يعاني سكان العاصمة السورية من أزمة خانقة في البنزين نتيجة توقف الطريق الدولي بين حمص ودمشق عن الخدمة منذ ايام، بسبب المعارك الضارية التي تشهدها منطقة القلمون. دمشق: امتدت طوابير السيارات لعدة امتار الاثنين امام محطات الوقود التي لا تزال تملك مخزونًا من هذه المادة أو تلك التي زودتها السلطات بها من المخزون الاستراتيجي الذي تحتفظ به. ويقول ابو رانيا (58 عامًا)، "اضطررت الى العودة امس (الاحد) الى منزلي بعد أن انتظرت لمدة ساعتين امام محطة دمر (على اطراف دمشق) دون أن اتمكن من التزود بالوقود". واشار هذا المحاسب الى أنه سيضطر للعودة اليوم "لأن خزان الوقود اصبح شبه فارغ، وإلا فلن اتمكن من الذهاب الى عملي". وفي محطة الازبكية الواقعة في شارع بغداد وسط المدينة، تقف عشرات السيارات في طابور يمتد لعشرات الامتار، ويلتف نحو الطرق الفرعية منعاً لعرقلة السير. ويعيد ذلك الى الاذهان الكابوس الذي عانى منه سائقو السيارات مرات عدة هذا العام، بسبب نقص تزويد المحطات العامة والخاصة بمادة البنزين. وقامت الحكومة على الاثر برفع ثمن سعر ليتر البنزين لثالث مرة هذا العام آخرها في تشرين الاول/اكتوبر الماضي عندما رفعت سعر الليتر بنسبة 25 بالمئة ليصل الى 100 ليرة (0،75 دولار). وكانت الحكومة قد رفعت سعر ليتر البنزين مرتين قبل ذلك الاولى في آذار/مارس حيث رفعت سعر الليتر من 55 ليرة إلى 65 ليرة، وفي ايار/مايو رفعته إلى 80 ليرة. ويعود سبب الازمة الى اغلاق الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحمص، التي توجد فيها منشأة لتكرير النفط وتتزود منها صهاريج البنزين قبل أن تسلك الطريق متجهة الى العاصمة. ومصفاة حمص هي احدى مصفاتين نفطيتين لا تزالان تعملان في سوريا بعد اندلاع العمليات العسكرية في البلاد على نطاق واسع لكن بحدودهما الدنيا. واستهدف مقاتلو المعارضة هذه المصفاة مرات عدة بقذائف هاون، ما اسفر عن نشوب حريق في خزانات الوقود. واكد مصدر امني لوكالة فرانس برس أن الجيش قام باغلاق الطريق الدولي الواصل بين حمص ودمشق منذ ايام "لتجنيب المسافرين خطر القناصة". ولفت الى أن "المسلحين قاموا بالفرار من مدينة قارة الى مناطق قريبة كالنبك ودير عطية ودخلوا بعض الابنية ويقومون بأعمال قنص". واشار المصدر الى أن "الجيش يقوم بواجبه في المنطقة" مؤكدًا أن "الامور ستحسم بشكل نهائي قريباً". وتدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية وعدة كتائب اسلامية معارضة في منطقة القلمون الاستراتيجية الواقعة شمال العاصمة، والتي يجتازها هذا الطريق الدولي بعد سيطرة الجيش الثلاثاء على مدينة قارة ولجوء مقاتلي المعارضة الى بلدات قريبة منها تقع على الطريق. واكد الاعلام السوري الى أن احتياطي مدينة دمشق من البنزين يبلغ نحو 600 الف ليتر، وأن "الازمة ستنتهي خلال يومين". ويعاني السوريون من نقص في الوقود كالمازوت والبنزين والغاز المنزلي، أسهم في رفع أسعار هذه المواد في السوق السوداء عدة أضعاف، في حين تبرر الجهات الرسمية هذا الامر بانقطاع الطرق بسبب الاحداث التي تشهدها البلاد، ما أدى إلى عدم تأمين المواد إلى تلك المناطق. واعلنت السلطات السورية في آب/اغسطس أن اجمالي انتاج النفط في سوريا تراجع خلال النصف الاول من هذا العام بنسبة 90 بالمئة عمّا كان عليه قبل اندلاع الازمة، ليبلغ خلال الاشهر الستة الاولى من السنة 39 ألف برميل يوميًا، مقابل 380 ألفًا قبل منتصف آذار/مارس 2011. ودفعت الازمة الحكومة، التي تدعم بشكل مستمر الوقود، الى استيراد حاجتها من النفط في شكل شبه كامل، لا سيما من ايران ابرز الحلفاء الاقليميين لنظام الرئيس بشار الاسد. وبلغت قيمة الاضرار المباشرة وغير المباشرة التي اصابت قطاع النفط في سوريا جراء الازمة المستمرة في البلاد، نحو 17،7 مليار دولار اميركي، بحسب ما افاد الاعلام الرسمي، بعد أن كان انتاج النفط يشكل ابرز مصدر للعملات الاجنبية في سوريا. وسيطر مقاتلون معارضون، بينهم جهاديون من جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، السبت على حقل العمر في شرق سوريا، الذي يعد أكبر وأهم حقل نفط في البلاد، وبذلك تكون الحكومة السورية "قد فقدت السيطرة على حقول النفط في المنطقة الشرقية بشكل كامل"، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وتقع غالبية الحقول النفطية السورية في شمال البلاد وشرقها، وباتت في معظمها تحت سيطرة مقاتلي المعارضة أو المقاتلين الاكراد.