د. عبد العزيز حسين الصويغ كانت الرسالة التي عرضتها للقرَّاء الكرام في مقالي في هذه الصحيفة بتاريخ 02/12/2013 الماضي، بعنوان: (أبي)، هي بمثابة "جرس إنذار" أطلقته فتاة هي ابنة كانت مُتعلِّقة بأبيها إلى درجة الجنون، وتغيّر كل ذلك، من وجهة نظرها، نتيجة لِمَا رأته من خروج والدها عن المبادئ التي غرسها فيها وإخوانها. فكتبت رسالتها التي قلت في بداية عرضي لها بأنها رسالة قاسية حذفت منها كلمات أشد قسوة. وكان من السهل تسفيه ما كتبته صاحبة الرسالة، وكَيْل الاتهام لها بالعقوق والتمرُّد، لكن لم يكن هذا يُساهم في علاج المشكلة التي تُعبِّر عن حالة موجودة في بعض البيوت، قد لا نسمع عنها ولا يُعبِّر أصحابها عن مكنونات أنفسهم كما فعلت صاحبة الرسالة. *** من السهل أن نتحدَّث عن المثاليات وما يجب أن يكون.. إلخ، لكن هذا لن يُساهم في مُعالجة مثل هذه القضايا، فالحديث عن عقوق الوالدين يعرفه الطفل قبل البالغ، وسيحدّثك عن حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي أوصى فيه بالأم ثلاث مرات ثم بالأب، والآية الكريمة: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). لكن أليس للأبناء أيضًا حق؟! قال بعض أهل العلم: (إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم). ومن وصاية الشريعة بالأبناء وبيان مجمل حقوقهم ومسؤولية الآباء عنهم، قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم: 6). والحديث الشريف الذي نعرفه جميعًا يقول: "رحم الله والدًا أعان ولده على برّه". *** لقد وردني العديد من التعليقات علي مقالي عاليه، كان أجملها هو من ابنتي (مها)، وهي أصغر أبنائي تدرس حاليًا، علي حسابي الخاص، في الولاياتالمتحدةالأمريكية. إذ علّقت على المقال بشكلٍ يكشف الطريقة التي يُفكِّر بها الجيل الجديد من أبنائنا، فقد كتبت في مداخلة لها علي صفحتي في الفيس بوك تعليقًا تقول فيه: (أحببتُ هذا المقال لأنه يشرح كيف يشعر الطفل وما يمر به من ألم عندما يشاهد أمه تُعامل بشكل لا كرامة فيه). ثُمَّ قرأتُ التعليقات التي تلت المقال، وشعرتُ بإحباط شديد. نعم إن التعدد مسموح به شرعًا، ولكن هناك شرط هو أن تعامل الزوجات بالعدل. يقول الله سبحانه وتعالي في الآية (3) من سورة الشوري: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا). وهكذا فإن للزوجة حقوقا أيضًا. فإذا تزوّج الرجل دون علم زوجته ودون أن يخبرها، هل هذا يُعتبر "حلالاً"؟ إذا لم تستطع أن تُعامل زوجتك الأولى بالحب والعاطفة، وأيضًا أن تؤمِّن لها احتياجاتها، كيف تتوقع أن تُعامل الثانية؟! أتمنى أن يعود الرجال ليقرأوا عن حقوق المرأة في القرآن الكريم بدلًا من محاولة تبرير أعمالهم بالقول بأنها حلال. اذهب واقرأ الحقائق بتمعّن لأنك لن تستطيع تبرير ما هو غير صحيح!). *** وأقول لابنتي العزيزة مها الصويغ: إنني فخور بها وبطريقة تفكيرها، فكلّما تحدّثت معها في موضوع ما، أو قرأت لها تعليقًا هنا وهناك، ازددتُ فخرًا بها، نعم قد تكونين أنت أصغر أبنائي.. لكن عقلك والحمد لله كبير بما يجعلني أحترم فكرك ورأيك. وفقك الله ابنتي العزيزة وسدد خطاك. * نافذة صغيرة: (من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة، لا يحق له أن يتزوج وينجب أبناء!!).. جان جاك روسو. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain