نجح المدرب الاسباني لبايرن ميونيخ بيب غوارديولا في وضع بصمته سريعا على فريقه الجديد وطبعه بأسلوب «التيكي تاكا» الذي اشتهر به مع برشلونة (2008- 2012). وبات بايرن اليوم ملك اللعب الاستعراضي في أوروبا والفريق الذي يمتع عشاق الساحرة المستديرة كلما لعب في البندسليغا أو في دوري أبطال أوروبا. ولئن لم يغير غوارديولا كثيرا في التشكيل الأساسي لبايرن ميونيخ الذي كان يعتمد عليه سلفه هاينكس فإنه غير الرسم التكتيكي للفريق من 4-2-3-1 الى 4-1 4-1. وبعد أكثر من شهرين من انطلاق الدوري الألماني تكشف الإحصائيات أن البايرن يسيطر على الكرة بنسبة 70% مقابل 63 % فقط مقارنة بالموسم الماضي مع المدرب هاينكس. ولكن لا يجب أن نغفل أبدا عن أن هاينكس حقق مع النادي البافاري الرقم القياسي في تاريخ البندسليغا في نسبة التحكم في الكرة وذلك خلال 80 % خلال مباراة نورمبيرغ يوم 24 أبريل الماضي. أما دورتموند المنافس الأول لبايرن ميونيخ على اللقب فإنه لا يعيش أفضل فتراته حيث لا تقدر نسبة تحكمه في الكرة سوى 58 ٪، ويبدو جليا أن المدرب كلوب لا يقدر على منافسة زعيم «التيكي تاكا» بيب غوارديولا، وأن دورتموند غير قادر على تقليد أسلوب البافاري في اللعب الاستعراضي الممتع الذي يقوم على السيطرة على الكرة والتمريرات القصيرة في مناطق الفريق المنافس. التمريرات القصيرة ويحسب للاعبي بايرن أنهم سريعا ما تأقلموا مع مدربهم الجديد واستلهموا منه فلسفته الكروية المختلفة كثيرا مع هاينكس الذي عرفوا معه المجد الموسم الماضي بالتتويج بثلاثية تاريخية. ولا يتردد غوارديولا في تذكير لاعبيه خلال الحصص التدريبية كل يوم بعبارة تختزل منهجه التدريبي: إذا كانت الكرة بحوزتنا لا يمكن للفريق المنافس أن يسجل في مرمانا أهدافا. ويطلب المدرب الإسباني من لاعبيه عندما تكون الكرة لديهم أن يتواجد 8 منهم في منطقة الخصم ولا يبقى سوى لاعبين والحارس في نصف ملعبهم. وتهدف هذه الخطة الى ضمان حضور أكبر عدد ممكن من اللاعبين حتى يتسنى لهم تبادل الكرة بتمريرات قصيرة بأكبر عدد محتمل. وتكشف الإحصائيات في هذا السياق أن الملك البافاري حقق نسبة 87% من التمريرات الناجحة الموسم الحالي في البندسليغا مقابل 78% فقط خلال الموسم الماضي. مباراة تاريخية وتبقى أفضل مباراة استعرض فيها الملك البافاري مهاراته وتجلت فيها بوضوح معالم «التيكي تاكا» تلك التي خاضها يوم 2 أكتوبر الماضي أمام مانشستر سيتي 3-1. فقد عجز مانشستر سيتي المدجج بالنجوم والأسماء اللامعة ولاعبي وسط الميدان ذوي الصبغة الدفاعية مثل يحيى توري وفرناندينيو على لمس الكرة لمدة 3 دقائق و 9 ثوان شهدت تمريرات للكرة بين لاعبي بايرن. وفي مباراة ليفركوزن يوم 5 أكتوبر حقق بارين ميونيخ 682 تمريرة مقابل 171 فقط للمنافس، وهو رقم يكشف بوضوح أن الفريق استلهم أسلوب غوارديولا وبات يعتمد تلقائيا على السيطرة على الكرة والتمريرات القصيرة. تغيير خطة لام وفي الواقع فإن غوارديولا لم يغير كتيبة اللاعبين بل عمل بمبدأ الاحتفاظ بالفريق الرابح وربما التغيير الوحيد الذي أحدثه تمثل في نقل اللاعب فيليب لام من مدافع أيمن الى لاعب في وسط الميدان. وعلى الرغم من المنافسة الكبيرة في هذا المركز مع شفاينشتايغر ومارتينيز وتايغو فإن فيليب لام استطاع أن يقتلع مكانه في التشكيل الأساسي بفضل قدرته على اللعب في هذا المركز الجديد. وأكد غوارديولا في تصريحات صحفية أن لام هو من أذكى اللاعبين الذين دربهم خلال مسيرته الكروية، وأوضح: «فيليب له