قبل عشرين عاما تحالفت «البيغوم» -وهو لقب يدل على الاحترام- الشيخة حسينة واجد رئيسة الوزراء الحالية في بنغلادش والبيغوم خالدة ضياء زعيمة المعارضة للقضاء على الدكتاتورية، لكن خصومتهما الشرسة اليوم تضع بلادهما على شفير الهاوية وتعرضها للتصدع. وفيما تضمن حسينة واجد (66 عاما) بحسب المعطيات فوزها في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الأحد للبقاء في مهامها، تخضع ضياء (69 عاما) عمليا للإقامة الجبرية منذ قرر حزبها مقاطعة الاقتراع الامر الذي يضعف من شرعية ويضع مصداقية الانتخابات على المحك. ويصف المحللون الوضع السياسي الحالي في البلاد بالخطير، فقد عاشت بنغلادش في الأشهر الأخيرة أكثر أعمال العنف السياسي دموية منذ قيامها، بعد فشل مساعي الوساطة بين السيدتين، فالخصومة الشرسة بينهما منعت أي تسوية، وهو الأمر المرشح لمزيد من التصعيد بعد إعلان نتيجة الانتخابات، يقول المحلل السياسي عطاء الرحمن في دكا ان «اقتراع الأحد مباراة تسخين قبل معركة أعنف (بين ضياء وحسينة)، قد تقود البلاد إلى حد التصدع». ومنذ الدعوة الى الانتخابات في اكتوبر الماضي طالبت ضياء بتنحي حسينة واجد جانبا والسماح بتشكيل حكومة مؤقتة تنظم الانتخابات لضمان الحياد، لكن حسينة واجد رفضت ذلك واتهمت منافستها وحزبها «بنغلادش القومي»، باحتجاز البلاد «رهينة» من خلال تنظيم إضرابات قبل الاقتراع. وقد أظهر تسجيل مسرب في أكتوبر الماضي لأول محادثة هاتفية بين السيدتين منذ خمس عشرة سنة الى العامة، مقدار العداوة بينهما، فبعد بعض المزاح التهب الحديث بينهما عندما اتهمت حسينة واجد خالدة ضياء بمحاولة اغتيالها. كما اتهمتها بتزوير وثيقة ولادتها بهدف التمكن من الاحتفال بعيد مولدها بالتزامن مع إحياء ذكرى اغتيال والد حسينة واجد الشيخ مجيب الرحمن في 1975. وفي يناير 2007 دفع عجزهما عن التفاهم على إطار انتخابي، الجيش إلى فرض حالة الطوارئ وتشكيل حكومة مؤقتة، سجنت السيدتين لمدة عام إثر ذلك بتهمة الفساد قبل عقد صفقة سمحت لهما بالمشاركة في انتخابات ديسمبر 2008 التي حققت فيها حسينة فوزا كبيرا. وفي مستهل حياتهما السياسية عملت السيدتان سويا فوحدتا جهودهما للاطاحة بالنظام العسكري في العام 1990، لكن في السنة التالية مباشرة فرقت خصومة سياسية شرسة بين حليفتي الأمس اللتين غالبا ما تبادلتا الشتائم بعد ذلك أثناء التجمعات الانتخابية. ووصلت حسينة واجد للمرة الأولى إلى الحكم في العام 1996 بعد ان قادت تظاهرات حاشدة ضد إعادة انتخاب ضياء في اقتراع شابته المخالفات، وبعد نحو 43 يوما على إعلان فوزها اضطرت خالدة ضياء للتسليم بالامر والقبول باجراء انتخابات جديدة تنظمها حكومة مؤقتة محايدة، غير أن الولاية الاولى لحسينة واجد على رأس الحكومة تلطخت باتهامات الفساد بينما أعادت ضياء الكرة وهزمت منافستها في انتخابات 2001. وبلغت العداوة بين البيغوم ضياء والبيغوم حسينة اوجها في أغسطس 2004 عندما نجت الاخيرة من محاولة اغتيال في هجوم بقنبلة يدوية أسفر عن سقوط 20 قتيلا في صفوف أنصارها، وعلى اثر ذلك الهجوم بدأت شعبية حسينة بالتراجع رغم اتهامها على الدوام نجل ضياء بالوقوف وراء ذلك الاعتداء. وكانت خالدة ضياء ربة عائلة في الخامسة والثلاثين من عمرها عندما قتل زوجها الجنرال ضياء الرحمن الذي أصبح رئيسا، في العام 1981 على إثر محاولة انقلاب عسكري. اما حسينة واجد فتولت من ناحيتها قيادة حزب رابطة عوامي بعد والدها الشيخ مجيب الرحمن مؤسس بنغلادش الذي قتل في نفس الوقت مع والدتها واشقائها الثلاثة على يد ضباط منشقين في 1975. ونتيجة لهذا التاريخ من الصراع بين سيدتي بنغلاديش باتت أصوات عديدة اليوم تندد بهما وتعتبرانهما تستحقان الإدانة لتسميمهما الحياة السياسية، وفي هذا السياق جاءت افتتاحية صحيفة ديلي ستار السبت القول «آن الأوان للزعيمتين للتوقف والتفكير في خروج مشرف»، وأضافت الصحيفة «كفى». a href="http://www.al-madina.com/node/503059/بنغلادش-خالدة-ضياء-وحسينة-واجد-تاريخ-"طويل"-من-الصراع.html" rel="nofollow" target="_blank"صحيفة المدينة