شبام نيوز . الاتحاد قُتل عشرات المسلحين ومدنيون، بينهم امرأتان وطفلة، أمس الأربعاء، باشتباكات عنيفة تلت هجوماً مباغتاً شنه مقاتلون شيعة على أقلية سلفية في محافظة صعدة شمالي اليمن، حيث معقل جماعة "الحوثيين" الشيعية المتمردة على الحكومة المركزية في صنعاء منذ 2004. وشن مقاتلو جماعة الحوثي، في وقت مبكر أمس، هجوماً بالرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية ومدافع الهاون على بلدة "دماج"، المعقل الرئيس للجماعة السلفية المتشددة في اليمن منذ عقود، والتي تبعد فقط كيلومترات عن مدينة صعدة التي تخضع لحكم "الحوثيين" منذ مارس 2011. وقال سكان محليون في "دماج" إن الهجوم بدأ بقصف مدفعي وصاروخي عنيف استهدف مناطق متفرقة في البلدة، ما أدى إلى تدمير العديد من المنازل وسقوط "عشرات الجرحى" في صفوف المدنيين. وذكروا أن مقاتلين من جماعة الحوثي "كانوا يرتدون زيا عسكريا"، ومدعومون بخمس دبابات، اقتحموا منطقة "المسادير" شمالي بلدة "دماج"، التي تحتضن "دار الحديث"، وهو مركز ديني سلفي يُدًرس العلوم الشرعية، ويقصده سنوياً مئات الطلاب، بعضهم يأتون من دول عربية وأجنبية. وكان "الحوثيون" استولوا على دبابات وآليات عسكرية خلال صراعاتهم المسلحة مع القوات الحكومية خلال الفترة ما بين 2004 و2009، قبل أن يتنامى نفوذهم الجغرافي والسياسي والإعلامي بعد إطاحة الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، العام المنصرم، تحت احتجاجات شعبية اندلعت في يناير 2011. وكان من الممكن سماع أصوات دوي انفجارات وإطلاق نيران خلال المكالمة الهاتفية. وذكر المتحدث أن "معارك كر وفر تدور بين الطرفين في مزارع" شمالي بلدة "دماج". وتحدث سكان ومصادر في الجماعة السلفية عن مقتل "ما يزيد عن مائة شخص" في المعارك مع جماعة الحوثي، التي فشلت في نوفمبر 2011 في اقتحام بلدة "دماج" بعد أن خاضت مواجهات عنيفة مع السلفيين في مناطق جبلية متنازع عليها أوقعت عشرات القتلى من الجانبين. وقال أحد مقاتلي الجماعة السلفية، إن خمسين من زملائه قتلوا في معارك الأربعاء، بينهم صديقه الذي قال إن دبابة مرت فوقه وفصلت رأسه عن جسده، مؤكدا أيضاً مصرع "أكثر من خمسين قتيلا من الحوثيين" في هذه المعارك، التي تأتي بعد أسبوعين من مواجهات متقطعة بين الجانبين اللذين وقعا في 22 سبتمبر الماضي على اتفاق هش لحل خلافهما بشأن أحقية امتلاك مناطق جبلية مطلة على "وادي دماج". وقُتل ستة أشخاص وأصيب نحو 20 آخرين عندما قصفت دبابة، ظهر الأربعاء، مسجداً تابعا للسكن الخاص بطلاب "دار الحديث"، حسبما ذكر ل "الاتحاد" متحدث في المكتب الإعلامي للجماعة السلفية. وقال المتحدث، عبدالقادر الشرعبي، إن القتلى "طلاب مدنيون"، مشيرا إلى أن "عدداً كبيراً" من القتلى سقطوا جراء هجوم جماعة الحوثي "وليس هناك إحصائية محددة لعددهم بسبب ظروف استمرار المعارك". واتهم لجنة الوساطة الرئاسية، الموجودة منذ الأسبوع الماضي في مدينة صعدة، بالفشل في القيام بواجبها في وقف الصراع، وإعلان الطرف المنتهك لاتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه برعاية الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي. وناشد ناشد الشرعبي الرئيس هادي والحكومة الانتقالية التدخل السريع لوقف "عدوان" جماعة الحوثي، والسماح بدخول الطواقم الطبية لنقل الجرحى. وبحثت لجنة الوساطة الرئاسية، أمس، مع محافظ صعدة، فارس مناع، الذي نصبته جماعة الحوثي في هذا المنصب في أبريل 2011، "السبل الكفيلة لتهدئة الوضع في دماج ووقف إطلاق النار وإيقاف نزيف الدم والدمار المترتب على ذلك"، حسبما أفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ". ودعت اللجنة الرئاسية جميع الأطراف إلى "التعاون في حفظ الأمن والاستقرار، والحفاظ على السكينة العامة والتعايش السلمي وتغليب المصلحة العامة والرجوع لطاولة (مؤتمر) الحوار" الوطني المنعقد في صنعاء منذ 18 مارس الماضي، ويضم ممثلين عن الجماعتين الدينيتين المتصارعتين. وتبادل ممثلو هاتين الجماعتين في مؤتمر الحوار، أمس، الاتهامات فيما بينهم بشأن المعارك الدائرة في "دماج". وأعلن ممثلو حزب الرشاد السلفي، وعددهم أربعة من أصل 565 عضوا، تعليق مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني احتجاجا على قصف بلدة "دماج". وقالوا في بيان :"نعلن تعليق المشاركة في المؤتمر لبقية هذا الأسبوع وندعو أعضاء المؤتمر إلى تعليق أعمالهم هذا اليوم صيانة للدماء وإيقافاً لهذه الحرب الظالمة"، متهمين جماعة الحوثي بفرض حصار على بلدة "دماج" منذ أكثر من شهر، فضلا عن ارتكاب "الجرائم والاعتداءات التي استخدمت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مما أدى إلى قتل وجرح العشرات". وقال أحد ممثلي حزب الرشاد في مؤتمر الحوار، لقناة تلفزيونية محلية، :"ندين الحرب التي تجري على دماج من قبل جماعة الحوثي، إما أن نتحاور، وإلا فلا داعي لهذه المسرحية. نجلس على طاولة الحوار وهم (الحوثيون) يقصفون ويقتلون ويدمرون". بدورهم، أصدر ممثلو جماعة الحوثي في الحوار الوطني، وعددهم 35، بياناً طالبوا فيه بكشف ملابسات الصراع في "دماج". وحملت جماعة الحوثي، التي تطلق على نفسها اسم "أنصار الله"، الجماعة السلفية مسؤولية المعارك الدائرة في "دماج"، بعد أن اتهمتها بالتحريض على قتل أتباعها في صعدة. وقال علي البخيتي، وهو أحد ممثلي الجماعة الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني، :"الحالة في دماج دفاع عن النفس يمارسها أنصار الله تجاه الفتوى التكفيرية التي يصدرها مشايخ الجماعة السلفية" الذين اتهمهم أيضاً باستقدام من وصفهم ب"عناصر مسلحة تكفيرية" إلى بلدة "دماج" من أجل "زعزعة الأمن والاستقرار في صعدة". وطالب البخيتي الدولة ولجنة الوساطة الرئاسية بإعلان الطرف المتسبب بإفشال جهود التهدئة، واصفا المركز الديني السلفي في "دماج"، بأنه "معسكر"، وإن تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي في محافظة صعدة ذات الأغلبية الزيدية الشيعية، هدفه إقلاق السلم الاجتماعي. وكان "الحوثيون" الشيعة انضموا في 2011 إلى التحالف السياسي والقبلي الذي قاده الجنرال الأحمر خلال الانتفاضة ضد صالح، وضم أحزاب المعارضة آنذاك، أبرزها حزب "الإصلاح" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين السنية. وقال الشيخ حسين الأحمر، وهو شقيق زعيم قبيلة "حاشد" يقود حزبا سياسيا حديث النشأة، أمس الأربعاء في تصريحات صحفية منسوبة إليه، إن "الحوثي والعنصرية المذهبية رأس الفتنة" في اليمن، متهما "الحوثيين" بالسعي إلى هدم "الدولة الحديثة" التي نادى بها معارضو الرئيس السابق أثناء انتفاضتهم قبل عامين. الحكومة تدعو إلى الوقف الفوري للمواجهات صنعاء (الاتحاد) - دعت الحكومة الانتقالية، في اجتماعها الاعتيادي أمس في صنعاء، "الحوثيين" والسلفيين إلى "الوقف الفوري للمواجهات وكل أعمال العنف"، وحثتهما على "الاحتكام إلى العقل والمنطق وتغليب لغة الحوار لحل أي إشكالات أو قضايا خلافية". وأكدت الحكومة الانتقالية على ضرورة "وقوف الجميع صفا واحدا ضد المخاطر التي تهدد الوطن ونسيجه الاجتماعي وتستبيح إراقة الدماء التي حرمها الله"، محذرة من "الانجرار للفتن الطائفية أو المذهبية والتي تقوض فرص الاستقرار وتؤثر سلبا على الحوار الوطني الشامل". وشددت الحكومة على ضرورة قيام لجنة الوساطة الرئاسية في صعدة "باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالوقف الفوري لإطلاق النار بين الطرفين، وإخلاء المواقع والنقاط المستحدثة وإحلال وحدات عسكرية بدلا عنها".