في زحام الحياة نحتاج أحياناً إلى أنفسنا، إلى أن نواجه مرآة روحنا هنالك في الزوايا الصامتة، هنالك حيث الأنا والذات، حيث العزلة الجميلة، والوحدة الأجمل، تماماً كما يفعل النسر حينما يرتقي عالياً في السماء ويبقى وحيداً، حيث لا أحد يقول وبأعلى صوته «البعد عن الناس راحة» وقد تكون هذه أسطورة، لكنها حقيقة، لأن العزلة أحياناً تنقي الروح، والوحدة في بعض الوقت تعري الحقيقة أمام الذات، وتكون حينها المواجهة المؤلمة، والمكاشفة الواضحة، وألم المحاسبة، وإزعاج صراحة الحقيقة. وكأن الإنسان حينها يمارس عملية الصقل التي يصفها ابن الرومي وصفاً جلياً ورائعاً حينما قال حكمته الرائعة «كن كالثلج الذائب، طهر نفسك من نفسك» فعلاً هي عملية تطهير، وقضية مواجهة للذات، وتمحيص للوجدان، وسبر لكل خطايا الإنسان، وتأمل في ماضي الزمان. الله ما أجمل الوحدة المنتجة! وما أجمل العزلة الممحصة! فالبعد عن الناس أمر نحتاجه بين حين وحين، كما فعل سيد المرسلين حينما كان يتحنث في غار حراء، ليواجه الذات، ويبتهل إلى الإله، ويخرج بعدها منتشياً بعبق الحياة، وطاقة الروح، ليلتقي بالبشر مجدداً، بعد أن تزود بزاد الروح، وانتعش بإكسير الحياة. حكمة المقال: «إذا استطعت أن تواجه نفسك، فاعلم أنك قد عرفتها حقاً» د. علي شراب. The post العزلة دواء للروح appeared first on صحيفة الرؤية.