لم يكن القرار الذي اتخذه ولد علي أحمد " محمد " بالانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني أمراً مثيراً للدهشة والاستغراب بقدر ما هو مثير للضحك والسخرية ! حيث كان الجميع يتوقع أن يصل محمد علي أحمد وفريقه إلى طريق مسدود بأشجار القات وآبار النفط الجنوبية ،بيد أن محمد علي لم يكن يفقه هذه الأمور التي تجري في أروقة الحوار اليمني ،بل كان عاقد العزم على المضي في حواره هذا بالرغم من معارضة شعب الجنوب له ،من خلال رفضهم المتواصل لهذا الحوار كما ظهر ذلك جلياً في الكثير من المليونيات والمهرجانات والمظاهرات الشعبية الواسعة . للأسف الشديد أصم محمد علي أحمد أذنيه تجاه تلك النداءات التي طالبته وفريقه بالتوقف عن المشاركة في هذا الحوار ،واستمر يحاور ويحاول ويشاور غير أن الأمر أتى بعكس ما مكان يريد ،مما جعله يعلن ظهر اليوم الأربعاء الموافق 27 من نوفمبر من داخل قاعة سباء نبأ انسحابه وفريقه من أعمال المؤتمر الجارية، حيث برر عملية اللجوء إلى اتخاذ قرار الانسحاب من مؤتمر الحوار اليمني ، باستنفاذ كافة المحاولات والجهود السياسية للتوصل إلى حل لقضية الجنوب ولم نجد إلا التسويف قالها محمد علي أحمد . ربما تضع عملية الانسحاب من الحوار من قبل محمد علي أحمد وفريقه علامات استفهام كثيرة حول ماهية الظروف التي سبقت ولحق الانسحاب ؛ لا سيما أن هناك أنباء كثيرة ترددت عن قيام الكثير من الأعضاء الجنوبيين المشاركين في مؤتمر الحوار اليمني بمباشرة الهروب السريع من صنعاء بعيد ظهر اليوم الأربعاء،حيث شهدت صنعاء عمليات فرار وصفت بالجماعية من قبل هؤلاءِ المشاركين ،وسط مخاوف من تعرضهم لعمليات اغتيال وتصفية جسدية ،على خلفية اتخاذ قيادة مؤتمر شعب الجنوب المشارك في مؤتمر ا قرار الانسحاب المتوقع . ربما تكون عملية اغتيال عضو مؤتمر الحوار عبدالكريم جدبان أحد الدوافع التي دفعت بهؤلاءِ الجنوبيين لمغادرة صنعاء على جناح السرعة، خوفاً من ملاقاة المصير نفسه الذي لاقيه جدبان ؛ حيث غادر البعض منهم عند الظهر مباشرة بعد قرار الانسحاب، من الفنادق التي يقيمون فيها وسط صنعاء ،حيث استقلوا سيارات خاصة فيما توجه ،فيما توجه البعض الآخر على عجل إلى محطة حافلات سيارات البيجو في طريقهم إلى عدن . من المؤكد أن هناك تحذيرات قد وصلت بعض هؤلاءِ الأعضاء من قبل بعض القادة العسكريين والمدنيين الجنوبيين في صنعاء، يحذرونهم من البقاء بعد قرار الانسحاب ، وأن بقائهم يعني موتهم هناك ! مما جعل هؤلاءِ الأعضاء يغادرون بأسرع وقت ممكن العاصمة صنعاء خوفاً من زهق أرواحهم ،وتقديمهم كبش فداء على شرف الانسحاب من الحوار . حقاً إن التاريخ يعيد نفسه ما أشبه اليوم بالبارحة ،عندما جرت عام 94م عمليات انسحاب جنوبية واسعة من صنعاء أعقبها حرباً على الجنوب .. لا ندري بعد هذه الانسحابات هل ستكون هناك حرباً لا قدر الله ؟ وإذا وقعت هذه المرة فأين ستكون هل على الجنوب كما جرى عام 94م ؟ أم أن ساحة الحرب انتقلت إلى صنعاء وعمران ؟