د. عبدالإله محمد جدع مجلس الأمن هو أحد أهم أجهزة الأمم المتحدّة التي وقع ميثاقها عام 1945م، وهو المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدّة.. وله سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء، ولذلك تعدّ قراراته ملزمة وفقًا للمادة الرابعة من الميثاق.. ويتكون من خمسة أعضاء دائمين ولهم حق النقض (الفيتو)، وهم روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدّة والولايات المتحدّة الأمريكية، وحتى ندرك فلسفة المجلس وتوجهاته لا بد أن نضع في الاعتبار بأنه قام على أساس موازين القوى، إذ أن تلك الدول قد حازت على عضويتها بسبب انتصاراتها في الحرب العالمية الثانية، ويفترض أن يتحلّى مجلس الأمن المنبثق عن ميثاق الأمم المتحدّة بالموضوعية والحيادية والدفاع عن حقوق الإنسان بعدما شعرت دول العالم بما عانته شعوبها في الحربين العالميتين الأولى والثانية من ويلات ودمار وظلم.. ولكن طالما كان المسيطر في إدارة هذا المجلس هم القوى الأعضاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية فهم مَن يُقرِّر الموضوعية التي تتفق مع مصالحهم!! وكما وصف المؤرخ البريطاني أرنولد تويني في كتابه (تاريخ البشرية)، (فإن ميثاق الأمم المتحدّة هو (الميثاق السخيف) نظرًا لما يتضمنه من حق (الفيتو) للدول الكبرى الذي يمكن بموجبه إجهاض أي قرار لنصرة المظلوم، وبذلك يمكن أن تحجب دولة واحدة من تلك الدول بإشهارها حق النقض حقوق الدول الأخرى دون اعتبار لأهمية الموضوع وخطورته). إذن فغرض مجلس الأمن وفقًا لميثاق الأمم المتحدّة لم يتحقق، فقد عجز عن حماية حقوق الإنسان، ومثال الشعب السوري خير دليل على ذلك؟! وتلاشت الشعارات التي رفعتها دول العالم في الميثاق (نحن شعوب الأمم المتحدّة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب)، إذ لم تحقق هيئة الأممالمتحدة ومجلس أمنها تلك الأمنيات للأجيال، فقد قوّض دعائم حقوق الإنسان في ميثاقها عدد من العقبات منها: * حق النقض (الفيتو) الذي يتنافى مع مبادئ الديمقراطية الحديثة التي يتشدّق بها الغرب، فدولة واحدة يمكن أن تفشل مشروعات واتفاقات الدول جميعها.. وهذا ما حصل مع فلسطين السليبة ونصرة الظالم «اليهود» ضد المظلوم «الشعب الفلسطيني»، وفيها يصدق شطر بيت (المتنبي): (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم)!! * والعقبة الثانية أن محكمة العدل الدولية وفقًا للميثاق لا تملك تنفيذ أحكامها لأن النظام الأساسي لها ينص على أن لا يتدخل القضاء الدولي إلا إذا رضي الطرفان الظالم والمظلوم بالاحتكام إليه.. وفقًا للمادة (36)، فكيف سيتقبل الظالم التدخل والحكم؟! * وإذا امتنع أي عضو من أعضاء الأممالمتحدة على حكم محكمة تظهر ديكتاتورية النقض والفيتو من دولة واحدة!! * لم يرد في المادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة أي ذكر لتحقيق العدالة بين الشعوب والدول، بينما ركزّت على حفظ السلام والأمن الدوليين، وبالتالي فإن المعتدى عليه «الضعيف» لا يجد سبيلًا لنصرته، لأنه سيعود لمجلس الأمن الذي تتمتع فيه الدولة المعتدية أو حلفاؤها بحق الفيتو. وفي ضوء ذلك التحليل السريع؛ واستقراء تاريخ هذه المنظمة الدولية والمجلس الذي يفترض أنَّه يُدافع عن حقوق الشعوب والإنسانية، نستطيع أن نتفهّم اعتذار المملكة عن قبول عضوية مجلس الأمن للدورة المقبلة، فهو بمثابة ناقوس يقرع ضمير المجتمع الدولي.. بعد أن لاحت معالم صفقات خفيّة تحيك الغدر ضد منطقتنا في الخليج على وجه الخصوص، والمنطقة العربية عمومًا. إذن فنحن إزاء موقف جديد ومبادرة غير مسبوقة في المجتمع الدولي اتخذتها المملكة التي تحمل مسؤولية كبرى بصفتها قلب العالم الإسلامي، والمدافع عن مبادئ الإسلام، الذي كفل حقوق الإنسان، والدفاع عن الضعفاء والمظلومين ونصرتهم، والضرب على يد الظالم، لذلك فالأمر يتطلب تحركًا عربيًا إسلاميًا مؤسساتيًا من خلال: * شرح وجهة نظر (هذا الرفض للعضوية) عبر وسائل الإعلام الدولية والمحلية وتفنيد الأسباب وفضح المؤامرات. * المبادرة بالتكتلات العربية والإسلامية لبناء جبهة رفض واعتراض لهذا المعيار المزدوج في العالم، والمخطط الذي بات واضح المعالم تجاه منطقتنا العربية. * إعادة النظر في التحالفات والاستثمارات «العربية الدولية»، فالغرب لا يُؤمن إلا بلغة المصالح والقوة. * بناء القوة العسكرية للمنطقة للدفاع عن مصالحنا المشتركة، ولتأمين حدودنا وقواعدنا وإمكاناتنا. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain