GMT 0:03 2013 الإثنين 25 نوفمبر GMT 6:43 2013 الإثنين 25 نوفمبر :آخر تحديث 70 عاماً على الاستقلال لم تكن كافية لجعل اللبنانيين يبلغون سن الرشد؟! اميل خوري كثر التعليق على استقلال لبنان لأنه بلغ السبعين من عمره ولا يزال قاصراً... وذلك لقلة ولاء اللبنانيين له بحيث جعلتهم غير مستقلين بل تابعين، ولا يعرفون كيف يحافظون على الاستقلال ليبقى تاماً ناجزاً ومستقلاً عن كل خارج، ولا يتذكرون منه سوى النشيد الوطني والعرض العسكري الذي يقام كل سنة، في حين ان الاستقلال ليس عَلماً ونشيداً فحسب. الواقع انه عندما لا يكون ولاء الشعب كاملاً وصادقاً للوطن، فالدولة فيه تكون ضعيفة وعاجزة، لأن قوتها هي من قوة شعبها، وضعفها من ضعفه، وعندها لا يعود لها قرار الحرب ولا قرار السلم. سبعون عاماً على استقلال لبنان وكأنها لم تكن كافية لجعل اللبنانيين يحكمون انفسهم بأنفسهم بل في حاجة الى من يحكمهم، ولم تكن كافية لجعل ولائهم للبنان وحده والمواطنية فيه اقوى من الطائفية، ولم تكن كافية لجعل شعبه واحداً بل مجموعة شعوب مضروبة ومطروحة ومقسومة... ولا هي كافية لجعله أمة واحدة فيها عقلاء يحصنون استقلالهم بوحدتهم ولا يبقى أمنهم من امن الآخرين، ووطنهم مخطوفاً ينتظر من يدفع عنه الفدية للافراج عنه... وبالعودة الى تاريخ الاستقلال بعد مرور 70 عاماً يتبين ان سوريا لم تكن راضية على ان يصبح لبنان دولة مستقلة بعدما كان تابعاً لها وتربطها به مصالح مشتركة من خلال "بنك سورياولبنان" وظلت عينها على الأقضية الاربعة التي سلخت عنها لتضم الى لبنان الصغير ليصبح كبيراً. وعندما عقد منفرداً اتفاق النقد مع فرنسا، قامت قيامتها عليه وقالت عنه انه لا يزال يحن الى الانتداب الفرنسي، مع انها عقدت هي في ما بعد مثل هذا الاتفاق. وعندما نجح الزعيم رياض الصلح في جعل غالبية المسيحيين يتخلون عن انتداب فرنسا مقابل ضمانات محلية، وجد نفسه امام مشكلة اقناع سوريا باستقلال لبنان، ومن يومها صارت العلاقات بين البلدين كعلاقة "الكنة والحماة"، بل حب بالاكراه... ولبنانيون لم يكن ولاؤهم واحدا لاستقلال لبنان والطائفية لديهم تتقدم على المواطنية، فانقسموا بين مناصرين لسوريا ومناهضين لها، فعادت عيون تتطلع الى ما وراء البحار وعيون تتطلع الى ما وراء الحدود. وبلغ انقسام اللبنانيين ذروته عندما وقفت فئة منهم مع السلاح الفلسطيني في لبنان وفئة ضده، فكانت الحرب التي دامت 15 سنة تخللتها مواجهات مع اسرائيل واجتياحات لأراض لبنانية، فشهد لبنان لفترة قصيرة ما سمي "العصر الاسرائيلي" الذي عقبه "العصر السوري" بوصايته الطويلة عليه، فدفع لبنان بسبب فلتان السلاح الفلسطيني على ارضه ثمن دخول اسرائيل الى الجنوب ومنه الى العاصمة بيروت، ووصاية سورية عليه دامت 30 عاماً... واليوم يواجه اللبنانيون ذروة الانقسام الحاد في ما بينهم بسبب سلاح "حزب الله" المتفلت في الداخل وفي الخارج، فمنهم من هو مع هذا السلاح انّى اتجه، ومنهم من هو ضده ولا يرى سبيلاً لقيام دولة قوية في لبنان تكون سيدة حرة مستقلة مع وجود هذا السلاح ليكون للاستقلال معنى ومبنى. وكما انقسم اللبنانيون حول السلاح الفلسطيني فكانت حروب داخلية تحولت حروب الآخرين في لبنان. جعلت اللبنانيين يعيشون لفترة قصيرة "العصر الاسرائيلي" ولفترة طويلة "العصر السوري"، فإن انقسامهم اليوم حول سلاح "حزب الله" لا أحد يعرف الى أين يوصلهم، هل الى حروب جديدة في الداخل تعيد لبنان ساحة مفتوحة للصراعات وتصفية الحسابات أم لتدخلات خارجية تذهب بما تبقى له من سيادة واستقلال وحرية، لا بل تذهب بلبنان الواحد أرضاً وشعباً ومؤسسات؟ إن استمرار الوحدة الوطنية والسلم الأهلي باتا متوقفين على مصير سلاح "حزب الله"، فإما يوضع في كنف الدولة لتقوم عندئذ الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها فلا تكون سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها، وإما لا يكون في لبنان دويلات... وفي انتظار أن يقرر "حزب الله" موعد سحب مقاتليه من سوريا كي يبنى على الشيء مقتضاه، يبقى لبنان مخطوفاً ويواجه المجهول. والسؤال المطروح هو: متى يسحب "حزب الله" مقاتليه من سوريا، هل بعد حل الأزمة السورية مهما طال الوقت، أم بعد أن يتحقق الانتصار على من يسمونهم ارهابيين وتكفيريين؟ ويتذكر اللبنانيون أن السلاح الفلسطيني لم يخرج من لبنان إلا عندما خضع لوصاية سورية. فمن يخرج مقاتلي "حزب الله" من سوريا ويعيدهم الى لبنان، ومن يضع سلاح الحزب في كنف الدولة؟ هل بوصاية جديدة أم بصفقة تعقد على حسابه؟ في الماضي رُبط حل الأزمة اللبنانية بحل أزمة الشرق الأوسط وتحديداً بالقضية الفلسطينية، واليوم يربط حل أزمته بحل الأزمة السورية... والسؤال الذي يقلق اللبنانيين ويشعرهم باليأس والغضب هو: متى تحل الأزمة السورية وعلى أي أساس، وهل يضمن هذا الحل سيادة لبنان واستقلاله وحريته؟ لقد حذر الرئيس ميشال سليمان من أن "دولة الاستقلال لا يمكن أن تقوم إذا ما قرر أطراف أو جماعات الخروج عن التوافق الوطني باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر"، مشدداً على التزام "اعلان بعبدا"، لكن بات معلوماً ان "حزب الله" لن يلتزمه إذا كان يتعارض وقرار ايران...