في فيلم (عمارة يعقوبيان) تبدو شخصية الرجل ( الشاذ ) مثيرة للتقزز والكراهية في آن معاً .. لكن المخرج وفي مشهد صغير في آخر الفيلم يثير شفقة المشاهد على ذلك الشاذ عندما يرجع سبب شذوذه إلى ما كان يمارس ضده - كرهاً -أيام طفولته من قبل الخدم .. وهي رسالة لكل الآباء لا تحتاج إلى مزيد من الشرح . في مجتمعنا نبالغ كثيراً في حماية (البنت ) خوفاً من التحرش .. وننسى أن ( الولد) أيضاً لم يعد بمنأى عن التحرشات بكافة أنواعها ( اللفظية ..الجسدية.. الالكترونية ) خصوصاً في سن الطفولة (5-14) سنة .. ليس فقط في الشارع ، بل حتى في المنازل والبيوت ،فأغلب جرائم الاعتداء على الطفولة تتم - للأسف - داخل دهاليز الأسرة ؛ من الخدم ومن الأقارب أنفسهم ، لذا يتم التكتم عليها خوفاً من الفضيحة . المدارس والتجمعات الطلابية أيضاً لم تعد مكاناً آمناً للأطفال ، خصوصاً ما يكون منها في الفترات المسائية حيث تقل الرقابة ويأتي الخطر من مأمن .. ويذكر الصديق الدكتور (محمد آل عيدان) في أحد أبحاثه أن أكثر من 80% من الشباب مدمني المخدرات وممن ابتلوا بالشذوذ تعرضوا لصدمات نفسية عنيفة نتيجة لتحرشات في بداية حياتهم. إذا كان الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوات حلها .. فانه يجب علينا الاعتراف وبصوت مسموع أن التحرش بالأطفال وصل حداً يستوجب التدخل ، وأن كثيراً من الأطفال -حتى لا أقول كلهم - يعانون من ضعف في الوعي تجاه كيفية التعامل الصحيح مع الغرباء، وهذا نتاج لتقصير الآباء والمدارس في نقاش مثل هذه القضايا معهم ،واعتبارها عيباً لا يجوز الخوض فيه ، وهو الصمت الذي تراهن عليه تلك الوحوش . تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى رفع وعي الأطفال عن طريق التوعية ( المنهجية ) بالتحرش في المدارس الابتدائية تحديداً ، وتعليمهم الطرق الصحيحة للتعامل مع المتحرشين حتى لا يكونوا صيداً سهلاً لهم .. و إلى كسر حاجز الصمت تجاه هذه الظاهرة من قبل مؤسسات الدولة المعنية للتقليل من آثارها النفسية والاجتماعية الخطيرة .. مع ضرورة سن عقوبات رادعة تتناسب وهذا العمل الحيواني المقزز . كل طفل مُهمَل هو مشروع طفل معتدى عليه ، و شوكة جديدة في خاصرة المجتمع بما سيحمله من سلبيات وعقد نفسية . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain