استشرى القتال في مناطق عدة من جنوب السودان، أمس الخميس، بعد خمسة أيام من تفجر الوضع عقب "محاولة انقلابية"، وفقد الجيش الحكومي ثكنات عسكرية في مدينة "يور"، في حين بدأت مؤشرات انزلاق البلاد إلى حرب أهلية تتوالى، ودعا نائب الرئيس السابق ريك مشار، أمس، الجيش إلى الانقلاب على سلفاكير، وأكد أنه لن يقبل بغير رحيل خصمه عن الحكم، فيما قال جنرال منشق يدعم نائب الرئيس السابق أريك مشار: إنه يستعد لتوجيه قواته إلى جوبا لخوض معركة فاصلة ضد الرئيس سلفاكير . وفشلت وساطات قام بها وزراء من دول شرق إفريقيا في إنهاء الأزمة، بينما تواصل نزوح المدنيين من نقاط القتال، وقالت الأممالمتحدة: إن مسلحين هاجموا قاعدة تابعة للمنظمة الدولية لجأ إليها مدنيون في ولاية جونقلي مرجحة سقوط قتلى . جيش سلفاكير يفقد ثكنات وترحيل الأجانب مستمر والوساطات بلا جدوى توسع القتال في جنوب السودان واستعدادات للزحف على جوبا الخرطوم - عماد حسن: استمرت، أمس، ولليوم الخامس على التوالي، محاولات جيش جنوب السودان السيطرة على الأوضاع الأمنية، فيما تتسارع وتيرة المعارك الضارية بينه وفصائل عسكرية أخرى في صراع تزداد رقعته اتساعاً، بالتزامن مع مساع إفريقية وغربية لاحتواء الأزمة المستفحلة . وأكدت مصادر من جوبا، أمس، سقوط ثكنات عسكرية في أربع مناطق هي "بور" و"مقير" و"منقلا" و"أكوبو" في أيدي قادة عسكريين موالين لنائب الرئيس السابق د . رياك مشار الموجود حالياً بمنطقة "البيبور" . وأكد المتحدث باسم جيش جنوب السودان أن الجيش فقد السيطرة على مدينة بور، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية، وقال فيليب اقوير "لا نسيطر على بلدة بور" . وأكدت المصادر أن مشار موجود حالياً في "البيبور" وسط عدد كبير من قواته، وذكرت أن حاكم ولاية الوحدة السابق تعبان دينق ووزير البيئة السابق ألفريد لادو طلقاء ولم يتمكن الرئيس سلفاكير ميارديت من اعتقالهم بعد . وأفادت أن كل المناطق العسكرية في ولاية جونقلي أصبحت تحت سيطرة الجنرال المنشق عن الجيش الشعبي بيتر قديت، الذي يستعد الآن للزحف نحو جوبا لخوض معركة فاصلة ضد الرئيس سلفاكير . ويساند قديت نائب الرئيس السابق المتهم بتدبير الانقلاب د . رياك مشار، وهما الاثنان من قبيلة النوير، وهو ما يؤكد أن الأمور في الدولة الوليدة تنجرف بسرعة ناحية الحرب الأهلية على أساس عرقي . ودعا رياك مشار الجيش إلى إطاحة سلفاكير، مؤكداً في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية (آر إف أي) أنه لا يريد أن يناقش إلا "شروط رحيل" منافسه بعد معارك أسفرت عن أكثر من 500 قتيل . وقال مشار: "أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان، (الحزب السياسي الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي لتحرير السودان، القوات المسلحة في البلاد) إلى إطاحة سلفاكير من منصبه على رأس البلاد" . وقال: "لست مضطراً لقتال سلفاكير، فقواته التي أغضبها تصرفه ستنقلب عليه" . ودعا مجلس السلم والأمن الإفريقي، قادة جنوب السودان وجميع أصحاب المصلحة الآخرين للتصرف بأقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن الأفعال التي تؤدي إلى تفاقم الوضع المتفجر والبحث عن حلول للمشكلات الراهنة من خلال الحوار والمصالحة . ووصلت جوبا، أمس الخميس، مجموعة من وزراء خارجية دول عدة في شرق إفريقيا "الإيقاد" في مسعى إلى إنهاء القتال المستمر منذ الأحد الماضي لتكون أول بعثة أجنبية تدخل جوبا منذ تفجر الصراع، بغرض التوسط من أجل التهدئة ووقف المعارك التي دخلت يومها الخامس في جنوب السودان واتسع نطاقها لمناطق خارج العاصمة، بعد أن كانت محصورة هناك . وأجرى الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور اتصالاً هاتفياً بسلفاكير للاطمئنان إلى الأوضاع، وتأكيد دعم مصر الكامل لاستقرار وسلامة دولة جنوب السودان . من جانبه، دعت مركز مجموعة الأزمة الدولية إلى الوساطة في الأزمة، عبر دعوة جميع الأطراف إلى وقف أعمال العنف على الفور، وبخاصة ضد المدنيين ودعوة حكومة جنوب السودان بالدخول في حوار مع معارضيها . وكشفت الأممالمتحدة عن انتقال الحرب إلى ولاية الوحدة شمال جنوب السودان، وأعلنت أمس أن مقرها استقبل عمالاً فارين من حقول النفط تخوفاً من القتال الذي نشب هناك، وقالت إن عمال نفط طلبوا الحماية في مجمع للأمم المتحدة بمنطقة بانتيو المنتجة للنفط، بينما قالت مصادر إن بعضهم قتل . وكانت سفيرة الولاياتالمتحدة في جوبا سوزان بايج أجرت محادثات مع سلفاكير وأبلغته "القلق من استمرار العنف وازدياد عدد القتلى والتحديات الإنسانية"، وفق ما أوضحت الخارجية . من جهته، أوضح موظف في وزارة الدفاع الأمريكية أن "الظروف الأمنية في جوبا باتت سيئة فعلاً مع إطلاق نار في المطار"، وأوضحت الخارجية أنه قد يتم تسيير رحلات أخرى بحسب الحاجة . ونصحت الخارجية البريطانية مواطنيها بعدم السفر إلى مساحة 40 كيلومتراً من الحدود بين جنوب السودان والسودان وإلى جوبا وولاية جونقلي، والاقتصار على الرحلات في حالات الضرورة فقط إلى المناطق الباقية في جنوب السودان . وكانت النرويج سحبت أيضاً قسماً من بعثتها الدبلوماسية في جوبا، وقال الناطق باسم الخارجية النرويجية فرود أندرسن "إنه تم تخفيض عدد موظفي السفارة (النرويجية في جوبا) إلى الحد الأدنى" . وخلافاً لدول غربية، قالت الصين إنها ستحمي رعاياها هناك، وقالت متحدثة باسم الخارجية الصينية أمس الخميس أن بلادها ستتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية رعاياها ومنظماتها في جنوب السودان، وتراقب الوضع عن كثب . وفي الخرطوم، كشف تحالف المعارضة السودانية عن اعتزامه إرسال وفد إلى دولة جنوب السودان لتقديم مبادرة تهدف لنزع فتيل الأزمة في الدولة الجارة .