دعوة لموقف اوروبي موحد.. افعال وليس مجرد اقوال ومقاطعة لبضائع المستوطاتلندن 'القدس العربي': في العادة لا يحظى استدعاء الدول للسفراء المقيمين فيها احتجاجا على ممارسات انظمة بلادهم الكثير من الاهتمام، الا عندما يتعلق الامر باسرائيل فقد حظي استدعاء وزارتي الخارجية الفرنسية والبريطانية السفيرين الاسرائيليين المعتمدين لديهما تغطية مهمة. وقد اعتبرت خطوة مهمة خاصة ان الاستدعاء جاء بعد قرار الحكومة الاسرائيلية معاقبة الفلسطينيين بسبب ذهابهم الى الاممالمتحدة وطلب ترفيع وضع فلسطين فيها، اضافة الى اعلان حكومة بنيامين نتنياهو عن بناء 3 الاف وحدة سكنية في منطقة 'اي-1' في الضفة الغربية، وهي خطوة خطيرة لان الدول الغربية ترى فيها قتلا للعملية السلمية، حيث ترى في الاستيطان عقبة كبيرة امام استئناف المفاوضات. ويقول ايان بلاك ان سفيري اسرائيل ربما قضيا دقائق غير مريحة عندما استمعا الى عدم رضا الدولتين عن قرار حكومة بلديهما عن بناء وحدات استيطانية جديدة على الاراضي الفلسطينيةالمحتلة. واشار في تقريره في صحيفة 'الغارديان' الى نفس الخطوة التي قامت بها كل من السويد والدانمارك واسبانيا، وحتى المانيا الحذرة دائما فيما يتعلق باسرائيل اصدرت بيانا احتجت فيه على الخطوة. ويرى الكاتب ان الخطوة الاسرائيلية ليس انتقاما لذهاب الفلسطينيين الى الاممالمتحدة فقط ولكنها ابعد من هذا لانها تمثل ضربة قوية للعملية السلمية حسب بان كي مون، الامين العام للامم المتحدة. ويعتقد ان ما يهم في ردود افعال الدول الاوروبية ان يتبع ذلك فعل قوي وموحد، ويتساءل انه من المهم ايضا معرفة رد الفعل الامريكي التي كانت الدولة الوحيدة في مجلس الامن التي صوتت بلا ضد الاعتراف بفلسطين بصفتها مراقب غير عضو. اضافة الى ذلك ماذا ستكون ابعاد القرار الاسرائيلي على الفلسطينيين المقسمين بين غزةوالضفة الغربية وبين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس. ويحلل الكاتب العلاقات الاوروبية الاسرائيلية حيث يقول ان الاحتجاج الالماني الفرنسي - البريطاني، الدول الكبرى في اوروبا يعتبر اول رد منسق على فعل اسرائيلي، لكن الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة، صوتت منها 14 لصالح فلسطين وامتنعت 12 فيما قالت دولة التشيك 'لا' لفلسطين، ظل يطمح ان يكون لاعبا مهما على المسرح الدولي خاصة في العملية السلمية. ومع كل هذا، فليس من المستغرب ان يرى البعض في الموقف الاوروبي وان كان موحدا 'مجرد كلام' لانه لن يترك اثرا ولن تأخذه اسرائيل بالاعتبار، لان اوروبا عادة ما تقول ما لا تفعل. ونقل بلاك عن يوسي ميكيلبيرغ، الزميل في معهد تشاتم للدراسات في لندن قوله ان 'الشعور في اسرائيل ان اوروبا عادة ما لا تتخذ افعالا لاسباب تاريخية'، ويضيف الباحث ان 'رؤية اسرائيل تقوم على ان الدول الاوروبية اما شاركت في الهولوكوست او لم تفعل شيئا لوقفه، واسرائيل جاهزة للضغط على هذا الزر'. وعلى الرغم من ذلك يقول بلاك ان الامور قد تغيرت بعد 67 عاما من الهولوكوست، والامر يتعلق بالعلاقات التجارية فأوروبا هي من اكبر الشركاء التجاريين لاسرائيل، ومن اكثر الداعمين للفلسطينيين. اسمنت فوق الحل وتساءلت الصحيفة في افتتاحيتها 'اسرائيل فلسطين: اسمنت فوق الحل' ان اسرائيل اذا كانت تريد عقاب الفلسطينيين فكيف ستقنعهم بعد ذلك بالعودة الى طاولة المفاوضات. وشبهت الوضع الذي آل اليه حل الدولتين بكمن يتعلق بحافة جرف فيما يدوس على اصابعه 'بسطار' حذاء ثقيل، حيث قالت ان البسطار كان اسرائيل يوم الاثنين. ووصفت الموقف الاوروبي من الخطوة بغير المسبوق مقارنة مع موقفها الخانع في العادة. وتضيف ان العملية الاستيطانية في الضفة الغربية ومنذ بدايتها تمثل دراسة تراكمية عن الانتهازية. وتقول انه ليس مهما ان كان وزير الخارجية الامريكي جمهوريا ام ديمقراطيا، ففي عام 2005 قالت كوندوليزا رايس ان مستوطنة ابو غنيم هارحوما - يجب ان لا تقام لكنها وبعد خمسة اعوام اصبحت حقيقة على الارض، ونفس الامر يقال عن منطقة اي-1 والتي تقع بين القدس ومستوطنة معاليه ادوميم مما يعني عزل القدس بالكامل عن الضفة الغربية اي عاصمة الدولة في المستقبل، عن بقية المدن هذا في سيناريو حل الدولتين ان طبق. وبحسب المنظمة الحقوقية الاسرائيلية 'بيتسليم' فالخطة ليست جديدة وتعود الى عام 1999 وقد تعرضت للشجب من كل وزير خارجية امريكي. ومع ان الدبلوماسيين الاوروبيين يرون في تنفيذها خطا احمر، فعليهم الآن الاعتراف ان اسرائيل تجاوزته، خاصة ان عزل القدس عن الضفة كان هدف اسرائيل منذ البداية. وتقول ان القرار جاء لعقاب الفلسطينيين لذهابهم للامم المتحدة. ففي الوقت الذي كانت فيه اسرائيل تأمل بالحصول على دعم ما بين 20 -30 دولة لتعطيل الخطوة الفلسطينية لم يقف بجانبها سوى جزر صغيرة ودولة اوروبية واحدة وهي التشيك مما يشير الى العزلة التي تعانيها اسرائيل اليوم في اوروبا. وتختم بالقول ان نتنياهو الذي يريد معاقبة الفلسطينيين لا يزال يتصرف بحصانة، وحتى تقوم الولاياتالمتحدة علاقاتها مع اسرائيل بشكل يشعر قادة الاخيرة ان هناك ثمنا سيدفعونه اذا واصلوا الاستيطان، فحل الدولتين سيظل حلما كاذبا. المستهلك الاوروبي وفي مقال كتبه مارتي اتسيهاري رئيس فنلندا السابق وماري روبنسون، رئيسة ايرلندا ومفوضة الاممالمتحدة لحقوق الانسان السابقة في 'الغارديان' قالا فيه ان الاتحاد الاوروبي والمستهلكين الاوروبيين لديهم فرصة لممارسة الضغوط على اسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني في الضفة. ورأيا في التصويت لصالح فلسطين الاسبوع الماضي فرصة امل في ارض الامل فيها نادر. وعبرا عن خيبة املهما من غياب اجماع الدول الاوروبية على دعم فلسطين، حيث قالا من تجربتهما كمسؤولين حكوميين ان مواقف الاتحاد الاوروبي تتسم بعدم الانسجام. ونفس الوضع يظهر الموقف من الاستيطان الذي يزحف الى الضفة والقدس الشرقية بشكل يجعل من الصعوبة بمكان تحقيق الدولة الفلسطينية. ولاحظا ان اوروبا لا تقرن القول بالفعل فهي وان شجبت الاستيطان الا انها تستورد البضائع من المستوطنات مما يسهل في نمو اقتصادها واستمرارها. تجنب اثارة الاصدقاء واتفقت صحيفة 'ديلي تلغراف' المعروفة بتأييدها لاسرائيل مع موقف وزير الخارجية، ويليام هيغ حيث قالت ان الاخير كان محقا في 'اختلافه' مع اسرائيل. وقالت في افتتاحيتها ان بريطانيا واسرائيل حليفان قويان، فهما متحدان ضد المشروع النووي الايراني ومتحدان كما تقول في القيم. فاسرائيل على خلاف بقية دول الشرق الاوسط، ديمقراطية صاخبة، حيث تجد كل وجهات النظر مكانا من الصهيونية الى القومية والقومية العربية البعثية كما تقول. ومن هنا فعندما تختلف بريطانيا مع القادة الاسرائيليين فيجب ان يتم هذا من خلال روح الصراحة والصداقة، وللاسف فقد اختلف هيغ مع اسرائيل حول الاستيطان على الاراضي المحتلة. وهي تتفهم غضب بنيامين نتنياهو وتقول ان لديه اسبابا جيدا للاهانة التي وجهتها له السلطة الفلسطينية والتي بدلا من ان تؤدي خطوتها المسرحية لحل الصراع فستخلق عقبة امامه. ولكنها تحذر اسرائيل بقولها انه من خلال العقوبات السياسية والدبلوماسية للفلسطينيين فهي تعطي معارضيها الفرصة كي يصورها بطريقة غير صحيحة، دولة في حالة دفاع عن نفسها، تزمجر، ومضطهدة. ومع ان نتنياهو محق في عدم اعطاء السلطة 75 مليون جنيه من عائدات الضرائب التي قد تؤثر على محمود عباس وتفرغ خزينته من المال مقارنة مع حماس الا انه مخطىء في قراره بناء مستوطنات جديدة. وقالت انه لو قام هيغ بدعوة السفير البريطاني من تل ابيب لكانت خطوة مؤلمة. صفعة لبريطانياوالمانيا وفي سياق مختلف تقول 'اندبندنت' ان اسرائيل لم تعاقب الفلسطينيين فقط ولكنها صفعت المانياوبريطانيا اللتين امتنعتا عن التصويت لصالح فلسطين. وهي ان قرأت في قرار نتنياهو سيناريوهين، اما عزل الضفة عن القدس، او عودة للعبة الاسرائيلية باتخاذ مواقف متشددة ثم تطلب مقابل للتخلي عنها، وفي كلتا الحالتين يجب مواجهتها تقول الصحيفة. وترى ان الخطوات الدبلوماسية واستدعاء سفراء اسرائيل وان كان عملا قويا الا انه لن يكون له اي اثر ان لم يقرن بافعال. وتشير الى ان تمسك نتيناهو بقراره يعني قتلا للعملية السلمية. وتضيف ان تفكير وزارة الخارجية البريطانية في خطوات اخرى من مثل استدعاء السفير البريطاني في اسرائيل هي هزيمة للنفس، لان الحل هو موقف اوروبي موحد. والخطوة الاولى هي التوقف عن استيراد البضائع من المستوطنات، وفسخ اتفاقات التعاون التجاري التي تمنح اسرائيل مميزات. وتختم بالقول ان اوروبا ظلت ولوقت طويل تنتظر من امريكا كي تلوي ذراع اسرائيل وقد حان الوقت كي نظهر بعض العزيمة من انفسنا.