رؤية ثاقبة للملعب وحسن قراءة اللعب، مبدع في استخلاص الكرة من المنافس ومهاراته الفنية عالية جدا، إنه لاعب رائع وأنا أحب كثيرا لاعبي وسط الميدان الذين يجمعون بين افتكاك الكرة والمشاركة في بناء الهجمة السريعة، هؤلاء هم من يعطون التوازن للفريق». تشافي ميونيخ وكثيرا ما شبه فيليب لام بتشافي أو سيرجيو بوسكيتس وخصوصا من نجم بايرن ميونيخ السابق ماتياس سامر الذي قال: «إذا كان لام يلعب حاليا في نفس المركز الذي به بوسكيتس في برشلونة فإن أسلوب لعبه يتماثل كثيرا مع تشافي حيث يتميز بالنشاط والحركية الدائمة كما يجيد التغطية ولا يفقد الكرة من أقدامه أبدا». وهو ما يؤيده غوارديولا بالقول: «نقل لام من الجهة اليمنى الى وسط الميدان مغامرة كبرى، ولكني كنت واثقا من نجاحه في مركزه الجديد، ويكفي أن أذكر أنه مرر 92 تمريرة ناجحة من مجموع 112 خلال مباراة بايرن وليفركوزن». وأوضح المدرب الإسباني أن لام لن ينهي الموسم في مركز وسط الميدان وإنما سيعود الى الجهة اليمنى للدفاع عندما يستوجب الأمر وتقتضي الضرورة ذلك. تنشيط الهجوم ويعتمد أسلوب غوارديولا على تنشيط الهجوم بتوصية لاعبي صانعي الهجمات (روبن- مولر- كروس ريبيري وشفاينشتايغر) بتبادل المراكز باستمرار عند الهجمة حيث يدخل لاعبي الرواق الى الوسط بينما ينسحب لاعبو وسط الميدان الى الأطراف وذلك بغاية إرباك دفاع الفريق المنافس وفك الرقابة المضروبة عليهم. ولا يستثني غوارديولا في رسمه التكتيكي قلب الهجوم ماندزوكيتش من تغيير مركزه أحيانا. شبح هاينكس لا يختلف الفنيون بشأن نجاح غوارديولا في فرض أسلوب «التيكي تاكا» مع بايرن ميونيخ، ولكن الهاجس الأكبر للمدرب الإسباني يظل هو هل يقدر على تكرار الإنجازات التاريخية التي حققها سلفه هاينكس الموسم الماضي. فاللعب الاستعراضي قد لا يشفع لغوارديولا لكتابة تاريخ متوهج بالألقاب في ميونيخ يحفظ اسمه في سجلات النادي، فالتاريخ لا يعترف سوى بالبطولات والإنجازات. الفوز على دورتموند يحسم لقب البوندسليغا قال الفرنسي فرانك ريبيري، صانع ألعاب فريق بايرن ميونيخ: إن الفوز على بوروسيا دورتموند في المواجهة المرتقبة بين الفريقين بالدوري الألماني لكرة القدم «بوندسليغا» سيحسم الصراع على لقب المسابقة بشكل كبير. وأوضح ريبيري، في مقابلة نشرها الموقع الرسمي للبوندسليغا على الإنترنت أمس: «إنها بالتأكيد مباراة العام. أتطلع لهذه المواجهة. إذا فزنا على دورتموند سنوسع الفارق معه إلى سبع نقاط. سيكون حسماً ويتصدر بايرن حامل اللقب جدول البوندسليغا بفارق أربع نقاط أمام دورتموند بعد 12 مرحلة من المسابقة هذا الموسم». وحقق بايرن مطلع هذا الأسبوع رقماً قياسياً جديداً، حيث حافظ على سجله خالياً من الهزائم في 37 مباراة متتالية، ليكون أطول سجل من المباريات من دون هزيمة. وتعود آخر هزيمة مني بها الفريق في البوندسليغا إلى أبريل 2012 عندما سقط صفر/1 أمام دورتموند بالذات. وقال ريبيري الفائز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا الموسم الماضي: «علينا أن نلعب بكثير من الصبر وأن نستغل الفرص التي تسنح لنا من دون عشوائية في الأداء. ولكننا لا نستطيع ترك الكرة لأن دورتموند قوي للغاية في الهجمات المرتدة». ويحل بايرن ضيفاً على دورتموند في 23 نوفمبر الحالي بعد انتهاء فترة التوقف الحالية بسبب أجندة المباريات الدولية.وقال توماس مولر، زميل ريبيري في فريق بايرن: إنه يرغب في الحفاظ على سجل الفريق خالياً من الهزائم لأطول فترة ممكنة. د ب أ