لزوم ما يلزم عظمة السباحة عكس التيار ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 21/12/2013 ثمة عبارات رائجة يبدو ظاهرها وكأنه موعظة أو حكمة أو تجربة مطبوخة . والحقيقة في أغلب الأحيان أنها نسبية من السهل اتباع نقيضها بيقين ومن دون مخاوف . ومن الظريف أن شاعرنا الجاهلي زهير، تنبه لتلك النسبية فاحتاط للأمر ولم ينتهج التعميم والإطلاق . قال: "ومن لم يصانع في أمور كثيرة" . كان في إمكانه القول: "ومن لم يصانع في الحياة . ." ثمة أمور لا مصانعة فيها ولا مطاوعة . من تلك العبارات حديثهم عن "السباحة عكس التيار" . غالباً ما تكون ملفوفة في التهكم والشفقة والاستنكار والدعاية بالهداية إلى سواء السبيل، ومجاراة التيار . بينما يسخر أديب فرنسي قائلاً: "عندما أرى الناس أجمعوا على شيء، أدرك أن في الأمر خطأ" . ما أكثر الأمثلة الرائعة في الطبيعة عن السباحة عكس التيار . النيل يصعد لا يغريه الانحدار . سمك السلمون يقطع مسافات منهكة عكس التيار . أجمل جولة بالقوارب كانت لي في الفلبين، في منطقة شلالات "باكسانهان لاغونا" . يجلس السائح في زورق صغير، ومنسوب المياه منخفض، وشابان في الماء يدفعان القارب ساعتين عكس التيار في مناظر خلابة، حتى الشلالات . هذه العبارة هي في نظري المفتاح السحري لكل معضلات العرب وإخفاقهم الحضاري في جميع المجالات . فالتيار الذي ننساق معه سائر بالأمة إلى مقصد بئس المقصد، ومعذرة بئس القاصد أيضاً . هو سبيل التهلكة . فماذا لو قررت الشعوب العربية ترك التيار يذهب إلى جهنم، وجاءت بتيار مضاد؟ سنرى الناس تبني وتزرع وتصنع وتبدع الأبدع والأروع، وتبهر العالم أجمع، فالمستكين صار يصدع، والمنطفئ يسطع ويلمع، وبالع ألف طعم بات لا يخدع، والجبان غدا يصرع، والخامل لم يعد بغير النجوم يقنع . سنرى للسياسة سيادة، والهوية كأنها عبادة، وفي كل شيء توق إلى الريادة . سنقول عندها: ألا لعنة الله على السباحة في التيار الذي كانت فيه الأمة، فهو عديم الهمة، مجلبة لألف غمة . لزوم ما يلزم: من الضروري أخذ الحيطة، فزهير قال: "في أمور كثيرة" . عكس التيار في أمور كثيرة . [email protected]