نادرا ما تسمع خطابا سياسيا حتى نهايته، لكن خطاب الرئيس من جامعة عدن كان فيه من الصدق والمكاشفة والحقيقة مايجعلك تسمعه مرة ومرتين. كلمات ومشاعر تلقائية اختلط فيها الشجن بالابتسامة والحكمة بالتجربة ودعوة صادقة للتسامح وإغلاق ملفات الماضي. نحن –كيمنيين- احوج ما نكون الى التسامح فيما بيننا حتى لايبتلينا الله بعدو خارجي يجعل كل واحد منا يدرك قيمة أخيه، وحاشى لله ان يحدث ذلك. دعونا ندرب انفسنا على التسامح بعيدا عن "ترسبات الماضي". عندما نتسامح فإننا نصنع السلام الداخلي في نفوسنا، وهو الامر الذي يتوقف عليه الأمان والبناء والاستقرار في وطننا وحياتنا اليومية؛ فالصفح عن الآخرين هو أول خطوة للصفح عن أنفسنا. متى يمكن ان نتسامح في بلادنا؟ حينما نتخلى عن اعتقادنا بأننا "ضحايا"، قال تعالى: "ادفع بالتي هي احسن"، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك". عندما نتخذ قرارنا بالتسامح فإننا ننسى الماضي الأليم بكامل ارادتنا.. إنه القرار بأن لا نعاني أكثر من ذلك وأن نتخلى عن الرغبة في تدمير الوطن وسفك الدماء واشاعة الخوف بدلا من الامان والهدم بدلا من البناء. الا تلاحظون أن الحياة أقصر من أن نكره بعضنا ونقضي عمرنا في تصيد أخطاء بعضنا البعض وتغذية روح العداء بين الإخوة وابناء البلد الواحد، والبطولة الحقيقية تكمن في القدرة على التسامح وعظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح. وما أجمل مقولة الحكيم غاندي: إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الاساءة؟! ان الكراهية فعل ضعف لايثمر بل يدمر وهناك حكمة لدوج هورتون تقول: "في سعيك للانتقام أحفر قبرين... أحدهم لنفسك". التسامح هو أن ترى نور الله في كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك. وهو أقوى علاج علي الإطلاق والقرار بعدم التسامح هو قرار بالمعاناة الدائمة. قال الله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" .