رغم أنها قضية إنسانية ووطنية، إلا أننا أهملناها، ربما تحرجاً من الحديث عنها، وربما استهانة بموضوعها، مع أنها قضية مهمة لأنها تمثل حاجة إنسانية طبيعية وهامة، ومع ذلك قبعت في منطقة الهامش من اهتمام أصحاب المنشآت والمسؤولين عن تخطيط المباني والأسواق ومحطات البنزين، كما أهملنا التطرق إليها نحن الكتّاب، وأذكر مقالة مهمة للعزيزة د/ هتون الفاسي عن دورات المياه العامة بعد تعرضها لموقف مع صغارها في أحد المحلات التجارية، ربما كتب بعض الكتاب هنا وهناك، ولكن لا أحد يتوقف عند موضوع حساس وقضية هامة، حتى ظهرت الصورة المخجلة لدورات المياه في بعض الاستراحات على الطرقات، وكلمات نقد جارحة من بعض حجاج الخليج وهم يعبرون عن أشد ما ضايقهم في رحلة الحج الطويلة هو حاجتهم إلى قضاء حاجتهم خلال الرحلة على الطرقات ولكن الموجود في منتهى القذارة والاستهانة بحاجة وضرورة إنسانية طبيعية. لم أستطع إكمال المشاهد التي كانت تعرض مع التقرير عن الاستراحات والحمامات على الطرق السريعة بين مدن المملكة، مع أن الصور ليست مفاجئة ولا قضية لا نعرفها بل معظمنا أو جميعنا - تقريبا - تعرض لموقف اضطره لاستخدام الحمامات العامة سواء في المساجد أو الأسواق أو الطرقات وخرج هارباً من الحالة المزرية التي شاهدها أو اضطر لاستخدامها لتلبية حاجة ملحة لطفل أو لشيخ كبير أو مريض أو أنه لم يجد دورة مياه على الطريق أو في الأماكن العامة وتلك إشكالية تجاهل هذه الحاجة الإنسانية الطبيعية من كل قطاعات الدولة حتى من الشركات والأفراد وكأنها حالة عامة رغم أنها حاجة عامة أيضاً. حتى أنا أهملت رسالة وصلتني منذ فترة طويلة من قارئة متابعة لما أكتب كما ورد في رسالتها الالكترونية ترجوني الكتابة عن دورات المياه وانعدامها وإذا وجدت صعب استخدامها للحالة المزرية التي أصبحت ملازمة لدورات المياه ( الحمامات العامة ) وتعرض قصصاً من معاناتها مع أطفالها، عندما تكون بصحبتهم خارج المنزل. بعد مشاهدتي لتلك المشاهد على يوتيوب تذكرت رسالة القارئة وعدت إليها تقول: ( ليتك تكتبين عن مأساتنا مع أطفالنا إذا ذهبنا إلى الكورنيش أو لأي مكان بالسيارة، وتعرضنا لمواقف محرجة لعدم وجود دورات مياه عامة الا بالمساجد وأحيانا تقفل الأبواب من بعد العشاء. الموقف الذي يتكرر دائما لوجود اطفالي الصغار معي أعمارهم 5 و6 عندما نصطحبهم إلى الكورنيش، وهما (مزنوقين) تعرفي زحمة جدة، حتى وصلنا الكورنيش ذهبنا على حمام أبو ( ريال ) قلنا مافي غيره وأهم شي يكون نظيف حتى لو بعشره ريال اهم شي نلاقي حمام الله يكرمك، مهما كانت حالته مضطرين لاستخدامه لأن الأطفال لا يستطيعون إرجاء حاجتهم...). وتكمل قائلة: (لماذا لا تفرض الحكومه دورات مياه على أصحاب المحطات مثل باقي الدول ولماذا لا تنشأ دورات مياه عامة على امتداد الكورنيش نظراً للزحمة وخاصة بالصيف. المساجد فيها دورات مياه لكنها بعيدة عن مكان جلوسنا، وغير لائق استخدام دورات مياه المساجد للمتنزهين. والله العظيم صرت اشيل هم ( التماشي) – تقصد التنزه - إذا كانوا أولادي معي. ام احمد) هذا الموضوع المهم ( الحمامات العامة ) لا بد أن يأخذ جزءاً كبيراً من اهتمامنا! لابد أن يكون في كل مكان حمامات للنساء والأطفال والرجال وذوي الاحتياجات الخاصة، ليس هذا فقط بل لا بد من وجود من يشرف عليها ويتأكد من نظافتها وتوفر كافة الأدوات كأغطية الكرسي الورقية والمناديل وأوعية النفايات وأن يكون كل شئ في مكانه مرتباً ونظيفاً. هي هذه الاشكالية حتى في المطارات كمطار جدة والدمام والرياض لا تستطيع استخدام حمامات النساء ولا أعرف شيئاً عن حمامات الرجال لكن حمامات النساء لا تليق بتلك المطارات مع أن في بعضها مستخدمة للتنظيف والمراقبة كما هو الحال في كثير من الحمامات في المطاعم والأسواق إلا أنها نتيجة انعدام الرقابة والمتابعة، لا تقوم بمهمتها بالشكل المطلوب؛ فهي إما نائمة في مكان ما، أو تتحدث بالهاتف، أو تنظر إلى ما يحدث وكأنها ليست معنية بالأمر، مما يفاقم المشكلة ويراكم القذارة والمياه التي تجري على الأرض فتصدك عن الدخول لأن بعض مستخدمات الحمامات لا يحترمن حقوق الأخريات في نظافة المكان بل تلقي كل شئ حولها وتمضي. كنت قبل أسبوع في مدينة ديزني في أورلاندو بأمريكا، وكنت في إحدى المدن المكتظة واحتجت إلى استخدام الحمام لم أصدق ان كل هؤلاء البشر يستخدمون الحمام بكل تلك الأناقة فلا ورقة ملقية على الأرض وكل ما تحتاجه من أغطية كرسي ومناديل وصابون حتى كريم لليدين معبأ في زجاجة بجوار الصابون. هذا الاحساس بالمسئولية الفردية والشخصية للأسف نفتقده، كما نفتقد هذا الوجود المهم لدورات المياه والاهتمام بها ورعايتها إن وجدت لذلك أرى أن المهم في البداية إلزام كل الأماكن والمطاعم ومحطات البنزين على الطرقات والاستراحات بناء حمامات كافية ولائقة واستخدام تقنية الطرد الذاتي والأغطية على أن يخصص لها من يهتم بنظافتها ورعايتها وعلينا نحن المواطنين أفراداً ومسؤولين تقع مسئولية المراقبة والعقاب الاجتماعي للمهمل والمخالف عن طريق الانكار عليه بأدب ولباقة هذا ما يحدث في دول الغرب المواطن هو الرقيب فلا تستطيع أن تخالف القاعدة هناك وإلا نالك من الجميع الاستنكار وربما كلمات ونظرات قاسية. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain