شهدت الأحداث في جنوب السودان، أمس الاثنين، تصعيداً عسكرياً ودبلوماسياً، ولمح الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تدخل عسكري لحماية مصالح بلاده بموازاة وصول موفده دونالد بوث إلى جوبا، بينما أعلنت مصادر دبلوماسية أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيطلب من مجلس الأمن أكثر من 5 آلاف جندي لدعم بعثة حفظ السلام في جنوب السودان . وجاءت هذه التطورات بعد أن شهدت الأوضاع على الأرض تطورات ميدانية سيطرت خلالها القوات الموالية لنائب الرئيس السابق أريك مشار على منشآت نفطية في ولايتي الوحدة وأعالي النيل أوقفت تدفق النفط إلى الشمال . وقال مسؤول من جنوب السودان إن الصراع في بلاده بدأ يتخذ منحى قبلياً وسط شهادات عن تسجيل تصفيات جسدية وجرائم . وقال مشار أمس إنه مستعد لحوار مفتوح مع خصمه الرئيس سلفاكير، الذي هدد بتحريك جيشه إلى مناطق باتت تحت سيطرة المعارضين . النفط يتوقف والخرطوم تستقبل طلائع اللاجئين الهاربين من التصفية جنوب السودان يدخل في حرب قبلية وواشنطن تهدد بتدخل عسكري الخرطوم - عماد حسن: انتقل التهديد الأمريكي بقطع الدعم عن جنوب السودان إلى التلويح بالتدخل العسكري لحماية المصالح الأمريكية، في حين وصف مسؤول جنوبي ما يدور بأنه صراع قبلي، فيما كشفت تقارير في الخرطوم أمس عن توقف تدفق النفط من حقول ولاية "الوحدة"، ووصول مجموعات كبيرة من الفارين إلى تخوم منطقة هجليج وهم في حالة إنسانية سيئة . وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالة إلى الكونغرس إنه يتابع "الوضع في جنوب السودان" وبإمكانه أن يتخذ "إجراءات جديدة لتأمين أمن مواطنين وطاقم ومصالح أمريكية"، بما في ذلك السفارة الأمريكية في جوبا، وأضاف أنه يعول على دعم الكونغرس في هذا المجال . وشدد أوباما على أنه قد يتخذ إجراءات إضافية "إذا اقتضى الأمر" بعد الهجوم على جنودها في جنوب السودان . ووجه أوباما، رسالة إلى زعماء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، قال فيها إنه يبقيهم على اطلاع بشأن النشاطات العسكرية في جنوب السودان، "بموجب قانون سلطات الحرب" . وتعهدت الصين، أمس الاثنين، بالعمل مع جميع الأطراف المعنية لمساعدة جنوب السودان في استعادة الاستقرار في أقرب وقت ممكن . وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون يينغ في مؤتمر صحفي دوري إن الصين قلقة للغاية إزاء تطورات الوضع فى جنوب السودان وتعمل على دفع المفاوضات بطريقتها . في الأثناء، أكد مسؤول أممي في جنوب السودان أن ثمة أجواء من الخوف واليأس يسيطران على البلاد وسط ازدياد حدة العنف في البلاد، في الوقت الذي وجهت فيه بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان نداء إلى الأطراف السياسية المتناحرة من أجل التوصل إلى هدنة والاتفاق على إجراء مفاوضات مفتوحة . وتحدث منسق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة توبي لانزير ل "بي بي سي" عن عمليات الإعدام التي تتم بدون محاكمات في بور عاصمة ولاية جونقلي المضطربة التي سقطت في أيدي المتمردين" . وأضاف لانزير "يحتمي العديد من المواطنين في الملاجئ التابعة للأمم المتحدة وسط تدهور الوضع الأمني في البلاد كما أن البعض منهم يختبئون في الأدغال" . وأشار المسؤول الأممي إلى أنه "قلق من الأيام المقبلة التي ستشهد ليس نزوحا لعشرات الآلاف من المواطنين بل المئات أو الآلاف منهم" . وأوضح "من المؤثر جداً أن يسألونا الناس إن كان بإمكاننا حمايتهم من الموت" . إلى ذلك، أكد جيش جنوب السودان أن المتمردين تمكنوا من السيطرة على قسم من ولاية "الوحدة" التي تحوي الموارد النفطية للبلاد وعاصمتها بنتيو بقيادة مشار . وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أغوير إن الجيش يستعد لشن هجوم لاستعادة مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، من يد القوات الموالية لمشار . وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير أعلن أمس أن الجيش جاهز للتوجه إلى مدينة بور الاستراتيجية لاستعادتها من المتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار . وقال أمام النواب "إن قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان والقوات الموالية للحكومة جاهزة الآن للتقدم نحو بور" . من جهته، أعلن الجنرال بيتر قديت، الذي أعلن تمرده ويسيطر على مدينة بور، عاصمة ولاية جونقلي، إن قراره بالقتال ضد سلطات جوبا هو الخيار الصحيح، موضحاً أنه يحارب "من أجل حرية شعب جنوب السودان"، وأضاف "أريد أن يعرف جنوب السودان أن قواتي ليست متمردة وتقاتل ضد القيادة الديكتاتورية لسلفاكير ميارديت وعصابات (واراب)، الذين يقاتلون على أسس قبلية"، وذلك في إشارة إلى الحرس الرئاسي الذي اتهم بقتل مدنيين من قبائل النوير المنتمي لها رياك مشار النائب السابق لسلفاكير، في جوبا وولاية واراب، التي ينحدر منها سلفاكير . وأوضح قديت حسب وكالة أنباء جنوب السودان مستقلة، أن "قواته تقاتل في الأساس لحماية هدف ورؤية حزب الحركة الشعبية الحاكم الذي وقع على سلام دائم عام 2005 مع حكومة الخرطوم التي جلبت الحرية لشعب الأمة الجديدة"، متشككاً في قيادة كير من نواحٍ كثيرة . وقال إن الزعيم الذي لا يتسامح مع تحديات خطيرة داخل القيادة ليس زعيماً ولكن طاغية . في جانب آخر، قال نائب سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم كاو نوك مابير، إن المعارك التي تدور في الجنوب حالياً، وانتقلت من مدينة جوبا إلى ولايات أخرى مثل جونقلي وغرب أعالي النيل، تحول فيها الصراع من سياسي إلى قبلي . وأكد كاو نوك مابير في مداخلة لبرنامج تلفزيوني، أن الصراع الذي بدأ بنوع من التمرد من داخل الكتيبة التابعة للحرس الجمهوري، لم يكن به تنظيم مسبق . وأضاف: "الحرس الجمهوري به جزء من كتلة كانت موالية لمشار، وأخرى موالية للرئيس سلفاكير ميارديت" . واعتبر نوك مابير أن النائب الأسبق رياك مشار يتحرك وفق أجندة سياسية، مبيناً أن هذه الأجندة سرعان ما تتجه نحو القبيلة من الذين يقفون في مساندة مشار، وأضاف: "انشقاق مشار داخل الحركة الشعبية في نهاية القرن الماضي، كان خلافاً سياسياً مع قرنق، ولكن القبيلة أفسدت الاتفاقية" . وفي تطور لاحق، كشفت تقارير أمس عن توقف تدفق النفط القادم من حقول ولاية "الوحدة" بدولة جنوب السودان إلى حقل هجليج بالسودان، وعزت توقف تدفق النفط لإيقاف ضخ البترول القادم من حقول (منقة - الثور - يونتي) جراء هروب العاملين بالشركات البترولية من تلك المناطق التي تشهد معارك بين الجيش الشعبي والمجموعات المناصرة للدكتور رياك مشار . وأشارت التقارير إلى أن المواجهات بين الطرفين دفعت أعداداً من المواطنين خاصة دينكا فارينق إلى الفرار باتجاه الشمال، وأوضحت أن مجموعات كبيرة منهم وصلوا تخوم منطقة هجليج وهم في حالة إنسانية سيئة . كما أشارت إلى مقتل مواطن سوداني برصاص مسلحين مجهولين في جوبا، وبحسب إذاعة "تمازج" التابعة للأمم المتحدة فإن السوداني قُتل في منزله الواقع في حي مونيكي ونقل جثمانه إلى مستشفى جوبا التعليمي .