضل من التوقعات في برنامج إعادة شراء السندات من مستثمري القطاع الخاص، وهي الشروط التي وضعها الدائنون الدوليون لليونان من أجل تقديم المزيد من المساعدات المالية، ما ساعد في دعم المعنويات . وشهد اليورو ارتفاعاً ملحوظاً مع تحسن المعنويات في منطقة اليورو، وانخفضت العائدات على سندات الدول الأوروبية المثقلة بالديون . ومن جهة أخرى، عمت الأسواق بعض المخاوف حيال توقعات النمو الإسبانية وسط توقعات تنبئ عن احتمال تعثر الحكومة الإسبانية لسد عجز موازنتها لعام ،2012 ولكن بفضل آلية الاستقرار الأوروبي يتوقع خبراء اقتصاديون أن تتمكن الحكومة من إعادة رسملة البنوك مباشرة . وفي سوق السندات، ارتفعت السندات الحكومية الإيطالية والإسبانية عقب تقرير أظهر تراجع قطاع الخدمات في منطقة اليورو والإنتاج الصناعي بمعدل أبطأ في ديسمبر، ما يدعم الطلب على الأوراق المالية للمنطقة ذات العائد المرتفع . وانخفض العائد على السندات الإيطالية لأجل عشرة أعوام أربع نقاط أساس، أو 04 .0 نقطة مئوية، إلى 60 .4 في المئة، ليسجل زيادة خلال الأسبوع تصل إلى ثماني نقاط أساس . وارتفعت السندات 5 .5 في المئة المستحقة في نوفمبر 2022 بمقدار 31 .0 أو 10 .3 يورو ، التي تبلغ قيمتها الاسمية 000 .1 يورو (313 .1)، إلى 465 .107 . وانخفض العائد على السندات الإسبانية للأجل نفسه نقطة أساس ليصل إلى 39 .5% . وعمت الأسواق موجة من الارتياح حيال مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في منطقة اليورو، حيث أظهرت القراءة النهائية ارتفاعاً من 7 .45 إلى 7 .64ْ رغم وجود مزيد من التدهور في القراءة الإيطالية . وفي المقابل، أظهرت بيانات رسمية أن مبيعات التجزئة في منطقة اليورو جاءت أضعف من المتوقع، حيث سجلت مبيعات التجزئة انخفاضاً شهرياً بلغ 2 .1% وانخفاضاً سنوياً يتجاوز 3%، ما أكد المخاوف حيال الإنفاق وتوقعات النمو على نطاق واسع . وعلى صعيد آخر، لم تشهد العائدات في المزاد الأخير للسندات الإسبانية تغييراً يذكر، ولكن كانت السندات المطروحة أقل مما كان متوقعاً، ما يدل على تلاشي الطلب، وارتفعت العائدات بصورة كبيرة عقب المزاد . وأوضحت تصريحات عن مسؤولين رسميين إن إسبانيا ستتقدم بطلب للحصول على مساعدات إذا ما كان هناك ضمان على العائدات، وهو الأمر الذي يتوقع أن يلقى معارضة شديدة من جانب البنك المركزي الأوروبي، ما يؤدي إلى زعزعة اليورو . وفي إيطاليا، تصاعدت حدة التوترات السياسية بعدما سحب حزب رئيس الوزراء السابق (سيلفيو برلسكوني) دعمه للحكومة في تصويت مجلس الشيوخ بشأن تدابير النمو . ورغم تمرير مشروع القانون، هناك مخاوف من تجدد عدم الاستقرار السياسي وإجراء انتخابات مبكرة بعدما سحب (برلسكوني) دعمه للحكومة . وعاودت العائدات على السندات الألمانية انخفاضها . وكما كان متوقعاً، أبقى البنك المركزي الأوروبي في ختام اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأسبوع الماضي سعر الفائدة الرئيس دون تغيير عند مستوى قياسي منخفض يبلغ 75 .0 في المئة . وخفض في الاجتماع توقعاته المستقبلية للنمو والتضخم، ويتوقع البنك أن ينكمش الاقتصاد بين 9 .0-% إلى 3 .0+% خلال عام ،2013 ما يعبر عن مخاوف البنك حيال ارتفاع المخاطر السلبية حيال وتيرة النمو الاقتصادي واستمرار حالة الضعف العام في أداء اقتصاد منطقة اليورو . وفي مؤتمر صحفي، أوضح (دراغي) أنه قد دار نقاش واسع حول أسعار الفائدة دون التوصل لقرار، ما دفع كثير من الأعضاء إلى التصويت على خفض أسعار الفائدة في الاجتماع . وهذا يعزز تكهنات باحتمال خفض أسعار الفائدة في مطلع العام المقبل، ويدل على أن البنك المركزي الأوروبي كان مستعداً من الناحية العملية لخفض أسعار الفائدة على الودائع إلى الصفر، ما كان له تأثير مهم في تقويض حركة اليورو . وعززت التصريحات المخاوف حيال التوقعات الاقتصادية واحتمال خفض أسعار الفائدة، ما حد من دعم العملة . وعلى صعيد آخر، عمت الأسواق موجة من الهدوء والتفاؤل حيال حزمة الإنقاذ الأوروبية لليونان، لا سيما إذا ما نجحت اليونان في تنفيذ برنامج إعادة شراء الديون . ولكن ما زالت هناك درجة عالية من عدم الارتياح حيال الاتجاهات الحالية؛ إذ ما زالت اقتصادات الدول الأوروبية المثقلة بالديون عالقة في الركود . ويتوقع أن يواصل البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة وأسعار الفائدة على الودائع إلى الصفر، ما سيساعد على استمرار الأداء الضعيف في منطقة اليورو من حيث النمو . ويتوقع المحللون أن يستمر تصاعد حدة المخاوف حيال الديون السيادية . وإلى ذلك، يتوقع أن يواجه اليورو صعوبة في الارتفاع وتسجيل مكاسب كبيرة . وفي بريطانيا، ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل العملة الأمريكية في تعاملات الأسبوع، ولكنه ناضل لكسر حاجز 6150 .1 وتراجع مقابل اليورو . وجاءت طلبيات الإنتاج الصناعي أضعف بكثير من المتوقع مع انخفاض بلغ 8 .0% في الإنتاج الصناعي لشهر أكتوبر، مقارنة مع توقعات بأن يسجل المؤشر انتعاشاً ملحوظاً عقب انخفاضه بنسبة 1 .2% في سبتمبر . وفاقمت البيانات من حالة القلق حيال توقعات الربع الرابع وعززت من المخاوف حيال الاقتصاد ككل . وعلى صعيد آخر، حذر تقرير صدر عن المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية من انخفاض معدل النمو البالغ 1 .0% في الثلاثة أشهر حتى نوفمبر عقب تعديل قراءة أكتوبر بالخفض إلى 1 .0% من 5 .0% .
