د. دانية آل غالب ازدادت الحاجة إلى العناية بالصحّة النفسيّة في عصرنا الحاضر، إذ نلاحظ ازديادا كبيراً في عدد الاستشاريين النفسيين وعلماء النفس والأطباء النفسيين. ورغم ذلك لا نجد حلولاً حقيقية للمرضى والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسيّة وعاطفية. بدءاً من الحالات البسيطة وانتهاء بالحالات المعقّدة والمزمنة: كالانهيارات النفسية والعصبيّة والعاطفية. بل إنّنا نجد تفاقما في حالة الكثير من المرضى، وتزايداً في أعدادهم يوما بعد يوم رغم كثرة المعالجين والاستشاريين -كما أشرت- فهل يجعلنا ذلك نقف قليلاً لنعيد قراءة الأمور بشكل مختلف؟! إننا نجد حولنا الكثير من المرضى الذين ازداد حالهم سوءاً بعد خضوعهم للعلاج الطبي النفسي الذي حولّهم إلى مدمني عقاقير وأدوية لم تحل مشكلاتهم, ولم تخفّف متاعبهم. وكل الذي فعلته هو سلبهم القدرة على الشعور بعد أن تبلّد بسبب كثرة تعاطي الأدوية مع استمرار المعاناة النفسيّة. كما نجد أن بعض المرضى الذين لم يخضعوا لعلاج بالعقاقير وتوجهّوا للإرشاد والتوجيه لدى المستشارين المتخصّصين في ذلك لم يكونوا أفضل حال من أولئك. فهم أيضا يعانون.. أو يتلقّون علاجاً سلوكيا أو نفسياً غير صحيح مثل إحدى المريضات قصّت لي قصتها مع معالجتها ومرشدتها النفسية. التي قدّمت لها علاجاً سلوكيا نفسياً إرشادياً من مشكلة تتعلّق بالمريضة. فكانت طريقة العلاج لدى تلك المرشدة النفسية هي محاولة تغيير الصورة الذهنية ولكنها للأسف غيّرتها بهدم القيم والمبادئ والمُثل وقلب الحقّ باطلا والباطل حقاً. كما أخبرني أحد المرضى أنه يعاني من الرهاب الاجتماعي وقلة الثقة بالنفس، وأن طبيبه المعالج حينما عجز عن مساعدته اقترح عليه ألاّ يركّز كثيرا ًفي هذه المشكلة، وسيساعده في ذلك أن يتناول قليلاً من (الخمر) ليخفّف عنه ضغوطه النفسية. وقد صدمتني نصيحة ذاك الطبيب لهذا المريض، وكأنه قد نسي الأحكام الشرعيّة الخاصة بالخمر. وكأنه نسي أنه مطالب أن يقول خيراً أو ليصمت. فحين يعجز عليه أن يعترف أنه عاجز عن مساعدة المريض فعليه أن يعترف بذلك لا أن يّقدم نصيحة تؤدّي إلى مشكلة أخرى. ولا مجال في هذا المقال لذكر المزيد من الأمثلة المخزية التي سمعت قصصها من أصحابها الذين قصدوا أطباء واستشاريين ثم لم يجدوا حلاً وخرجوا بمشكلة جديدة. لكن ما لا نستطيع تجاهله هو حقيقة أن الكثير من الدلائل تشير إلى أن المشاكل النفسية تزداد عمقا واتساعا يوما بعد يوم. وأن عدم وجود سبل علاجية حقيقية سيؤدي إلى كوارث حقيقية فالأمراض النفسية ليست مقتصرة على الحالات التي شُخّصت سريرياً ضمن مراكز الصحة النفسية فهناك الإحباط والوحدة والغضب والإحساس الدائم بالتوتر، والقلق، والعدوانية، وغيرها مما نجده من اضطرابات عاطفية في تزايد مطرد حتى عند الأطفال الأقل من السابعة. هذا بالإضافة إلى عدم قدرة الفرد على التعبير عن ذاته وعواطفه من جهة، وعدم قدرته على فهم هذه المشاعر ومعرفة منشئها من جهة أخرى. كل ذلك وغيره مما لا يتسع المقام لذكره يؤكّد أن كثير من الأساليب العلاجية المتّبعة للأمراض والاضطرابات العاطفية والنفسية أساليب تحتاج إلى إعادة نظر. وهو ما سأتناوله في مقالٍ آخر بإذن الله. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain