وضعت قطر نفسها في موقف محرج بعد إدانة محكمة أمن الدولة شاعرًا شعبيًا بالسجن المؤبد، بتهمة قلب نظام الحكم، على خلفية قصيدة قالها العام الماضي، وهي الدولة التي تبث منها قناة الجزيرة ذات شعار "الرأي والرأي الآخر". أدانت محكمة أمن الدولة القطرية الخميس، الشاعر الشعبي محمد العجمي الملقب ب"ابن الذيب" بتهمة "قلب نظام الحكم وإهانة الذات الأميرية" على خلفية قصيدة وحيدة كتبها العام الماضي. ورغم أن لجنة المحكمة وافقت على طلب الاستئناف من محاميي الدفاع عن الشاعر القطري الشهير، إلا أن ذلك الحكم شكل ضغطا من قبل جمعيات حقوقية وثقافية على الدوحة للإفراج عنه وفق مداخل الدستور القطري الذي يجمع فيه الأمير كل السلطات. وأصدرت المحكمة حكمها بعد عام من اعتقال الشاعر القطري، وكتابته لقصيدته التي عرج فيها على أحداث الثورات العربية والتغييرات في الخرائط السياسية لبعض الدول العربية. محاكمة سرية وتم خلال العام محاكمته بشكل سري، حتى ظهر صدى الاعتقال والمحاكمة السرية في ملفات قطر في عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، وتغيرت بعدها نحو العلنية وتسريع الحكم الذي ظهر اليوم، مما شكل صدمة في الأوساط القطرية والخليجية. دولة "الرأي والرأي الآخر" محرجة هذا الحكم أحرج دولة قطر، التي تبث منها قناة الجزيرة وتعتبر أن "الرأي والرأي الآخر" منهجها وهويتها، التي هي كذلك لم تبث أي أمر يخص القضية طيلة العام، مما اعتبره كثيرون أنه يعكس السياسة القطرية التي تنتهج التغيير عربيا وتدعمها عبر شبكتها الإعلامية الكبيرة. وحكم الخميس على الشاعر القطري، فتح الباب من جديد بشأن المدونين وكتاب الرأي في قطر، بل وبقية دول الخليج، وكيفية ممارستهم لحقوقهم في النقد والتعبير السلمي، خاصة وأنها تمتلك قوى إعلامية عربية مؤثرة على مستوى العالم العربي. القصيدة المشهورة للشاعر القطري أشادت بالثورة التونسية التي أنهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي، متمنيا في قصيدته كذلك أن تصل هذه الثورات نحو البلاد العربية، قائلا "عقبال البلاد اللي جهل حاكمها يحسب أن العز في القوات الأميركية". "ازداوجية" معايير قطر منظمة العفو الدولية كانت انتقدت سجن "ابن الذيب" وأشارت إلى أن الشاعر احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أشهر قبل أن يُسمح له باستقبال الزيارات العائلية في اعقاب استدعائه واعتقاله من قبل جهاز أمن الدولة القطري، وسجن العجمي طيلة العام "انفراديا" قبل أن ينتقل قبل أشهر إلى سجن عام سمح فيه لعائلته بزيارته بعيدا عن سجن أمن الدولة. كذلك منظمة (هيومن رايتس ووتش) اعتبرت أن الشاعر الذي يميل معه عدد كبير من المتابعين للتأييد، وحكم اليوم عليه يمثل "دليلاً إضافياً على ازدواجية معايير قطر فيما يخص حرية التعبير".