في مراحل مبكرة من أعمارهم يمارس عدد من الطلاب ما كان أجدادهم يمارسونه من عادات وهوايات وتقاليد وأسلوب حياة، ويحاكون ما قدمه لهم آباؤهم من إرث ثقافي بكل مفرداته، يحيون تراثهم، وعاداتهم وتقاليدهم ويجسدونه بشكل بالغ الإتقان ينم عما يحملونه من مشاعر الانتماء والفخر بما تركه لهم الأجداد، يعبر الطلاب عن ذلك في معرضهم التراثي الذي يمثلون به مدينة العين في مسابقة المعرض التراثي الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بعد أن حصلت مدرستهم مدرسة سلطان بن زايد للتعليم الأساسي فيها على المركز الأول على مستوى مدارس العين ح 2 بنين . في الركن الخاص به، قام الطالب خالد عبد الله وزميله عبد الله سعيد، الصف التاسع، بإعداد لحم التنور أمام الضيوف والزوار وقام بشرح عملية إعداده بالتفصيل . يقول: نفخر بتراث أجدادنا، وتعلمت منه الكثير من خلال والدي ومعلم التاريخ في المدرسة، وفي معرضنا نقدم للزائرين والزملاء من الطلاب معلومات وافية عن إحدى الأكلات الشهيرة التي كان أجدادنا يعدونها في السابق واستطعنا فعلاً اجتذاب اهتمامهم الذي بدا جلياً من خلال التساؤلات . القهوة العربية الشهيرة تناولها بالشرح الطالب عادل البلوشي بالصف التاسع يقول: استعرضت مراحل تسوية القهوة وإعدادها على الطريقة القديمة من خلال طحنها مع القرنفل والهيل واستعرضت أنواع الدلال التي كانت تستخدم قديماً وتسمى المسلة والمخمرة والمصبة، والأدوات التي كانت تستخدم لإعداد القهوة مثل المدق والمنحاس الخشبي والنحاسي ولاقى ما استعرضناه اهتمام الزوار ورغبة شديدة في معرفة المزيد، لا سيما من زملائنا في المدرسة . واستعرض الطالب حمد ناشر، الصف التاسع، كيفية إعداد ما يعرف بقرص الجمر، ويقول: علمنا أستاذنا خلفان القايدي، معلم التاريخ، الكثير من الأكلات القديمة ومنها هذه الأكلة وعلمنا كذلك كيف أنها تتمتع بكل العناصر الغذائية مثلها مثل بقية أكلاتنا الشعبية التي ثبت أنها من أكثر الأكلات تطابقاً مع المعايير الصحية في العالم . ويقول القايدي: المشكلة أن الأسر تعلم بكل تفاصيل هذا التراث ولكنها في كثير من الأحيان لا تنقلها لأبنائها ونحن في أشد الحاجة لتعريفهم بها لكي لا يندثر التراث، ومن هنا نقوم بدورنا في المؤسسات التعليمية في توعية الأبناء بتراث آبائهم وأجدادهم من خلال هذه الفعاليات والأنشطة . معلومات وفيرة عن التمر والدبس قدمها الطالبان خالد ناصر، بالصف الثامن ومحمد سبت، بالصف السابع، يقول الأول: نستعرض كل ما يتعلق بالتمر والنخلة ودورها في حياة أجدادنا، قدمت شرحاً وافراً عن التمر وكيفية وزنه ومراحل اعداده وحفظه وغيره من معلومات أفادت الزوار كثيراً لا سيما مع التساؤلات الكثيرة التي تلقيناها . وكانت مهمة الطالب سيف الشامسي، الصف الثامن استعراض محتويات دكان الفريج قديماً حيث قدم مجموعة من الحلوى والأعشاب وقام بشرح كيف كان الدكان وجهة الأطفال في الماضي ومصدر السعادة الأكبر لهم . يقول: استعرضت في الجناح الخاص بنا مجموعة كبيرة من الأعشاب المعروفة في الماضي مثل الزعتر والكركديه والجعدة والصبر والحلول واللومي وغيرها، وقد اكتشفنا أن كثيراً من الطلاب لم يكونوا يعلمون عنها شيئاً فسعدت كثيراً بتعريفهم بها . ومن جانبه قام الطالب سالم سعيد العلوي، الصف الثامن، بخلط الخبز مع السمك القشع مع السمن في خلطة أثارت فضول الزوار، يقول: تسمى هذه الأكلة السحناة وتتكون من السمك الصغير المبشور والبصل الأبيض والليمون والزعتر وخبز الرقاق والثوم، وتعجبت لأنها المرة الأولى التي يعرف فيها بعض الزوار، هذه الأكلة على الرغم من أنها كانت شهيرة في الماضي . أما الطالبان عمار علي وحميد خلف، الصف السابع، فاستعرضا كيفية استخراج اللؤلؤ من المحار وعملية الغوص بشكل عام، يقول خلف: لدي رخصة غوص، ووالدي كان غواصاً في الماضي، وقد علمني كل ما يخص هذا العالم الجميل، اليوم أقدم معلومات غزيرة عنه لزملائي والضيوف في هذه القرية التي أعددناها من أجل الفوز بالمسابقة، وحققنا بالفعل أولى المراحل وهي تمثيلنا لمدينة العين في المسابقة على مستوى الدولة . يضيف: أتمنى العمل بالغوص مستقبلاً، فقد أحببت هذه المهنة كثيراً واليوم شرحت لكل زملائي كل ما يتصل بها، ومنها الخطام والشمشول والخيط وغيرها الكثير وشرحت لهم كيفية القيام بالغوص ومواسمه ومراحله . وفي إحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، جلس الطالب محمد المري، بالصف الثامن، ضمن المجموعة التي جسدت أحد كتاتيب تحفيظ القرآن في الماضي يقول: كانت تلك هي الطريقة المتبعة في الماضي لتحفيظ القرآن الكريم وأبرزناها اليوم بشكل حي أمام الحضور حيث قمنا بأداء الدور كاملاً لتقريب الصورة للأذهان واستعرض معلمنا محمد أنس الأدوات المستخدمة في الماضي من ممحاة وقلم ومداد ولوح، والعصا التي كانت تستخدم لعقاب المقصرين في الحفظ . وكان ركن الصقور الأكثر جذباً حيث حمل الطلاب عيضة الصيعري، الصف الثاني الثانوي، وراشد محمد، الثالث الثانوي، وزايد المزروعي صقور الوكري والجير شاهين واستعرضوا كل ما يخص هذه الهواية التي لا تزال محور اهتمام الإماراتيين وقدموا للزوار شرحاً وافياً عن الصقور وفصائلها وطريقة ترويضها وغيرها من معلومات . ويقول محمد الزرعوني، مدير مدرسة سلطان بن زايد للتعليم الأساسي بنين: أنشئت القرية التراثية من أجل الانضمام للمسابقة على مستوى الدولة التي تسمى "معرض التراث" وتنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وحصلت المدرسة على شرف تمثيل مدارس العين في المسابقة . الأساس في الانضمام لهذه المدرسة ليس الفوز في المسابقة بقدر ما هو إبقاء الطلاب على علم بتراث آبائهم وأجدادهم والمساهمة في الحفاظ على الهوية من خلال ترسيخها في عقول الأبناء لأنهم الأجيال التي ستحمل راية التطوير والبناء .