أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه ، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام إن نعمة العقل هى جوهر الإنسان السطوع ومعدنه النفيس اللموع ، وبالعقل تتفتق الملكات عبر الحضارات والتقنية الدقيقة ، وبالعقل تهتدي الأفئدة والأبصار بالإيمان بالله الكبير المتعال وأرشد الإنسان إلى معاقل الحق وأبعدها عن محاول الضلال ، يقول الشاطبي رحمه الله ( لقد جاءت الشريعة بحفظ العقل من جهة الوجود والعدم ). وأضاف فضيلته ولمكانة العقل خصه الله بالتكريم والتشريف والمقام العلي وصانه ووقاه بالشرع الحنيف عن الزيغ والجنوح وتعظيم الباري سبحانه عن التشبيه والتمثيل ولذلك حرم الشرع كل ما يخل بالعقل أو يبدد أو يتلفه أو يفسده ، فإذا غاب العقل سقط التكليف لأن الله سبحانه إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب. وبيَّن الشيخ عبدالرحمن السديس أن الناس انقسموا في شأن العقل إلى قسمين الأول غلي فيه معتقد والثاني جاف عنه منتقد ، فالأول جعل العقل أصلا كليا أوليا يستغنى به عن الشرع ، والثاني أعرض عن العقل وعاب وقطع أسبابه وكلاهما إنحرف وزل وخيارهم وسعداؤهم أهل السنة والجماعة المنصفون المتوسطون المعتدلون الذين يستدلون بالعقل بدون إطلاق بل في منهجية تضبط مسارة وتحدد وفق الشرع مساره وتحقق موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول .وأضاف أن الذين هجروا عقولهم وغيبوها عن معرفة الحق واستبصارها فقد نعى المولى عليهم حالهم بقوله تعالى ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير). وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام أنه لبناء العقل الراجح والرأي الحصيف النقاد فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون المسلم إمعة ، والأمعة ضعيف الرأي الذي يقول لكل أحد أنا معك ومرماه صلى الله عليه وسلم كلما كمل عقل المرء وتم كان إحرازه للفلاح أشمل وأعم . وتساءل فضيلته عن من يسلم عقله للشائعات عبر الشبكات والتقنيات فهاموا بها في مجاهل الظلمات والتحليلات ومضارب الافتراءات في قرصنة عقلية عجيبة يتولى كبره ويضرم أواره الشبكات العنكبوتية ومن ورائها الأجندات المشبوهة . وتساءل فضيلته عن أصحاب العقول الذين سلموا عقولهم وألغوها دون الهرطقات وعدم نقدها ويلجمون عقولهم الغضة دون النظريات الفاسدة والأفكار الطائشة والآراء الهزيلة . وحذر فضيلته من الذين يهرعون إلى المسكرات والمخدرات ليلغوا عقولهم التي تبيد العقل والأموال الطائلة وهنا نذكر بالاعتزاز والإشادة الضربات الاستباقية والإنجازات والنجاحات الأمنية المشهودة لرجال أمننا الأشاوس للقضاء على آفة المخدرات ومروجيها التي تستهدف ديننا وأمننا وشبابنا وبلادنا حرسها الله . ودعا فضيلته أمة الإسلام إلى المحافظة على العقول لتستمر الحصافة والرزانة والابتعاد عن التغريدات التي توسع الشكوك والظنون ، وحذر المقلدين من تعطيل عقولهم. ودعا فضيلته إلى أن الحاجة ملحة إلى وضع ميثاق شرف قيمي يضبط مسار الإعلام الجديد قبل أن يقضي على ما بقي من دين الأمة وعقولها وأمنها ووحدتها واستقرارها وتماسكها وأعراضها، وشكر الشيخ السديس من استثمر هذه التواصلية لما يثبت على الدين ويعين على جمع الكلمة ووحدة الصف ويعزز الأمن وينشر العلم والدعوة الصحيحة ويرسخ محكمات الشريعة وثوابت الملة.