كنت أتمنى لو خرج علينا أمين المدينةالمنورة شارحاً وموضحاً بشفافية وصدق أسباب امتناع عمال النظافة عن العمل ،وماذا عمل ومساعدوه من أجل احتواء الأزمة ، بدلاً من خروجهم وهم يحملون المكانس بكامل أناقتهم من أجل الظهور الاعلامي على طريقة (صورني وأنا مدري ) التي استفزت مشاعر أهالي المدينة وألهبت خيالاتهم الساخرة أكثر مما حرضتهم على أي شيء آخر . على أية حال .. سواء تحدث معالي الأمين أم لم يتحدث، فالقضية ليست سراً أصلاً .. فالمواطن الذي يعايش مسلسل مخالفات شركات النظافة منذ أكثر من ثلاثة عقود يعلم جيداً أن السبب الحقيقي لهذه الأزمة- التي لم تسلم منها حتى ساحات المسجد النبوي- ليس في عدم صرف الرواتب كما يشيع البعض .. فالرواتب التي لاتسمن ولا تغني من جوع ( 300-500 ) ريال تتأخر أصلاً لأشهر و أحياناً لسنوات .. لكن السبب الفعلي أن بعض تلك الشركات- التي تحتكر رغم سوئها عقود النظافة منذ سنوات - كانت تتفق (شفهياً طبعاً ) مع أولئك العمال على السماح لهم بمخالفة نظام الإقامة من خلال العمل بعد نهاية دوامهم في أماكن أخرى مثل ( بيع الدخان - غسيل السيارات - حلقة الخضار - المساجد - المدارس ) تعويضا عن رواتبهم المخجلة .. وهي مخالفة صريحة لم تعد ممكنة بعد عملية التصحيح الحالية ، الأمر الذي أضر بأولئك العمال وأغضبهم جداً . اللافت أن المواطن (الواعي ) والذي يعلم جيداً خبايا العلاقة المتأزمة بين العامل وتلك الشركات ذات السياسات الظالمة ، لم يضع لومه على العمال الذين احترف كثير منهم التسول عند إشارات المرور ، بل قسم اللوم بين الشركات ذات الضمير المطاطي ، وبين المسئولين الذين مكنوها من الاستمرار طوال هذه السنوات رغم مخالفتها لأنظمة العمل ، ورغم سوء خدماتها و افتقارها لأي حس وطني أو إنساني . ما يحدث في المدينة أزمة نظافة فعلاً .. لكنها ليست نظافة شوارع أو مدن فقط .. بل نظافة ذمم ونفوس . التصحيح يجب أن لا يقتصر على الصغار والمقيمين فقط.. بل ان بعض الكبار أولى وأحوج به من غيرهم . Twitter: @m_albeladi [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain