(مشهد 1 - مكان ما في بلادنا) * السابعة صباحًا.. تتهادى السيارة حتى تقف عند محطة البنزين.. عامل المحطة الآسيوي يغالب النعاس والبرد بجوار ماكينة الضخ.. الأب (المتعلم جدًّا)، و(المتواضع جدًّا جدًّا) يطلق (بوري) السيارة بشكل مزعج، بالتزامن مع سيل الشتائم الذي انطلق من بين شفتيه نحو العامل (نصف النائم)! لحسن حظ العامل أنه لم يسمع شيئًا، لكن الأطفال الذين يرقبون المشهد بكل تفاصيله من خلف زجاج السيارة يسمعون ويوثّقون كل شيء!! ودون أن يكلف الأب (القدوة) نفسه إنزال الزجاج والتحدث مع العامل بإنسانية، يشير له بعجرفة أن يملأ خزان الوقود.. الأطفال مازالوا يتابعون الدرس المبكر.. إنها الحصة الأولى في يومهم، قبل أن تبدأ حصص مدرستهم.. يرقب الأطفال العامل وهو يشير بيديه لأبيهم بقيمة البنزين.. وبكل غطرسة يخرج الأب النقود، ويلقيها عليه من فتحة صغيرة في نافذة السيارة، ثم ينطلق دون أن ينبس ببنت شفة! * المشهد بكل تفاصيله وتداعياته ينطبع في نفوس وعقول الأطفال! (مشهد 2 - محاضرة بعنوان: لماذا نفتقد ثقافتي الشكر والاعتذار؟!) * الأب (بطل المشهد رقم 1) يقف أمام الحضور، ووسائل الإعلام ليقول (بعين قوية): للأسف كثير منا يفتقد بشكل واضح لثقافتي الشكر والاعتذار! مجتمعنا يعاني خللاً أخلاقيًّا خطيرًا، فمعظم تعاملاتنا متطرفة، فإمّا أنها تتسم بالبرود الشديد، أو بالفظاظة و(الجلافة) التي أزعم أنها لم تغادر شخصية العربي منذ جاهليته.. إنها تحرفه عن طريق الرقي الإنساني لتبقيه دومًا في دوائر الغرور والفوقية! * يضيف الأب: إذا غابت ثقافة الشكر بين الناس لن يأبه أحد أن يقدم الخير لآخر.. وفي لهجة آمرة يقول: إن توجيه كلمات لطيفة لعامل بسيط عمل إنساني، فقد يكون بحاجة لكلمة شكر أكثر من حاجته ل(البخشيش)!! (تصفيق حاد يملأ القاعة). * الأب مختتمًا محاضرته القيّمة: إن كلمات بسيطة مثل صباح الخير.. شكرًا.. لو سمحت.. آسف.. لها مفعول السحر في النفوس.. لذا أرجوكم اغرسوا في أبنائكم ثقافة الاعتذار والمحبة والشكر، فمجتمعنا بحاجة لهذه الثقافة!! * فجأة (ووسط التصفيق الحاد) يستقبل جواله رسالة من المدرسة: "نرجو حضوركم للمدرسة غدًا.. ابنكم تعدَّى على عامل المدرسة بالضرب والشتم"!! (مشهد 3 - مقهى صغير في أحد شوارع روما - إيطاليا) * رغم لطف الناس هنا.. إلاَّ أن صاحب المقهى (الذي لا يدّعي المعرفة، ولا يجيد التنظير، ولا يثرثر كل يوم عن الأخلاق) يضع قائمة أسعار القهوة كالتالي: - فنجان قهوة = 3 يورو. - فنجان قهوة.. لو سمحت = 2 يورو. - صباح الخير.. فنجان قهوة.. لو سمحت = 1 يورو. (مشهد أخير - تخريجة) الأخلاق سلوكيات نتعلمها بالممارسة العملية، وبالقدوة الحسنة، لا بالخطب والمواعظ الخرقاء!. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain