مواضيع ذات صلة عبداللطيف الزبيدي نحن الآن أمام نماذج جديدة للبلدان لا تحتاج إلى وجود الدول بمفهومها التقليدي . وبما أن الأمور نسبية، فإن هذه الأنماط الغريبة، لن تحتاج إلى حكومات من الطراز المألوف، وإلى وزارات من الشاكلة المعهودة، ولا إلى ميزانيات على النحو المتعارف عليه . خذ ورقة وقلماً وابدأ عملية طرح ما يسميه أبو الطيب الشحم والورم، "أعيذها نظرات منك صادقة" وأضف اللحم . تبقى الدولة الجديدة جلداً على عظم . خير مثال هو النموذج السوري: هل ثمة حاجة إلى وزارة اقتصاد؟ البلد برمته على الحديدة فلا معنى للتنمية والنمو والتجارة الخارجية . وقد تصبح الليرة السورية لا تساوي الورق الذي طبعت عليه، تماماً مثلما حدث للمارك الألماني في نهايات الحرب العالمية الثانية . كان الألماني يدخل المطعم وسعر الطبق مكتوب على السبورة، عند الدفع يجد السعر تضاعف جرّاء انهيار جديد للعملة . فلا حاجة إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط والمالية . في هذا المضمار لا داعي إلى وزارة الزراعة، فالناس يزرعون العبوات الناسفة، والفخاخ المتفجرة، وهي زراعة لا هوادة فيها ليل نهار، وتسقيها الأجواء بالقذائف والقنابل والصواريخ . قس على ذلك وزارة الصناعة، فلا محل لها من الإعراب . هل ثمة داعٍ إلى وزارة إسكان، أو أشغال عامة، أو مواصلات واتصالات؟ المساكن سويت بالأرض، والطرق والاتصالات انقطعت . عدا اتصالات القلوب والأرواح بالسماء، فتلك لا تستدعي أجهزة سلكية أو لا سلكية . الناس فرّوا من الجحيم وتشردوا، والبنات أوفر حظاً بزواج الستر، ومنهنّ من ينتظرن . هذا نموذج من البلدان العربية التي تستطيع اختصار ميزانية التربية والتعليم إلى الصفر . أن تغلق المدارس أبوابها أهون من أن تقصف بقذائف معلومة أو مجهولة . لا داعي إلى حديث الأمية . فالعراق كان السابق إلى إضافة خمسة ملايين أميّ إلى رصيده بعد الاحتلال . أما من يبحث عن دور لوزارة الصحة هناك، فعليه بإعادة النظر في مداركه العقلية . وأما من يروم لوزارة الثقافة حضوراً ثقافياً في حمص وإدلب وسائر المدن، فعليه أن يتوب توبة نصوحاً عن الدعابة السوداء . هنا لا مجال للحديث عن "لكل مقام موسيقي مقام" . لكن الثقافة غير غائبة، ما دامت سوريا الآن ملتقى الثقافات، من الشيشان إلى أفغانستان، ومن أوزبكستان إلى باكستان . مع حضور عربي أيضاً . مع رعاية عالمية زاخرة بمعاني الإنسانية نصرة للشعب السوري . لزوم ما يلزم: مستقبل الفنون التشكيلية، سيكون في التجريدية العربية . لا تستعدوا، تفرّجوا فقط . [email protected]