الشرق الاوسط، مهد الحضارات البشرية وموطن اهم الديانات السماوية، لوحة فريدة بقيت علي مرّ السنين ولعشرات القرون.. حضارات متعايشة ومتنافسة، تتقاتل احياناً لكنها لم تحرق مدن بعضها ولم تلغ مدنية سبقتها.. خلاف سيرة الغرب منذ تاريخه القديم يحرق الحواضر والمدن التي يهاجمها ليتفرد بكل شيء... الشرق مهبط ادم ومنشأ نوح ومولد شيخ الانبياء ابراهيم(عليهم السلام) وفيه اوحي لموسي(عليه السلام) وفي الشرق بعث عيسي بن مريم عليه وعلي امه السلام رسولاً ونبياً وفي الشرق ختم الله شرائعه برسالة الاسلام التي جاء بها محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله... وفي الشرق ديانات اخري لم يبق من اتباعها الكثير كالزرادشتية والصائبة المندائية والايزدية... مجتمعات دينية تعايشت فيما بينها علي مدي قرون من الزمن... فتجد في شارع واحد مآذن واجراس صلبان واهلةّ... لكن هذا التعايش الديني الشرق اوسطي كان علي موعد مع المؤامرة التي ارادت ان تأمرك الدنيا تحت عنوان العولمة وصدام الحضارات ومن اجل افراغ الشرق من المسيحيين! ولكن كيف يفرغ الشرق الاوسط من اهله؟!وكيف يحدث الصدام بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية المسيحية؟! حيث يحاول الغرب مصادرة المسيحية لصالح اهدافه السياسية بعد ان عجز عن ربط جميع قيادات المسيحيين الشرقيين بأجنداته خاصة وان اغلب المسيح في الشرق يتبعون الكنيسة الارثوذوكسية... هنا، يظهر دور السلفيين التكفيريين الوهابيين الذين نشأوا في حضن المستعمر البريطاني ومن ثم الاميركي...نتصور ان صنيعة اميركا تفقس ارهابيين يهاجمون برجي نيويورك والبنتاغون! ثم يستكمل الامريكي السيناريو بإعلان الحرب الصليبية على العالم الاسلامي ويعممها تحت مظلة الحرب علي الارهاب على العالم كله ولكن لا يهاجم الاميركيون مركز ومفقس الارهاب التكفيري(السعودية) بل البلدان التي اكتوت بناره كأفغانستان والعراق!! ويتحول الشرق الاوسط الي ساحة حرب بين جنود الغرب المتسترين بزي عدوه (القاعدة) والقوي الوطنية التي تقاوم جيوش ومشاريع الغرب من جهة وجنوده المتسترين (القاعدة) من جهة اخري... لكن الضحية هم: التنوع الديني والمذهبي والثقافي في المنطقة،الضحية هم الشيعة الذين يقتلّون والمسيح والصابئة والايزديين الذين يهجرون والسنة الذين تحولوا بعين ابناء اوطانهم الي حواضن للارهاب! ولعل ما يحدث اليوم في سوريا والعراق خير دليل علي ذلك، والغريب ان الذين يدعون الدفاع عن المسيحيين هم من يمولون الجماعات المسلحة والقتلة بالسلاح..وهم من يمدونهم بالخبرات والاموال وبشكل علني بلا اي خجل. انظروا المعادلة: 1- قطر والسعودية وتركيا واسرائيل تدعم المسلحين "الجهاديين"، 2- المسلحون "الجهاديون" يهاجمون الكنائس والبلدات المسيحية، 3- قطر والسعودية وتركيا واسرائيل حلفاء لاميركا وبريطانيا وفرنسا، 4- اميركا وبريطانيا وفرنسا تدعي الدفاع عن المسيحيين والاقليات في الشرق الاوسط!! كل عام ومسيحيونا بخير.. كل عام وشرقنا الاوسط يحافظ علي تنوعه الديني والحضاري. مروة ابو محمد