أبو حليقة: بعض نصوص الاتفاقية الدولية عائمة .. والمصادقة عليها يتعارض مع النصوص القانونية الوطنية لمعظم الدول العربية تحفظات يراها البعض هامشية ويراها آخرون انحيازاً للدستور والقانون - لقاءات/صلاح صالح ..بعد أكثر من نصف قرن على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لم تصل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، إلى توفير الآليات الفعالة لبلوغ الأهداف المنشودة من الإعلان والمواثيق الأخرى، حيث المعروف أن الآليات المعتمدة لاتتعدى إعداد تقارير ومناقشتها وإصدار التوصيات بشأنها، وهو ما أدى لأن يمثل هذا الخلل مصدراً للقلق للعديد من النشطاء في مجال حقوق الإنسان والذين سعوا إلى إصلاح النظام المعمول به في إطار هيئة الأمم المتحدة وجعله أكثر فعالية وتجاوباً مع مطامح الشعوب إلى الحرية والعدالة والحكومات الرشيدة، وفي هذا السياق برزت المطالبة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية كأحد أهم المطالب لتوفير الآليات والضمانات الكفيلة بالوقاية من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبيها والمسئولين عنها ومعاقبتهم. وهنا تبرز استفسارات عديدة ،عن أهمية هذه المحكمة والأسس التي تقوم عليها وصلاحياتها وموقف المجلس التشريعي في بلادنا تجاه المصادقة على البروتوكول المنظم لها والتحفظات الأساسية حيالها إضافة إلى استقراء الآفاق المستقبلية كان هذا الاستطلاع. ضرورات حماية البشرية د/محمد المخلافي رئيس المرصد اليمني لحقوق الإنسان يتحدث حول أهمية المحكمة الجنائية الدولية قائلاً: المحكمة الجنائية الدولية أوجدتها ضرورات حماية البشرية من جرائم الابادة البشرية بالدرجة الأولى والمتمثلة بجرائم الحرب والجرائم الجسيمة في مجال حقوق الإنسان والتي تقوم على سياسات تعتمد على العنف وإبادة جنس معين أو جماعات سياسية أو اقتصادية أو دينية أو عرقية معينة،وهذه المحكمة تم إيجادها وجرى توافق عالمي حولها، وهي تشكل للبلدان الضعيفة جزءاً من عوامل الردع لارتكاب جرائم ضدها أو ضد مواطنيها. تساؤل د/محمد المخلافي أضاف قائلاً: من المعلوم أن الدول التي تعارض هذه المحكمة والتصديق عليها هي الدول التي تقوم بحروب عدوانية وتمارس أفعالاً تصنف ضمن جرائم الحروب مثل الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وبالتالي يغدو طبيعياً ومنطقياً،عدم موافقتها وعدم تحرجها من الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية والمصادقة على نظامها الأساسي، أما اليمن فمن المفترض أن تصادق على هذا النظام،حيث سبق أن وقعت على هذه الاتفاقية وأقرتها الحكومة، لذا يفترض أن يناقشها مجلس النواب للمصادقة عليها ونأمل أن يحصل ذلك قريباً. جهاز عالمي الأخ/شوقي عبدالرقيب القاضي عضو لجنة الحقوق والحريات بمجلس النواب تحدث من جانبه قائلاً: تعتبر المحكمة الجنائية الدولية من الأجهزة التي توصل إليها المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان من أشد الجرائم الدولية التي ترتكب بحق الإنسانية، وقد أدت بشاعة جرائم الحروب والإبادة الجماعية والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية خاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي إلى التفكير الجاد في إيقاف تلك الجرائم وملاحقة مرتكبيها وإيقاع العقاب عليهم، فاتخذت في إطار ذلك جملة من الإجراءات والقرارات والاتفاقيات، لعل أهمها اتفاقيات جنيف لعام 1949م،والتي على الرغم من أنها جاءت تحظر الانتهاكات الجسيمة وتجرمها وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات تشريعية لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة للاتفاقية،إلا أنها لم تنص على عقوبة وآلية محددة لردع أولئك المجرمين، بل تركت الأمر للدول ،تمنع تلك الانتهاكات وتعاقب مرتكبيها وفقاً للحيثيات والظروف المصاحبة كل على حدة، ومع أن القانون الجنائي أو قانون العقوبات لأي دولة لايطبق إلا على المجرمين من مواطنيها أو على جرائم أرتكبت في أراضيها، إلا أن «عالمية القضاء» تستلزم ملاحقة منتهكي القانون الدولي الإنساني ومرتكبي الجرائم الدولية وفي مقدمتها جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسياتهم وجنسيات ضحاياهم أو المكان الذي أرتكبوا فيه جرائمهم. دواء ناجع ويضيف القاضي: ومن هنا فإن أنجع دواء في مكافحة الجرائم الدولية والحد من انتشارها والتخفيف من ويلاتها وآثارها المدمرة،هو التعاون القضائي الدولي المتمثل في إلتزام أطراف المجتمع الدولي في تتبع الجرائم الدولية ومحاكمة مرتكبيها وتوقيع العقوبات الرادعة عليهم، حماية لإنسانية الإنسان وصوناً لحقوقه وكرامته من الهتك والإهانة وتوطيداً للتعاون بين الشعوب وتعزيزاً للأمن والسلم الدوليين. أهداف جزئية وزاد القاضي بالقول: وعلى هذا الصعيد أنشئت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة عام 1993م لمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة،والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994م لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في رواندا،وسواء كانوا منفذين لتلك الجرائم أو آمرين بارتكابها، وقد حققت المحكمتان شيئاً من أهدافهما رغم ما وجه إليهما من نقد وتشكيك في قانونيتهما واستقلالهما ونزاهتهما كونهما انشئتا بقرار من مجلس الأمن الذي تهيمن عليه قوى كبرى. موقف هش وموقف عدم المصادقة من قبل الدول العربية،موقف هش، واستطيع أن ازعم بأنه فقط عبارة عن تنفيذ لرغبة أمريكية في تأخير المصادقة على الاتفاقية،ظناً منها أنها ستوقف العمل بنظام روما الأساسي، مع العلم بأنه قبل أشهر أتمت «100» دولة المصادقة على نظام روما الأساسي وبالتالي دخلت حيز التنفيذ بمصادقة «60» دولة فما ظنك ب «100» دولة. آراء غير مقنعة وأضاف القاضي:نحن ألتقينا بالاخوة في أكثر من جهة معنية، فما استطاعوا أن يعطونا رأياً مقنعاً بوجود أي تعارض مابين نظام روما الأساسي وبين القانون المحلي والوطني، وللأسف فإنه عندما قدمت الاتفاقية إلى مجلس النواب وتم إحالتها إلى اللجنة الدستورية والقانونية بالمجلس،أختلف أعضاء اللجنة ،فصدر تقرير اللجنة الدستورية غير متفق عليه مطلقاً، رغم أن هناك رأياً قوىاً جداً في اللجنة يرى بالدفع إلى طريق المصادقة. مباهاة الأخ/نبيل الباشا عضو لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب تحدث قائلاً: مجلس النواب قام بالتوقيع من حيث المبدأ على نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، كما تم عقد مؤتمر صنعاء للديمقراطيات ومحكمة الجنايات الدولية في صنعاء والذي كان برعاية كريمة من رئيس الجمهورية،ومن خلال هذا المؤتمر تبوأت بلادنا مكانة كبيرة نتيجة انضمامها لهذه الاتفاقية، ولكن مع الأسف أن إجراءات التصديق سارت بعد ذلك ببطء لايتناسب مع الخطوات التي تم البدء بها. وأضاف الباشا: ومع ذلك نحن نتمنى أن تكون قضية المصادقة على الاتفاقية من أولويات جدول أعمال المجلس في الفترة القادمة، وخصوصاً أن الحكومة عندما طرحت مخاوف من أن هذه الاتفاقية ربما قد يكون فيها مساس بالسيادة، تم التأكيد بأنه ليس هناك أي تناقض بين هذه الاتفاقية وبين دستور الجمهورية اليمنية. لا داعي للتحفظ والمخاوف ويواصل الباشا القول: وحقيقة نحن في الجمهورية اليمنية دولة ديمقراطية ولايوجد داخل الجمهورية اليمنية أي جرائم من الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، وبالتالي لا داعي لأي تحفظ أو مخاوف، حيث أن هذه الاتفاقية تحمي الدول الصغيرة من الدول الكبيرة،وإذا استطاع العالم أن يخرج هذه الاتفاقية إلى مرحلة التنفيذ فهو تقدم كبير للحد من سطوة الدول الراغبة في الهيمنة على العالم، ومن الجرائم التي تنتج عن ممارستها للعدوان. لذا فأنا أعتبر بأن الموافقة وسرعة التصديق على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية من قبل اليمن سيكون إسهاماً كبيراً في إرساء أسس العدالة الدولية. آلية دولية مهمة أما المحامية/نبيلة محمد المفتي عضو مجلس نقابة المحاميين مسئول الحقوق والحريات بفرع صنعاء والناشطة في مجال حقوق الإنسان وحقوق النساء، فقالت: المحكمة الجنائية الدولية آلية دولية مهمة خصوصاً مع جرائم الحرب المتكررة ووجود قوة وحيدة في العالم تتحكم به، وبالنسبة لنا في الوطن العربي أصبحت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، جرائم قائمة ومشاهدة يومياً، وبالتالي أصبح المصادقة على هذا النظام، نظام روما الأساسي وتفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية ضرورة لخدمة الوطن العربي أكثر من غيره، وهو مايفرض أن يكون هناك جدية لدى الحكومات وخاصة العربية في المصادقة على هذا النظام وهذه الاتفاقية. مسألة واهية أما الدكتور/صلاح الدين هداش أستاذ جامعي لمادة القانون الدولي الإنساني وناشط في مجال حقوق الإنسان فقال: أي دولة صادقت على أي اتفاقية من اتفاقيات حقوق الإنسان فهي ملزمة بها. والقضاء اليمني قضاء تتوفر فيه جميع عناصر تطبيق هذه المحكمة،لكن بشرط توفير الأشخاص المناسبين من القضاة وجهاز قضائي غير مشكوك بعدالته، وبذلك يمكن تجاوز مسألة نقل المحاكمة إلى محكمة دولية خارج البلد، ثم أنني لايهمني من يحاكمني ولكن يهمني كفاءة من يحاكمني، وبالتالي فما سبق يدفعنا كيمنيين إلى تحسين نظامنا القضائي قبل الانضمام والتصديق على تلك الاتفاقية، ليس بهدف تطبيق نصوصها ولكن لتطبيق العدالة الإنسانية. أحرف أولى الأخ/علي أبو حليقة رئيس اللجنة القانونية الدستورية بمجلس النواب عضو البرلمان العربي ابتدأ حديثه حول الاتفاقية بالقول:- فيما يتعلق بهذه الاتفاقية، فهي وصلت إلى مجلس النواب بعد أن وقفت الحكومة أمامها وحضر مندوب الحكومة ووقع بالأحرف الأولى على هذه الاتفاقية والتي يفترض أن تستكمل إجراءاتها الدستورية بمصادقة مجلس النواب عليها. وحول مناقشة هذه الاتفاقية باللجنة القانونية الدستورية المختصة قال أبو حليقة:- نحن في اللجنة الدستورية والقانونية قمنا بعدد من الإجراءات الممهدة للعملية،منها الدعوة لندوة موسعة لمختلف الأحزاب السياسية والأكاديميين والقانونيين، بالاشتراك مع منظمة الصليب الأحمر الدولي وذلك للوقوف أمام هذه الاتفاقية ومناقشتها ودراسة محتواها والخروج برؤية وطنية حولها، فعقدت هذه الندوة تحت قبة البرلمان وخرجنا بعدد من التوصيات الإيجابية. إضافة لذلك فنحن في مجلس النواب قمنا بتحرير رسالة إلى إتحاد البرلمانيين العرب في حينه وإلى الجامعة العربية وطالبنا بضرورة الدعوة لاجتماع للجان الشئون الدستورية والقانونية في البرلمانات العربية للوقوف أمام بنود هذه الاتفاقية باتجاة موحد مع بقية الدول العربية. تعارضات وأضاف أبو حليقة:- عندما قامت لجنة الشئون القانونية الدستورية بمناقشة هذه الاتفاقية من النواحي القانونية والدستورية وجدنا أن هناك مواد تتعارض صراحة مع نصوص دستورية متعلقة بأهم الأسس التي لاتراعي سيادة البلد ولاتراعي مبدأ عدم تسليم المواطنين إضافة لعدم المراعاة لحصانات الأشخاص، ونحن حقيقة بعد أن تمحصنا الجوانب الدستورية والقانونية وجدنا أن هناك تعارضاً واضحاً وقد تمس هذه الاتفاقية إذا ماتم المصادقة عليها ودخلت حيز التنفيذ، سيادة اليمن أيضاً هذه الاتفاقية لاتضع قيداً مانعاً لتسليم المواطنين بل أتاحت تسليمهم والدستور اليمني يحرم تسليم المواطنين لأي سلطة أجنبية بجانب أن اليمن دولة مستقلة ذات سيادة، وفيما يتعلق بالحصانة فنصوص الاتفاقية لاتضع لها أي اعتبار يتعلق بحصانة الأشخاص أياً كان الأشخاص وعلى مختلف مستوياتهم وهي نصوص صريحة، وفي الواقع نحن مترددون رغم قناعاتنا الشخصية بالمصادقة على هذه الاتفاقية لكن وجدنا أنفسنا أمام نصوص دستورية قد نخترقها وقد نهدر هذه النصوص ونكون محاسبين أمام المجلس وأمام الوطن. لم نهرول وزاد أبو حليقة على ماسبق بالقول: بعد أن وقفنا هذه الوقفة قدمنا تقريراً لمجلس النواب، كان موضوعياً وتضمن الكثير من التحليلات القانونية والعملية، وتأسينا بكثير من الدول وحتى الأوروبية التي وقفت إزاء هذه الاتفاقية، فمن تلك الدول من رفضت هذه الاتفاقية لأنها تتعارض مع دساتيرها وتشريعاتها، ومن تلك الدول من عدلت تشريعاتها ودساتيرها لتتواءم مع بنود هذه الاتفاقية، وبعض الدول رفضت ومنها غالبية الدول العربية، باستثناء الأردن، ونحن حقيقة حاولنا أن لانهرول كثيراً ونهدر سيادتنا الوطنية ونسمح أو نجيز تسليم أي شخص يمني لأي دولة أو سلطة أجنبية، لأن معنى ذلك الإخلال بدستورنا وتشريعاتنا الأساسية. إهدار للسيادة الوطنية ومضى الأخ رئيس اللجنة الدستورية بمجلس النواب إلى القول: الموافقة على الاتفاقية ليست تجاوزاً للسيادة الوطنية بل إن موافقتنا ستتيح الفرصة لأي سلطة أجنبية بإهدار هذه السيادة وإهدار مبدأ رئيسي وهو استقلال وسيادة هذا الوطن، هذا جانب، الجانب الآخر أن هذه الاتفاقية اتفاقية مهمة ومازالت ذات أهمية قصوى، حيث يجب الدخول فيها والمصادقة عليها وبالأخص أن العالم اليوم يحتكم إلى شريعة الغاب ويحتكم للأقوى، فهذه الاتفاقية إذا مافعلت والتفت حولها الدول المصادقة والتي وصلت الآن إلى أكثر من «100» دولة وعملت على تنفيذها حرفياً دون أي مساس بنصوصها أو تدخل من أي دولة، يمكن أن يؤدي لنتيجة ،لكن أقول في ظل الشرعية الموجودة الآن، لانتوقع نجاح هذه الاتفاقية نجاحاً فعلياً ضمن الاتفاقيات الدولية التي ترعاها هيئة الأمم المتحدة، وأقول بأن من يقول بأن هذه الاتفاقية لن تهدر مبدأ السيادة وستراعي الحصانة لأشخاص في أي مستوى كان، فهو ليس مصيباً،حيث الاتفاقية توضح بأنه لايُعتد بحصانة أي سلطة سواءً كانت سلطة سياسية أو إدارية أو حتى مواطن عادي، وإذا كان البعض يقول بأنه لاتعارض بين المصادقة على هذه الاتفاقية وبين السيادة الوطنية وحصانة الأشخاص وعدم تسليمهم إلى سلطة أجنبية،فعلية أن يأتينا بنصوص قانونية، فنحن لدينا نصوص سنؤكد عليها فيما يتعلق بهذه المبادئ الثلاث الرئيسية التي قد تهدر الكثير من استقلالية هذا البلد المتطلع إلى الأفضل، ولذا فالمشكلة قائمة فعلاً بين نصوص هذه الاتفاقية وكثير من النصوص الدستورية والقانونية الوطنية في الكثير من الدول العربية،لذا أقول بأننا لسنا الوحيديين في الوطن العربي إن تريثنا قليلاً في المصادقة. أين الحدود.. لاضوابط وحول التحفظ الوارد بتقليل هذه الاتفاقية من أهمية القضاء الوطني قال أبو حليقة:- نحن وقفنا أمام هذا الموضوع وصحيح بأنه لايحاكم مجرم الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية إلا إذا تقاعس أو تخلى القضاء الوطني عن مسئوليته، لكن لم تحدد ضوابط معينة وأين حدود وصلاحيات القضاء الوطني، إضافة لوجود نصوص في الاتفاقية تتحدث عن جواز مقاضاة المحكمة للشخص المعني «المجرم» في قضية واحدة، حتى لوتم محاكمته أمام القضاء الوطني وانزال عقوبة أخرى على هذا الشخص حتى لوكان قد تم معاقبته أمام محكمة وطنية بطريقة أو بأخرى، ونستطيع بأن نقول بأنه ليس هناك نصوص وضوابط قانونية تحدد مدى صلاحيات القضاء الوطني فقد تقوم أي محكمة في أي قضاء وطني بمحاكمة شخص ما وتصدر عليه العقوبات، ولم توجد نصوص قاطعة في الاتفاقية تشير إلى انتهاء مسئولية المحكمة الجنائية الدولية عند وقوفه أمام القضاء الوطني وصدور حكم عليه سواءً بالبراءة أو الادانة، أي ليس هناك نصوص واضحة تحدد ضوابط ومعايير مسئولية القضاء الوطني وتحدد مسئولية المحكمة الجنائية الدولية، يعني لو حتى حاكمنا أي شخص في أي دولة عربية في إطار القضاء الوطني فيحق للمحكمة الجنائية الدولية أن تأخذ هذا الشخص قهراً من دولته وهذا تعدي على السيادة الوطنية وعلى النظام الوطني، وأن تأخذه بطريقة مباشرة دون الرجوع إلى وزارة العدل ولا للقضاء ولا للنائب العام ولا للجهات المختصة الأخرى، أي من حق المحكمة الجنائية الدولية أن تنزل في صنعاء في أي وقت لتقبض على أي شخص دون أي مانع وهذا أمر خوفنا كثيراً.