لوَحَاتٌ آسِرةٌ بألْوانٍ شَفَّافةٍ مثيرةٍ قراءة أولية للوحات الفنانة التشكيلية "ختمة السهل" بقلم لحسن ملواني كاتب وتشكيلي من المغرب لوحاتها تستقي مادتها من الذاكرة ، ومن إيحاءات الحياة اليومية بما تحمله من الخلجات والأحاسيس المتأرجحة بين الهدوء والاضطراب وغيرهما. وقد تمكنت بالتقنية والتركيبة التي تؤلف بها تيمات لوحاتها من معانقة الحس الإنساني ترميزا وتعميقا للرؤية. تنجز لوحاتها بألوان تميل إلى الشفافية التي تجعلها تغمر مساحات لوحاتها بأشكال تراكبية وصيغ فنية متناغمة ومتزنة. وهي بذلك ترسم ما يشبه الحلم ضمن تلوينات تتباعد أحيانا وتتلامس ، وتتداخل أحيانا وفق المنظور الإبداعي المختار من قبل المبدعة. وكغيرها من الفنانات التشكيليات ارتبطت جل موضوعات لوحاتها بالمرأة وهمومها ، فهي تقدمها بإبداعية خاصة بها ، تجعلها كثيرة الاختلاف عن غيرها من الفنانات ، فبعضهن يرسم مفاتنها ، وبعضهن يظهرنها بشكل واقعي ، أما الفنانة "ختمة السهل" فتقدم المرأة ضمن ما يشبه البورتريه بشكل يضفي على ملامحها وتضاريس وجهها ملمحا تراجيديا يحمل أكثر من دلالة . وهي بذلك تقدم أنموذجا فنيا يساهم في تشكيلة الفسيفساء الإبداعي بالجديد والمختلف ، ولا شك أن الإبداع الحقيقي يرتبط بالجدة و اكتشاف المختلف ... لوحاتها تؤلف نماذج فنية فريدة رغم بساطة تشكيلتها أحيانا فهي تستبطن أسرارا إبداعية وتركيبية عبرها يمكن للفنانة أن تؤسس لتجربة تستقي خصوصياتها و جاذبيتها من النظرة الخاصة بها إزاء الواقع و إزاء ما يحمله من كائنات وأشياء. لوحات تجعل فيها الفنانة وجه المرأة العنصر الرئيس إلا أن التحديق في لوحاتها ، يجعلنا نكتشف مفردات تشكيلية تتكامل بشكل يحيل على بيئة الفنانة و تراثها ، فهي تنثر في اللوحة عناصر وزخارف بشكل هندسي يمنحها جاذبية خاصة. وتقدم الفنانة وجه المرأة أحيانا بوضعية تضفي عليه الطابع الدرامي الذي يجعلك تعيد التأمل فيه ، فيتولد لديك مزيد من الأحاسيس والتأويلات اللامتناهية ، و لوحات بهكذا شكل تجعل أعمال الفنانة في جلها تبتعد عن الواقع عبر التخييل لتعود إليه عبر التأمل وإعادة التفكير في المرسُوم والمُشَكَّل . تتميز لوحات "ختمة السهل" بهذا الامتلاء الأخاذ ، فهي لوحات لا تدع مجالا للفراغ على وجوهها ، فالعنصر والعناصر المشكلة لتيمة اللوحة تمتد عبر الشكل واللون لتغطي كل مساحة اللوحة. وتقدم الفنانة الطبيعة في أعمالها بلمسات إبداعية رائعة ، وذلك عبر الوضعيات والتناغم اللوني الذي تختاره للوحاتها وفق مَلَكَتها وتجربتها الإبداعية ورؤيتها الفنية.مما يجعل من جل لوحاتها تناغما لونيا وشكليا مثيرا، وذلك ضمن استخدام الاحتشاد اللوني الشفيف الذي يكسب مفردات اللوحة عمقا و ورونقا ، وبهذه الصيغة تقدم منجزها الإبداعي طارحة مفرداته ضمن تراكبات تحيل على مشهد بصري متعدد الإحالات في ارتباط بالمحيط مع خرق المعتاد ، وخلق البديل عبر إعادة التركيب والترتيب للأشياء تركيبا فنيا عماده الاتزان والتناغم والانسجام ، فالبناء التركيبي والفني في بعض لوحاتها موسوم بالتداخل الشكلي واللوني الشفاف مما يفضي بلوحاتها إلى تشكيل بصري تعبيري يتأرجح بين الإدهاش والوداعة ، وتوليد التأملات ، والتساؤلات. وعلى العموم فالفنانة التشكيلية تمتلك من الموهبة ما يجعلها تقدم للمشاهد ملمحا سمته التماسك والتشارك الفني من حيث الطابع العام الرابط بين جل أعمالها . و الفنانة "ختمة السهل" كغيرها من المبدعات العربيات ، ستساهم بلا شك في ازدهار الحركة التشكيلية العربية بلوحاتها المتميزة بأبعادها الحسية والروحية ، والمجسدة للجمال والطموح إلى ما هو أفضل وما وأبهى.