يواصل الساسة والمحللون والصحف الإسرائيلية تسليط أضوائها على الاتفاق المرحلي الذي توصلت إليه مؤخرًا الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة دول (5+1) في جنيف، معتبرين إياه انجازًا وانتصارًا تكتيكيًا يتيح لطهران المضي في تطوير مشروعها النووي. القدسالمحتلة (فارس) وقالت صحيفة "هآرتس" في تقريرٍ مطول: "تستطيع إيران أن تُسجل لنفسها انجازًا استراتيجيًا آخرًا بعد أن ساعدت مشاركتها في الأزمة السورية في إنقاذ نظام بشار الأسد إلى الآن"، مضيفةً: "هذا توجه دولة ترى نفسها قوة إقليمية، ولها مصالح تشمل الشرق الأوسط كله". وأشار التقرير الذي أعده المحلل الأمني في "هآرتس" عاموس هارئيل، إلى أن "الاتفاق الذري أنتج دعوة طهران إلى المشاركة في صياغة مصير سوريا في مؤتمر آخر خُطط له في جنيف". وطبقًا للتقرير فإن "القيادة الإيرانية تتصرف الآن بحكمة وحذر نسبي؛ ويمكن أن نُخمن أن الاتفاق المرحلي لن يمنعها من الانطلاق قدمًا". ولفتت "هآرتس" إلى أن "الإيرانيين ماهرون جدًا في إجراء تفاوض طويل ومرهق"، مشيرة إلى أنهم "يستخدمون الاتفاقات التي تُحرز أكثر من مرة لتكون نقطة انطلاق لمساومة جديدة". وبحسب الصحيفة الإسرائيلية :"لم تزحف طهران على ركبتيها إلى جنيف كما أملت القيادة الإسرائيلية أن يحدث، ويبدو أنها لم تتخل أيضًا عن المبادئ الأساسية التي جاءت بها إلى التفاوض"، مشيرةً إلى أن "المشروع تمت تبطئته في الحقيقة، لكن الإيرانيين يستطيعون أن يروا التسوية اعترافًا من العالم بالفعل بحقهم في تخصيب اليورانيوم". وبيَّنت أن "طهران تسجل اليوم تقدمًا مهمًا في سلسلة طويلة من القضايا، وإن لم يلائم إيقاع تطور الأمور التنبؤات المتشائمة للجهات الاستخبارية في الغرب في العقدين الأخيرين". وتناول التقرير مخزون اليورانيوم الموجود لدى إيران، موضحًا أنه يمكنها من "انطلاق إلى الأمام، وإتمام التخصيب بدرجة عالية عسكرية في أشهر معدودة". وتحدث كذلك عن الصواريخ التي تمتلكها طهران، مشيرًا إلى أنها تهدد دولًا كثيرة في مقدمتها "إسرائيل". وتطرقت "هآرتس" إلى موقف دول الخليج الفارسي من اتفاق جنيف، قائلةً: "الدول السنية ولا سيما السعودية وإمارات الخليج (الفارسي) لا يقلقها فقط الانسحاب الأميركي من المنطقة، بل ازدياد قوة إيران أيضًا"، مبيِّنةً أن "إعلان المباركة السعودية للاتفاق بدا متشككًا واضطراريًا". وأشارت إلى أن مسؤولين سعوديين كبار وجهوا صحفيين وأصحاب معاهد بحوث في الغرب إلى تبني قول إن بلدهم سيضطر إلى أن يزن شراء سلاح ذري يكون مُعادلًا للسلاح الذري الإيراني، إذا لم يقتنع بأن الصفقة ستوقف المشروع الذري الإيراني حقًا. من جانبها، انتقدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" تجاهل الولاياتالمتحدة الأميركية لحلفائها كي تحقق اتفاقًا يعفيها من المواجهة مع إيران، ويسمح للرئيس باراك أوباما بالتباهي أنه خلال ولايته الثانية، والتي تمتد لغاية شهر كانون الثاني/ يناير من العام 2017، لم يكن لإيران سلاح نووي، أما ما سيحصل بعد ذلك، فلا مسؤولية له عنه. وتساءلت للصحيفة، ما الذي تبقى من التزام الولاياتالمتحدة بأمن "إسرائيل"؟، مبيّنةً أن الحربين اللتين شنتهما أميركا ضد العراق وأفغانستان، كانت نتائجهما مخيبة للآمال على أقل تقدير. وقال نائب وزير الحرب الإسرائيلي السابق افرايم سنيه في مقالٍ نشرته "يديعوت": "في الأشهر القادمة سنرى شركات النفط الكبرى تدير مفاوضات سرية مع إيران على الاستثمارات المستقبلية، حينها لا الإدارة الأميركية ولا الحكومات الأوروبية ستصمد أمام الضغط الذي ستمارسه هذه الشركات، بعد ستة أشهر، لتحقيق ما اتفقوا عليه سرًا مع إيران؛ فإدارة أوباما أعطتهم نموذجًا لمثل هذا الحوار السري. ومشكوك جدًا أن يقف أصدقاؤنا الجمهوريون في "الكونغرس" ضد الشركات الكبرى من تكساس. وسينهار نظام الحكومات". وتساءل سنيه أي شركاء بقوا ل"إسرائيل" أمام إيران، التي لم تتغير وتمكنت فقط من تضليل الغرب الضعيف؟، واجاب عن تساؤله بنفسه:" بقيت السعودية ودول الخليج (الفارسي)، التي خوفها من إيران أكبر من خوفنا". وأشار إلى أن إقامة حلف استراتيجي، اقتصادي وعسكري مع دول الخليج (الفارسي) كفيلٌ بأن يعطي نتائج عملية هائلة، مستدركًا بالقول: "لكن لا يمكن إقامة هذا الحلف، دون تسوية دائمة مع الفلسطينيين، فالحكومة التي يسيطر عليها أقطاب التطرف لا أمل في أن تفعل ذلك. إن "إسرائيل" تدخل في فترة صعبة، وهي تمامًا وحدها". /2336/