القاهرة (محمد عز العرب) - أثار اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور المصري في 14 و15 يناير الجاري، جدلاً واسع النطاق بشأن ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع لانتخابات الرئاسة، المقرر لها أن تجرى بعد شهور قليلة، في أعقاب تعديل خارطة المستقبل، حيث أجمع خبراء وحزبيون وأكاديميون أن فرص فوز السيسي كبيرة، نظراً لشخصيته الكاريزمية الناتجة عن مواقفه المؤيدة لثورة 30 يونيو ومناهضته لحكم الإخوان وهشاشة ممثلي التيارات المدنية التي يحتمل أن تواجهه. ويرى السيد ياسين مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن فرص فوز الفريق عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حال اتخاذه قرار خوضها، سوف تكون كبيرة مقارنة بأية مرشح آخر سواء كان من خلفية عسكرية أو ينتمي إلى تيارات مدنية، نظرا لأنه يحظى بشعبية كاسحة لدى قطاعات واسعة داخل المجتمع المصري، إذ يمثل المؤسسة التي لم ترضخ لتهديدات سلطة الإخوان في عز قوتهم، فضلا عن دعمه لثورة 30 يونيو التي أعادت الثقة بين الشعب والجيش والشرطة. وطالب ياسين، السيسي بخوض انتخابات الرئاسة لأنه رجل المرحلة الحالية، لاسيما وأن جماعة الإخوان تحاول هدم ثورة 30 يونيو وإفشال المرحلة الانتقالية الحالية وتصدير صورة سيئة عن الوضع الداخلي لمصر، مشيراً إلى أن ما شهدته مصر بعد 30 يونيو هو «انقلاب شعبي» يعبر عن الإرادة الشعبية وليس انقلابا عسكريا، وأن البلاد تنتظر لحظة حاسمة وهي الاستفتاء على الدستور، وهو ما يفرض على جميع القوى السياسية والتيارات الفكرية والحركات الثورية الوطنية تلبية النداء ب»نعم». ويتفق مع هذا الرأي د. أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية السابق، بالقول إن الفريق عبدالفتاح السيسي سوف يقرر، خلال الأيام المقبلة، سواء قبل أو بعد الاستفتاء، خوض انتخابات الرئاسة، نظراً لعدة اعتبارات منها موقفه من ثورة 30 يونيو 2013 التي جمعت غالبية القوى السياسية والمجتمعية ومعارضته للحكم السلطوي لجماعة الإخوان ومناهضته لمحاولاتها المستمرة للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية وتغليب منطق «التمكين» وليس «المشاركة»، لافتا النظر إلي أن المصريين لن ينسوا الاجتماع التاريخي الذي ضم قادة القوات المسلحة وقيادات النخبة السياسية وبحضور شيخ الأزهر والبابا تواضروس بشأن رسم خريطة طريق المستقبل، والتي لولا السيسي لكانت «الدولة في خبر كان»، لاسيما وأن جماعة الإخوان كانت ترغب في البقاء أكثر من 500 عام. وأكد حرب أن فرص السيسي في الفوز بالانتخابات الرئاسية عالية للغاية، ولا ينازعه مرشح أخر، سواء كان عسكريا أو مدنيا، من مؤيدي الثورة أو من شاغلي مناصب في الدولة، لاسيما وأن الدولة المصرية تخوض حربا ضروس في مواجهة الإرهاب المتصاعد، الذي تمارسه بقايا جماعة الإخوان مع بعض التيارات الجهادية والتكفيرية والجماعات المؤمنة بفكر القاعدة، موضحاً أن الخلفية العسكرية للفريق السيسي تعطيه نقاط إضافية ولا تخصم من رصيده، لاسيما أن مصر دائما يحكمها شخص عسكري منذ ثورة يوليو 1952. علاوة على ذلك، لا يوجد مرشح من التيار المدني، سواء كان عمرو موسى أو حمدين صباحي، يمكنه مواجهة السيسي في الانتخابات المقبلة، نظرا لأن ترشيحهما ليس محل ترحاب من القوى المدنية. وأوضح د. محمد عبدالسلام الخبير في الشؤون العسكرية ونائب مدير المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية أنه لا يوجد مرشح يحظى بتوافق عام داخل الساحة السياسية في مصر سوى الفريق السيسي، لاسيما وأن البلاد تحتاج إلى رئيس يحصل على نسبة كبيرة من أصوات المصريين، وليس فقط الحصول على نسبة متقاربة أو حتى معقولة، لأن خبرة الانتخابات الرئاسية الماضية، والتي فاز فيها مرشح الإخوان محمد مرسي بواحد وخمسين في المئة أوضحت صعوبة تجربته، مؤكدا أن السيسي هو الذي يمكنه حسم المعركة الانتخابية، وربما من الجولة الأولى، بما يجنب البلاد تجربة الانقسام التي عاشتها في ظل حكم الإخوان. كما أن مصر، تحتاج في المرحلة المقبلة، إلى رئيس قوي بمهام واضحة وخطط محددة، وهو غير متوافر لدى ممثلي التيارات المدنية. ويرى عبدالسلام أن السيسي لم يكن راغبا، وفقا لمؤشرات مختلفة، في الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فضلا عن تيار محافظ داخل القوات المسلحة، حتى لا يتيح للإشاعات الإخوانية وانتهازية بعض القوى الثورية ومبرر المعارضة الأميركية والغربية لما حدث بعد 3 يوليو، غير أن ثمة تكلفة يمكن أن تتكبدها الدولة والمجتمع والاقتصاد في مصر، في حال عدم خوض السيسي للانتخابات، لأنه في موقف مشابه إلى حد ما مع موقف جمال عبدالناصر بعد هزيمة يونيو 1967، حينما طالبه الشعب بعدم التنحي وضرورة إكمال المسيرة، موضحاً أن الاستفتاء المقبل سوف يكون استفتاء شعبيا ليس على مسار خريطة الطريق أو مناهضة وجود الإخوان وإنما سيكشف مدى شعبية السيسي لدى المصريين. ... المزيد الاتحاد الاماراتية