أتساءل باستمرار : ما الذي تعكف عليه وزارة التربية والتعليم لتطلّ على طلابنا وطالباتنا بخطة جديدة تختلف عن تلك التي لا تتم إلا بالجدولة المكررة للحصص المدرسية والخطط المنهجية البطيئة والأسلوب النظري في إيصال المعلومات علمية كانت أو أدبية؟. ترى هل تحمل خطة العام الجديد إنصافاً للطلاب والطالبات من هذا التهميش الفكري والمعنوي والتربوي.. هل ستشجع المبدعين والمبدعات عن طريق إقامة مسابقات ثقافية وعلمية ودينية على مستوى المحافظات ودعم المتفوقين بفرص إضافية لتطوير ذواتهم.. هل ستدعم أصحاب الاحتياجات الخاصة والذين يدخل الفقراء المعدمون ضمنهم في قائمة واحدة- في نظري – , هل ستوجه الوزارة مدراء ومديرات المدارس بضرورة تقدير أصحاب الظروف الاستثنائية للالتحاق بسلك التعليم.. هل سيكون هناك خطة تربوية حريصة على إخراج جيل متمسك بقيمه الدينية والوطنية قادر على تمييز الصح والخطأ ؟!.. كنت أتساءل عن أهمية القدوة.. وهل كان هؤلاء المعلمون والمعلمات قدوة صالحة لأبنائنا في أعوام ماضية.. في نظري العملية التربوية برمتها لم تعد إلا روتيناً مفروضاً على طلابنا ومدارسنا بكوادرها وحتى المسئولين عنها والذين يكتفون غالباً بقص الشريط لكنهم لا يهتمون بما وراء الكواليس التربوية ولا يقدرون قيمة العقليات الفذة ولا يضربون على أيدي العابثين بمسار التعليم في بلادنا . أحترق كمداً حين أجد في طريقي بعض الجامعيين الذين لا يستطيعون كتابة خمس جمل بدون أخطاء إملائية , كيف تعدى هؤلاء مراحلهم الأساسية.. ما الذي جنوه من التعليم .. وإذا لم يعمل التعليم على تنوير عقليات الطلاب والطالبات وتبصيرهم بحقائق الكون والحياة من حولهم وجعلهم أقدر على تحمل المسئولية الفردية والجماعية على السواء فما الفائدة منه إذاً.. ؟!! هذه البلادة التي تحمل هذا الجيل على الإيمان بالرشوة والمحسوبية والخيانة وإهدار حقوق الناس هل هي وليدة الأسلوب الروتيني الذي يتلقاه طلابنا والذي يفتقد لتفعيل الجانب النظري عملياً على أرض الواقع ؟!! نعم بالتأكيد وأنا لا أدعو وزارة التربية إلى عمل خطة خمسية تتتبع فيها سيرة حياة طلابها بعد أن يصبحوا أفراداً عاملين في سوق الحياة ولكني أدعوها إلى محاولة غرس الفضيلة أولاً.. إذ لا ثمار بلا بذور.. ومن هنا تأتي أهمية غرس القيم بصرامة لدى طلابنا وطالباتنا.. فما المانع مثلاً من قبل الوزارة بتخصيص وقت كافٍ لأداء صلاة الظهر في المدرسة يكون فيها المعلمون والمعلمات أئمة ويكون فيها طلابنا وطالباتنا مأمومين.. هل تعلمون ما الذي سيحدث عندها.. الذي سيحدث أن هذا الإمام لن يلتفت بعد الصلاة ليلعن ويتلفظ أمام طلابه ألفاظاً نابية تخدش الحياء.. لن يطلب “حق القات” من طلابه أثناء أداء الامتحانات.. لن يفرق في المعاملة بين ابن الوزير وابن الفقير.. وستنهاه صلاته بهذا الشكل الروحاني مع طلابه أن يظلم أو يزيد أو يخصم.. أما الطلاب فلن يعودوا إلى منازلهم ساخطين على أولياء أمورهم لن يتسللوا خلسةً ليتخطوا أسوار المدرسة ويحرقوا صدورهم بأصابع السجار اللعين.. لن تكون هناك شللية فاسدة تصل جرأتها إلى تحطيم زجاج المدارس لإيصال أوراق الغش إلى أقرانهم الأكثر فساداً منهم .. ستصبح الطالبات أكثر حرصاً على أنفسهن وأكثر خوفاً من الله وربما سيراقبن أنفسهن بخوف بين يدي إعلام لم يترك درساً في القذارة إلا وكتب رؤوس أقلامه على سبورته الفضية.. ستصبح حمامات المدرسة أكثر نظافة لأنها ستستخدم للوضوء والكل حريص على أن يخرج منها متوضئاً بالوقار والنور قبل الماء.. سيصبح عطاء المعلمين والمعلمات أكبر وأقرب خوفاً من الله وسينظر طلابنا وطالباتنا للمدرسة كقبلة للعلم والخير والإحسان وإتقان العمل , والأمر لايكلف الكثير فكم من الحصص يقضيها الطلاب بلا معلمين لأي سبب كان وكم من الحصص تمر هباءً خلال العام لإجراء تحضيرات لاتخدم مصالح الطلاب والطالبات بل تحقق مصالح بعض المدراء والمديرات ممن يبحثون في أكوام الأحداث التي يمر بها الوطن عن مقاعد شاغرة تحتوي نهمهم ورغبتهم في أكل جهد الآخرين..ينبغي أن نبحث عن التغيير والتطوير في مناهجنا التربوية والتعليمية معاً , إذ كيف نحقق معنى القدوة المحمدية والمدرسة النبوية وبيوتنا خالية من قدوات صالحة ومدارسنا خاوية من فضائل الأمور ومعاليها؟! لن يتغير الجيل إلا بتغيير الأداء والسعي الحثيث إلى التطبيق الفعلي لما نقرأه ونكتبه وإلا سيبقى شبابنا بهذا الشكل الحالي لايدرك قيمة الانتماء للدين والوطن ولايقدر قيم الجمال والتذوق ولايحظى برضا الوالدين لأنه لايستطيع استشعار برّهما. أرجوكم دعونا نبدأ صفحة جديدة في مجال التعليم نحقق منها الغاية من وجود المعلم ونعطي المدرسة وظيفتها الحقيقية ونبدع في غرس الفضيلة حتى نتذوق ثمار الخير والعطاء غداً بأنفسنا حين يصبح هؤلاء الطلاب والطالبات آباءً وأمهات مسئولين عن أجيال جديدة بين أيديهم يتلقون الفضيلة كوجبة كاملة لا كملعقة دواء لايخلو من أضرار جانبية.