المسؤولية الاجتماعية نظرية أخلاقية مفادها أن أي كيان، سواء كان منظمة أوفردا فإنه يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل. وهي أمر يفترض في كل منظمة أوفرد القيام به للحفاظ على التوازن ما بين النمو الاقتصادي والمجتمع أو البيئة وهوما يسمى بالنظام البيئي (الإكولوجي). وإن كانت تختص بمنظمات الأعمال وتعوّل عليها كثيرًا لكنها في ذات الوقت تتعلق بكل فرد تؤثر أفعاله وأقواله أوخبراته في مجتمعه، ولها نفع وفائدة له. والواقع أن لها إيجابيات كثيرة من خلال القيام بأفعال تُحقِّق أهداف المجتمع بشكلٍ مباشر، فهي تُعد قناة تواصل مع الأفراد والأسر بشكل عام. وكم هو محزن أن تحجم بعض شركاتنا وبنوكنا ومؤسساتنا الكبرى عن القيام بهذه المسؤولية، فباتت عديمة العطاء تأخذ من المجتمع ولا تعطيه، وكل ما يعنيها هوالحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح دون أن تمنح هذا المجتمع - والذي يعد السبب الرئيس في تلك الأرباح - أدنى اهتمام أورعاية!. وفي العالم أجمع تتسابق البنوك والشركات الكبرى ومن في حكمها من مؤسسات تجارية إلى تبني برامج اجتماعية ورعاية مناسبات وتنفق الملايين من أجل ذلك، حتى وصل الأمر بهم إلى إقامة مشروعات وتحمّل تكلفتها بالكامل خدمة للمجتمع. وإن تضحك فإن شر البلية ما يضحك، فأحد البنوك ومن خلال زعمه القيام بإنشاء إدارة للمسؤولية الاجتماعية أعلن أن مجموع ما أنفقه في هذا الجانب بلغ نحو مائة وأربعين ألفًا، ثم أراد التعديل فقال بلغت أربعمائة ألف ريال، في حين أن أرباحه السنوية تفوق الأربعة مليارات ريال بكثير!. ويتأتى تحقيق المسؤولية الاجتماعية أوالقيام بها بالنسبة للشركات والبنوك وغيرها من مؤسسات من خلال إنشاء إدارة أو وحدة مستقلة بأي مسمى كان، بحيث تعنى بالأعمال والمشروعات بعد دراستها وتقنينها لتصب في تنمية المجتمع وتطويره من النواحي المادية والثقافية وذلك وفق رؤية عامة، تسهم في مجال تطوير هذا المفهوم، وتحوّله من مجرد هبات وتبرعات إلى برامج ومشروعات إستراتيجية تعود بالنفع الاجتماعي والثقافي -ولا يمنع من إدخال الجانب الاقتصادي- على المجتمع السعودي بشكلٍ خاص ومن ثم العربي والإسلامي كافة. وفي تصوري أن الضوابط التي تنظم هذه المسؤولية غائبة إلى حد كبير، ومن ثم كانت كل جهة تعمل بمفردها ووفق اجتهادها، وترتب على ذلك الإنفاق الضئيل الذي يصل إلى شبه العدم أحيانًا، ولم يشعر المجتمع السعودي بمشروعات لائقة به، ولا مبادرات تواكب طموحه، ويبدو أنه يعيش حالة من فقدان الأمل في أن تقوم تلك الجهات بالمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقها تجاه المجتمع. إن المؤمل أن توجد جهات علمية نشطة على غرار ما هو قائم -وليس بقائم فعليًا- في الغرف التجارية من مجالس للمسؤولية الاجتماعية أجزم أن الكثير لا يعرفها ولا يعرف عنها شيئا، لتقدم البرامج والمشروعات وتضعها بين يدي القائمين على تلك الجهات، وترفع ذلك إلى الوزارات المختصة تحفيزًا للقيام بها خدمة للمجتمع، وليكون مردودها على الطرفين؛ فالمجتمع يستفيد فائدة كاملة من البرنامج المنفّذ أوالمشروع المقام، والجهة ستحقق أرباحًا إعلانية ودعائية أيضا لا يُستهان بها، لاسيما ونحن ندرك تمامًا مقدار ما ينفق على هذا الجانب من مبالغ ضخمة. وختامًا يرجى أن تكون هناك جوائز تحفيزية لكل جهة تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية، وأن يتم وضع الضوابط لها ثم يتم إعلانها في حفل لائق على أن تحظى بحضور إعلامي كبير، لتتنافس البنوك والشركات والمؤسسات الكبرى لنيلها، وإن كان ذلك أمرًا معنويًا لكن له أثر كبير جدًا في إذكاء روح المسؤولية الاجتماعية وعودة التنافسية فيما بينها، وهذا نداء لقيام هذه الجائزة على نحو ما هو قائم في مكة، وما أعلن في المدينةالمنورة يوم أمس الأول الأربعاء بالنسبة للعمل الحكومي، لكن المقصود أن يمتد ذلك فتخصص جوائز تحفيزية للشركات والبنوك ومن في حكمها، بعد قيامها بالمسؤولية الاجتماعية خير قيام، فهل ننتظر استجابة عاجلة؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain