لا أظن أن مشكلة تستعصي سنين طويلة على دول وليس أفراداً مثل مشكلة القبائل النازحة، أو كما تسمى رسمياً "البدون" في دول الخليج العربي؛ إذ كانوا يرحلون بين أماكن العشب والرعي، وكانت مشكلة ترسيم الحدود سبباً في تعليق منح الجنسية لهم؛ إذ يتنقلون بلا حدود، والآن رُسّمت الحدود! ووثقت الإحصاءات، وقامت الدول. فإهمال الاحتياجات والحقوق الأساسية والإنسانية لتلك الفئة يساهم في زيادة معاناتهم من جهة، وتتضخم قضيتهم بصورة مقلقة، ككرة الثلج التي تكبر يوماً بعد يوم. تلك الفئة لها حق التوطن في الأرض التي وُلدوا ونشؤوا فيها. الألم أن يعيش فرد وليس أمامه طموح، ويرى مستقبلاً مظلماً ينتظره! في ظل قيود مكبلة لانطلاقته في الحياة. الدولة هنا منحت أبناء غير السعودي من أم سعودية امتيازات قاربت الجنسية، وقضية البدون تحت الإنهاء تأخرت كثيراً. وطننا - ولله الحمد - كبير وواسع، وقلوب مواطنيه ومسؤوليه أوسع، والنسيج الاجتماعي مع أسر وقبائل البدون منتظم ومترابط، وكثير من تلك الفئة نشؤوا فوق تراب الوطن، فكيف لا يسعهم! إذا نادى المنادون بحقوق الإنسان فليس أولى من أن يتنادوا لحل قضية البدون. ولن ترى تناقصاً في صورة مثل صورة قصر فاخر وقريب منه بيت من عشش وصنادق الحديد!! العدد القليل لتلك الفئة يساعد على معالجتها بشكل يسير وسريع.. فقط جلسات عمل لأصحاب القرار تأتي بحل سهل. لننظر لمعالجة مزدوجي الجنسية، وأيضاً كيف تعاملت وزارة العمل مع مخالفي الإقامة والعمل وإحصائهم وتصحيح أوضاعهم في وقت وجيز، يعطي تصوراً واضحاً عن إمكانية إحصاء البدون في السعودية، وهم أقل من العمالة الوافدة بالتأكيد، وتوثيق أسمائهم وأوراقهم، ومن ثم تصحيح أوضاعهم. ولعل المقترح الآتي مفيد في المعاجلة: 1. إحصاء العدد، ويكون عن طريق حملة للأحوال المدنية وإمارات المناطق. 2. منحهم جنسية ولو مؤقتة أو درجة ثانية؛ حتى يتم توثيق كل المتطلبات الرسمية. 3. منحهم الجنسية يتماشى مع مطالبات اللجان الحقوقية العالمية التي تشترك في عضويتها السعودية في منح الجنسية. 4. البشر يشتركون في حق التعايش وتبادل الثقافات والاشتراك على السكن على الأرض، فكيف بإخوان لنا في العقيدة والعرق العربي والتراب الواحد والثقافة الواحدة!! وفي حالة تعليق مشكلتهم فيمكن البدء بخطوات تخفف معاناتهم، مثل: 1- رفع المنع عنهم فيما يتعلق بالتوظيف الحكومي والدراسة في التعليم العام والعالي كابن المواطن تماماً. 2- تغطية المحتاجين منهم بالضمان الاجتماعي، ومنح من أراد قروض البناء والتسليف. 3- السماح لتلك الفئة بالاستثمار، وفتح رخص التجارة. 4- منحهم جوازات سفر مؤقتة ومحددة بتأشيرات تنتهي بنهاية السفر. أتمنى أن نرى الوطن يتسع لهذه الفئة المستحقة، وهم جنود للوطن من قبل ومن بعد. زاد الله وطننا ألفة وحباً وتودداً وتماسكاً.