عزت شخصيات عراقية التغير المفاجئ في سياسة انقرة تجاه بغداد إلى عوامل عدة داخلية وخارجية أدت مجتمعة إلى ما وصفته بالعودة السريعة لأنقرة إلى فتح ملف العلاقات الطيبة بين البلدين والتي بدأت بالدعوة التي وجهتها إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لزيارة العاصمة التركية. بغداد (فارس) يرى النائب في البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون علي الشلاه، أن هذه الدعوة لها عوامل داخلية وخارجية، اقتصادية وسياسية وأمنية، يمكن تلخيصها بما تشهده تركيا متأثرة بالوضع الإقليمي من جهة والوضع الداخلي من جهة أخرى. وقال الشلاه في حديث لمراسل وكالة أنباء فارس إن "هذا الأمر يقرأ على ثلاث مستويات، الأول أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أدرك أن تدخله في الشأن الداخلي العراقي وتحريضه الطائفي واستقباله للفارين من العدالة كلف تركيا غاليا، فالاقتصاديون الأتراك اعترضوا على أردوغان وهم يمثلون عامل ضغط مهم في تركيا، وشركات كبرى وأموال مؤثرة في عمليات الانتخابات أبلغت أردوغان عدم رغبتها بهذه السياسة". وأضاف إن "التصرف الحكيم للحكومة العراقية بقص الأجنحة التركية وشركاتها في العراق كان له أثر إيجابي ولأول مرة السياسة الاقتصادية العراقية تؤتي نتائج إيجابية كهذه المرة". وتابع ان "الأمر الآخر هو سقوط الإخوان المسلمين الذين هم الجناح الرئيسي والحاضنة الفعلية لأردوغان وحزبه في مصر وبدء عملية انحسارهم حتى في سوريا أجبر أردوغان على إعادة الحسابات". وأضاف أيضا "الأمر الثالث هو أن المظاهرات داخل تركيا حيث وجد أردوغان نفسه ليس كما يحلم، خليفة عثماني داخل لباس جديد، وإنما حاكم عابر ولديه مشكلة داخلية ولن تسعفه أجنحة الإخوان المسلمين في المنطقة لأنها نفسها تمر في أزمة". وأوضح الشلاه "لذلك هذا كله أدى إلى أن ينكسر القرار التركي وأن تضطر تركيا إلى أن توجه دعوات متوالية إلى العراق لأن هذه ليست أول دعوة حيث سبق لنائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي أن التقى بالرئيس التركي وكان الأخير غير راضٍ عن السياسة التركية تجاه العراق وطلب معاودة الحوار والاتصال وأيضا وصلت رسائل عبر عدد من الشركاء في العملية السياسية بينهم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، جميعها تصب في هذا الاتجاه ولذلك فان هذا القرار يعبر عن نجاح عراقي والعراق لم يهرول إلى تركيا بل تركيا هي التي هرولت هذه المرة وهذا الأمر ينبغي أن يذكر". من جانبه يقول الكاتب والصحفي العراقي محمود سعيد في حديث لمراسل وكالة أنباء فارس إن "هذه الدعوة تمثل منعطفا جديدا لتبدأ العلاقات العراقية - التركية مسارها الإيجابي بعد سلسلة من المشاكل العالقة بين البلدين كانت فيها تركيا قد حاولت الإساءة لمضمون العلاقة بين الجارتين اللتين تربطهما علاقات تاريخية واقتصادية. وأضاف سعيد "وهذا المسار رسمه الاتفاق الرسمي السابق الذي كان بين نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي والرئيس التركي عبد الله غول، حيث أتفق الجانبان على تشكيل لجنة برئاسة وزيري خارجية البلدين لإعادة العلاقات المشتركة الى طبيعتها وإنهاء الملفات العالقة وجاء الاتفاق المشترك خلال اجتماع الخزاعي مع غول في نيويورك عند حضورهما اجتماعات الدورة 68 للأمم المتحدة بحثا خلاله العلاقات الثنائية وخرجا بحصيلة هذا الاتفاق على مستوى تطوير شؤون البلدين المتبادلة وعدد من القضايا الإقليمية والدولية". وتابع ان "زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليشدار أوغلو، توقع عودة المياه الى مجاريها بين تركياوالعراق عقب التوتر الذي حصل بينهما طوال الفترة الماضية وفقا لمعطيات جغرافية واقتصادية فضلا عن السياسية بعد أن شهدت العلاقات العراقية - التركية توتراً منذ أشهر عدة حين لجأ نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه عدة احكام بالإعدام إلى تركية وبلغت ذروتها بمنحه إقامة دائمة على أراضيها وكذلك بعد زيارة وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو الى منطقة كردستان ومحافظة كركوك من دون التنسيق مع بغداد فضلا عن تصريحات أردوغان المثيرة للجدل بالشأن العراقي عندما قال في مقابلة صحفية في 30 من شهر اذار الماضي ان الشعب العراقي لو فكر بنفس الطريقة التي يفكر بها رئيس الوزراء نوري المالكي لكان الأمر خسارة كبيرة للعراق بصفة عامة وهو ما أثار حفيظة بغداد". بدوره يقول الناشط السياسي حيدر الشمري في حديث لمراسل وكالة أنباء فارس "إن تركيا أخطأت لمرات عدة بحق علاقاتها الطيبة مع العراق فهي تدخلت في شؤونه السياسية وأسهمت في دعم الحركات المثيرة للفوضى في البلاد وزعزعة الأمن وغيرها، وكل ما حدث انعكس بشكل أو بآخر على واقعها الداخلي والإقليمي حتى وصلت الدرجة إلى أن التهديدات الإقليمية للإرهاب بدأت تخطط لجعل تركيا هدفها الثاني بعد سوريا وهو ما جعل أنقرة تعيد حساباتها حيث أن الكثير من الأطراف داخل تركيا نفسها ترفض سياسة بلادها الخارجية وخصوصا تجاه العراق". /2336/ 2926/