الشارقة إبراهيم اليوسف: إلى أي حد ينعكس الانتقال من عام ماض إلى عام جديد على النص الإبداعي للكاتب؟ وهل أنه مجرد تغير رقم عام فائت إلى عام آخر، نلج بوابته، على سوية ما يقدمه الكاتب؟ وهل ما يكتب فيما قبل الخط الفاصل بين سنتين، عما بعده، حتى ولو كان الفارق الزمني جد طفيفاً، بلغة الساعة، وما يتوالد عنها من دقائق وثوان؟ أم أن الحاجز الزمني، لاسيما بين سنتين متتاليتين، هو مجرد افتراض لا ينعكس على مستوى إبداعات المبدع؟ أسئلة كثيرة تتناسل هي الأخرى، عندما نتأمل المعني بالعلاقة بين الزمن والمبدع والإبداع، بشيء من الفلسفة، كي يصل إلى درجة تأثير الزمن، في حدود الانتقال من سنة إلى أخرى على عالم النص، وهو سؤال مشروع، لاسيما فيما إذا أدركنا أن الحدود التي توضع بين محطتي عامين متتاليين، تكاد تكون وهمية . هذه الأسئلة التي قد تبدو بسيطة، للوهلة الأولى، حملناها إلى عدد من الكتاب الإماراتيين، حيث أثارت تفاعلاً إيجابياً، من خلال تباين الإجابات عنها، ما يدفعنا لتشكيل مقاربة أولى، من وقائع معيشة، تكاد لم تعالج من قبل، من خلال هذا المنظور المتحرك . وفي كل الأحوال يبدو عقرب الساعة بالمفهوم الزمني ملاصقاً لحركة الإبداع التي لا تبدو دائرة ولا عمودية، فكل إبداع شمولي وإنساني له تشكلاته الأفقية دائماً . إن من كتب نصه الإبداعي، سواء أكان شعراً، أم قصة، أم رواية، أم مسرحية، أم حتى مقالاً أدبياً، فإن هذا النص قد يوقع بتاريخين متباينين، كل منهما يرتبط بسنة مختلفة عن الأخرى، مع أن زمن كتابته قد لا يستغرق أكثر من ساعة واحدة، أو أقل، أو أكثر، وهو ما يحيلنا إلى الاستعانة بالمقياس البارومتري، كي نتأكد من أن مثل هذا الحاجز يكاد ألا يترك أية خصوصية وفوارق بين مرحلتي ما قبله، وما بعده . ورغم تسجيل مثل هذه الملاحظة على مثل هذين التاريخين المتقاربين، إلا أن استقراء العلاقة بين تطور الملكة الإبداعية، لدى أي مبدع، فإننا نلاحظ أن لعامل الزمن دوره الكبير في إنضاجها، إضافة إلى شروط أخرى منها الخبرة والتجربة بل والثقافة وغيرها . . وغيرها . يقول القاص إبراهيم مبارك: إن الإبداع لا تخطيط له، فهو يولد وفق شروطه الخاصة، غير مكترث بعامل الزمن، الذي نعرفه، بل إنه في عالم الإبداع، لا يمكن الحديث عن نقطة بدء في أول السطر، لأن الحياة متواصلة، ومتشابكة، بل هي سلسلة حلقات طويلة، وإن أي فصل بين أية حلقة وأخرى، يغدو مجرد ضرب من العبث . أما فيما يتعلق بمراجعة المبدع لمنجزه، فهو أمر يتم من قبل الكثيرين من المبدعين، حتى يستطيعوا معرفة إلى أين وصلوا؟ وأين أخفقوا، وأين حققوا الشرط الإبداعي، وإن أي مبدع لا يراجع ما قدمه، بعين تقويمية لا يستطيع تقديم ما هو أفضل . وترى الكاتبة عائشة عبدالله "أن على الكاتب، أياً كان، أن يدقق فيما كتبه بين عامين، كي يستطيع معرفة درجة التطور الذي أنجزه، بل لكي يعرف أين أصاب؟ وأين أخفق، لأن مراجعة الذات المبدعة أمر من مستلزمات من يحترم رسالته الإبداعية وضرورة نقدية" وأضافت: عام 2014 بالنسبة إلي، سأفتتحه من خلال الشروع بالكتابة للطفل، فأنا أرى أن أطفالنا بحاجة كبيرة إلى أن نكتب لهم . بينما رأى الشاعر والقاص عبدالله السبب "أن المرء لابد له من أن يخطط في الإبداع، كما يخطط في الحياة، وذلك لأن المبدع الفعلي هو من يفكر بهاجس الابتكار الكتابي، قبل أن يفكر بالكتابة نفسها، لأن أية كتابة من دون ابتكار هي عجفاء، عقيمة لا قيمة لها، وأن من شأن عامل الزمن أن يطور أدوات الكتابة، لدى مَن يهتم بصوته الخاص، ويشتغل عليه، على نحو جاد"، وأضاف: سأشتغل خلال هذا العام الجديد على مجموعتي الشعرية "أطلس حيث الإمارات العربية المتحدة" . ويرى القاص عبدالرضا السجواني: "تعودنا أن نبحث بين حين وآخر عن مخارج جديدة للإبداع، وما أن نصبح في مواجهة عام جديد، فإن ما يتبادر إلى أذهاننا أن نقدم ما هو جديد، فنياً وجمالياً، ودلالياً، لأن المبدع عليه ألا يقدم إبداعات متشابهة، كما أن توقف الكاتب عند إخفاقاته أمر مهم، لئلا يقع في فخ الغرور والرضا عن الذات، وإن العام الجديد يعني للمبدع طروحات جديدة، ويعني إنجازات جديدة، لأنه مع كل عام جديد، يجب أن تكون هناك عطاءات إبداعية جديدة" . ويقول الكاتب خالد المسكري: "أصدرت كتابي "الدليل العملي لكتابة الأعمال"، وقد لقي اهتماماً كبيراً من قبل القراء، كما أشارت إلى ذلك مبيعات الكتب، على مستوى عالمي، وها أنا أخطط لتأليف كتاب جديد عن "السيرة الذاتية"، من خلال منظور مختلف عما هو معروف، وكل هذا يدل على أن أحلامنا في الكتابة مرتبطة بعامل وحركة الزمن" .