تنتابني الآن رغبة ملحّة في الكتابة عن الحب، الحب ليس كشعور إنساني يتسرب عبرنا إلى العالم المحيط بنا، بل كفعل إنساني نتسرب عبره إلى العالم ليغدو أكثر أماناً وأكثر ملاءمة لأن نعيش فيه كبشر طبيعيين. ما الذي يمكنه لعالم يفتقر إلى أبسط معادلات الحياة الإنسانية التي كلفت بالخلافة، خلافة الله، الروح التي تشع حبا وجمالا وعذوبة، الله الذي يجيد فعل الحب أكثر من إجادتنا نحن على بلاغتنا الشعور به، ما الذي يمكنه لهذا العالم المشحون والمنافق والمخادع أن يغيره ويدفع به إلى الإتحاد بالله والذوبان فيه والاتصاف بصفاته التي هي أفعال في الحقيقة..؟؟! الحب والفضيلة هل هما فعلان متناقضان كما يعتقد هذا المجتمع الذي يدعي فيه المراوغون أنهم متحدثون باسم الله.. الله الحب والفضيلة فعلا الحياة المتلازمان ..؟ هي حالة حب وجدت نفسي غارقة فيها منذ آلاف السنين ربما وتحديدا منذ ذلك اليوم الذي قرر الله سبحانه وتعالى أن يجمع فيه طينة وخلق أبانا آدم ثم زوجه، حين نفخ الروح فيهما وحين جعل الحب هو أول وأجمل أحساس يتلبس روحنا في عالم الغيب، يومها تحديدا عمدت روحي في بحر الحب وغدوت أكثر شعورا بكوني إنسانة تليق بها الحياة والخلافة. كم نبدوا أكثر شجاعة وقوة حين نعبر عن كرهنا وحقدنا أو حتى في ابسط الحالات اختلافنا مع أي شخص، بل ونعود إلى مجالسنا نتفاخر ونتباهى أننا شتمنا فلانا وأخبرنا علانا أنا نكرهه. في حين نتخفى ونتردد حين نعبر عن مشاعر الحب ونجلد ذواتنا، ونشعر بمزيد من الخوف وتأنيب الضمير..!! ويبقى السؤال لماذا؟ أي مجتمع نحن، نتفاخر بالكره والحقد وتدنيس أعراض الآخرين والعبث بالمشاعر، ونتخفى في الحب ونعده جريمة وعاراً وخدشاً للحياء والشرف وكل هذه الكلمات والمصطلحات المفرغة منها..؟ سئمت والله الحديث والكتابة عن مشاكل هذا البلد الغارق في حالة حقد وكره وبشاعة، تماما كما سئمت العيش فيه، ننام ونصحوا على أحاديث القتل والاغتيالات والتفجيرات، أو على صورة عبد ربه أو علي محسن أو وزير الداخلية..!! يجب أن نشيع حالة من الحب في هذا الوطن المحروم عاطفيا، يجب أن نخبر كل من نعرفهم أننا نحبهم بلا انتظار مقابل، نحبهم لأنهم لا يزالون يتقاسمون معنا هذا الوطن الملغوم بالخيانة والحقد، المغمس بالدماء والدموع. * أسبوعية "المنتصف"