أكد الدكتور محفوظ عبدالحميد المحاضر في القانون الجنائي الدولي أن معايير العدالة بالمحاكم الجنائية الدولية تتمثل في أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بموجب حكم قضائي نهائي، وأضاف محفوظ: «من هذا المنطلق يُعدُّ المتهم محمد مرسي -طبقًا للقانون الجنائي الدولي والمصري- يتمتع بالبراءة حتى صدور حكم قضائي على خلاف ذلك». وقال في تصريحات ل»المدينة» إن هناك شروطًا يجب توافرها في مثل هذه المحاكمات، فلابد أن يحاكم المتهم أمام قاضيه الطبيعي والمقصود بالقاضي الطبيعي طبقًا للاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية: أولاً: أن يحاكم المتهم أمام محكمة جنائية عادية مختصة ومنشأة بموجب قانون. ومن ثم، لا يعتد بالمحاكم العسكرية أو المحاكم الاستثنائية أو محاكم أمن الدولة. فإذا طبقنا ذلك على المتهم محمد مرسي، وجدنا أنه تمت محاكمته أمام محكمة جنائية عادية مختصة «فمحكمة الجنايات المصرية» منشأة بموجب قانون السلطة القضائية، ومثله في ذلك مثل المتهمين الذين يحاكمون أمام هذه المحكمة عن جرائم من ذات الطبيعة المماثلة كجرائم القتل العمد، أو التعذيب والضرب عن عمد. ثانيًا: الالتزام بأن تشكل المحكمة الجنائية العادية المختصة من عناصر قضائية بحتة. أي من قضاه يتم تعيينهم وفقاً لقانون السلطة القضائية، على أن يكونوا غير قابلين للعزل وغير تابعين لسلطة ما، يتمتعون بالاستقلال، لا سلطان عليهم إلاّ لضميرهم. من هنا قد تبين لكل المتابع من القانونيين للمحكمة الجنائية التى يحاكم أمامها المتهم محمد مرسي الرئيس السابق، أنها تتشكل من قضاة توافرت فيهم كل الشروط سالفة البيان. لذا فحقوق المتهم محمد مرسي الرئيس المعزول السابق توفرت له أمام تلك المحكمة بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، ومن تلك الضمانات أيضًا: أ الحق فى محاكمة علنية. ب- أن يبلغ فورًا وتفصيلاً بطبيعة التهمة الموجهة إليه ومضمونها بلغة يفهمها تمامًا ويتكلمها. ج إتاحة ما يكفى له من الوقت والتسهيلات لتحضير دفاعه، وللتشاور بحرية مع محامٍ من اختياره، وذلك في جو من السرية. د أن يحاكم دون أي تأخير لا موجب له. ه استجواب شهود الإثبات بنفسه، أو بواسطة آخرين، كما يكفل له حضور واستجواب شهود النفي بنفس الشروط المتعلقة بشهود الإثبات. ز ألاّ يجبر على الشهادة ضد نفسه، أو على الاعتراف بالجرم، وأن يلزم الصمت في الاعتبار لدى الحكم بالإدانة أو البراءة. ح الاستعانة بمحامٍ واحدٍ أو أكثر، إذا كان معوزًا يجب على المحكمة أن تعيّن له محاميًا على نفقة الدولة. ط مبدأ حق التقاضي على درجتين. ويعنى هذا المبدأ أنه في حالة صدور حكم بالإدانة من محكمة الجنايات على المتهم محمد مرسي، فإنه يكون له الحق في الطعن على حكم الإدانة أمام محكمة النقض. وقال إن المادة 27/2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التى تم إنشائها بموجب اتفاقية روما عام 1998 الكائن مقرها بمدينة لاهاي بهولندا تنص على: «اسقاط الحصانات التي يتمتع بها الشخص، سواء كان رئيسًا لدولة أو حكومة، ويجوز إسقاطها من قبل قضاة المحاكمة؛ لممارسة المحكمة اختصاصها في الحكم بالقضايا التي تنظرها هيئة المحكمة على هذا الشخص». مضيفًا تلك المادة تثير إشكالية حصانة رئيس الدولة. ومن ثم، فإذا تمسك المتهم محمد مرسي أمام محكمة الجنايات بحصانته كرئيس للجمهورية، وكذلك رفضه توكيل محامٍ للدفاع عنه، هي محاولة فاشلة لإبطال إجراءات المحاكمة، لعل هذا الأمر أوجب على المحكمة أن تقضي في موضوع الحصانة، ممّا يضطرها لأن تلجأ في سبيل ذلك للعرف الدولي، كذلك القانون الجنائي الدولي الذي لا يعترف بحصانات قانونية في حالة ارتكاب جرائم من أنواع التعذيب والقتل العمد. فبالنسبة للحصانة ربما قد تلجأ المحكمة لتفنيد هذا الدفع بالقول بأن الغرض من هذه الحصانة هو حماية رئيس الدولة من التدخل في أعمال السيادة، أو تهديدها بسيف القانون، ذلك مع مراعاة أن أعمال السيادة لا يتصوّر أن تتضمن السماح لرئيس الجمهورية بارتكاب جرائم. رابعًا: أن تكون الجرائم المنسوبة للمتهم محمد مرسي منصوصًا عليها فى قانون العقوبات، استنادًا لمبدأ الشرعية الجنائية بشقيه: «لا جريمةَ إلاّ بنصٍّ ولا عقوبةَ إلاّ بنصِّ»، وقد نسب إلى الرئيس السابق محمد مرسي جرائم القتل، والتعذيب، والضرب، والجرح عن عمد. وأكد د. محفوظ خبير القانون الدولي في ضوء المتقدم أن معظم الخبراء القانونيين يرون أن محاكمة المتّهم محمد مرسي تتفق مع معايير العدالة الجنائية الدولية، التي تكفل له ضمانات المحاكمة العادلة المنصفة، طبقًا للقانون الجنائي الدولى. ومن ثم فإن المتهم محمد مرسي -في ظل تلك الضمانات بالمعايير الدولية لا يملك الحق بالزعم من أي أضرار تتعلق بتلك المحاكمة، أو الاعتراض عليها، أو المطالبة بالاستئناف سواء على المستوى المحلى أو الإقليمي أو الدولى. حيث لا يستطيع الادّعاء أو التلاعب بذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية ب لاهاي. أمّا السبب الهام الذي لعله يفاجئ القرّاء ويفجّر حقيقة غائبة عن الرأي العام، فهو أن جمهورية مصر العربية ليست طرفًا في الاتفاقية الدولية التي أبرمت بروما عام 1998، والتي بموجب تلك الاتفاقية تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.. وممّا تجب الإشارة إليه أن محاكمة محمد مرسي بهذا النحو السالف تختلف اختلافًا كليًّا عن محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين، التي كانت تفتقد كافة معايير العدالة الجنائية الدولية، وأمريكا الموقعة على الاتفاقيات الدولية والمعلنة بكافة المحافل الرعاية لها ولتنفيذها لم تكفل للرئيس العراقي السابق صدام حسين معايير محاكمة منصفة وعادلة.