تأخذ الازمة السياسية والعسكرية بين الحكومتين الاتحادية في بغداد والكردستانية في اربيل بعدًا دوليًا، فبعد وساطة اميركية بحث الرئيس طالباني مع السفير الايراني تداعيات الازمة بينما سيناقشها أيضًا مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي يزور العراق غدًا، في وقت اعلن رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي أن مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، وافق على مقترحه بانسحاب قوات الجيش الاتحادي والبيشمركة الكردية من نقاط التوتر واستبدالها بالشرطة المحلية. بعد ساعات من الاعلان عن توجه وفد اميركي من اربيل الى بغداد حاملاً مشروع سلام كردياً، فقد بحث الرئيس العراقي جلال طالباني مع السفير الايراني في بغداد حسن دانائي آخر المستجدات و المتغيّرات على الساحة العراقية والاقليمية، حيث اشار الى استمرار الجهود الكفيلة بإنهاء المشاكل وتضييق رقعة الخلافات بين القوى السياسية وخاصة التوتر بين بغداد وأربيل . ومن جانبه اشار السفير الى "حرص بلده على استقرار وامن العراق الجار و دعم العملية السياسية من اجل تقدمها واجتياز المراحل الصعبة" التي يمر بها العراق، كما قال بيان رئاسي عقب الاجتماع الليلة الماضية. وفي هذا الاطار قالت صحيفة "ئاوينه" الكردية إن قاسمي سليماني ممثل المرشد الايراني الاعلى علي خامنئي للشؤون السياسية والامنية اجتمع الاسبوع الماضي بكل من طالباني ورئيس الاقليم مسعود بارزاني وعدد من اعضاء المكتب السياسي لكلا الحزبين الكرديين في اربيل. ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالمطلع أن سليماني لم يخفِ مخاوفه من اتساع دائرة النزاع بين الاقليم وبغداد. واضافت أن زيارة سليماني تزامنت مع زيارة رئيس البرلمان الايراني علي لارجاني الى بغداد واجتماعه برئيس الوزراء نوري المالكي قبل ايام حيث اعرب لاريجاني للمالكي عن استعداد ايران للوساطة بين الطرفين. بارزاني يقبل بمقترح سحب قوات الطرفين وتولي الشرطة للأمن ومن جهته، بحث رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني سبل نزع فتيل الازمة السياسية والعسكرية بين المركز والاقليم. واعلن النجيفي عقب الاجتماع أنه "ضمن مساعيه المستمرة لتهدئة الاوضاع ونزع فتيل الأزمة بين حكومتي بغداد واقليم كردستان فقد بحث مع بارزاني سبل انهاء الازمة الراهنة من خلال طرح الحلول والبدائل والخيارات المتاحة والممكنة لتهدئة الاوضاع بين الجانبين وتجاوز مرحلة المواجهة المسلحة". وقال النجيفي في تصريح صحافي مكتوب عقب الاجتماع تلقته "ايلاف" في وقت متأخر الليلة الماضية إنه " قدم مقترحًا جديدًا للرئيس بارزاني يتضمن انسحاب قوات الجيش والبيشمركة من نقاط التوتر واستبدالها بالشرطة المحلية، وذلك من اجل تخفيف وطأة الازمة وضمان عدم حدوث مواجهة عسكرية مباشرة". واشار الى ان بارزاني رأى أن المقترح ايجابي على أن يطرح للنقاش في اجتماع اللجان المشكلة "الفنية والعسكرية" لطرفي الازمة. ومن المؤمل أن يعقد رئيس مجلس النواب اجتماعًا مع رئيس الوزراء نوري المالكي بعد عودته من أربيل في وقت لاحق اليوم. وكان النجيفي حذر قبيل توجهه الى اربيل من أن الأزمة السياسية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان تتصاعد في تفاعلاتها بشكل كبير "ومع الاسف وصلت إلى مرحلة التهديد بالمواجهة العسكرية". وأشار إلى أنّه يزور اقليم كردستان "لغرض التواصل وتهدئة الاخوة الأكراد لأن مجلس النواب معني بتحقيق السلم وحفظ الدستور وحيث لا يخلو أي بلد من مشاكل سياسية خصوصاً في ظل التغيير والتحول الديمقراطي الذي تشهده المنطقة". وأضاف أنّه استكمالاً لمبادرته لتهدئة الأزمة سيبحث مع بارزاني بناء على رغبة المالكي الذي طلب منه المزيد من التدخل لغرض التهدئة بعد ورود انباء بتوجه قوات من البشمركة إلى كركوك، كما نقل عنه تصريح مكتوب تلقته "إيلاف". وأوضح النجيفي أنه قد اتصل بالبارزاني الذي أكد له فعلاً صحة الانباء حول توجه قوات كردية إلى المنطقة. وأكد النجيفي أنه سيسعى خلال مباحثاته مع بارزاني إلى حل الاشكال القائم بين الطرفين خصوصًا بعد التصعيد والتهديد بالمواجهة العسكرية. وكان النجيفي اطلق في 30 من الشهر الماضي مبادرة لحل الأزمة بين بغداد وأربيل باجتماعين منفصلين مع المالكي وبارزاني لكن جهود التهدئة تراجعت بعد فشل الاجتماع العسكري بين وفد البيشمركة ومسؤولي وزارة الدفاع العراقية، حيث أعلنت رئاسة إقليم كردستان عن تراجع حكومة بغداد عن وعودها وأكدت أن الأحزاب الكردستانية جميعها اتفقت على صد "الديكتاتورية والعسكرتارية" في بغداد وعلى عدم السماح لأي حملة شوفينية تجاه كركوك والمناطق المختلف عليها. اتهامات لطالباني والمالكي تتبادلها مواقع داعمة لهما وفي هذه الاثناء دخلت مواقع الكترونية مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك على خط الازمة لتوجه اتهامات متبادلة الى طالباني والمالكي باتخاذ اجراءات تصعيدية في الازمة. فقد تم توجيه اتهامات الى الرئيس جلال طالباني بسحب اللوائين الرئاسيين الاول والثاني الى محافظة كركوك لزيادة تواجد القوات الموالية للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامته في المدينة ولاثبات الوجود لأغراض انتخابية مقابل التواجد الكثيف للقوات الموالية لمسعود بارزاني. معروف أن لوائي حماية الرئيس يتشكلان من عناصر قوات البيشمركة الكردية. ونقل موقع "المسلة" المقرب من رئاسة الحكومة عن مصدر مطلع لم يذكر اسمه قوله إن الرئيس طالباني "امر بسحب اللواء الرئاسي الاول واللواء الرئاسي الثاني وهما لوائا مشاة مكلفان بحماية مقر الرئاسة في بغداد الى كركوك وابقى المنطقة الرئاسية خالية من الحماية". واشار الى ان خطوة الرئيس طالباني هذه "تأتي لاغراض انتخابية ولاثبات الوجود في كركوك وموجهة ضد التحشد العسكري الاخير للقوات الموالية لرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني". وكشف المصدر ايضًا أن وصول زوجة الرئيس طالباني هيرو ابراهيم احمد ونائبه في رئاسة الاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول الى كركوك "لم يكن لتهدئة الاوضاع في المدينة كما اعلن بل يأتي ايضًا في باب اثبات وجود الاتحاد الوطني الكردستاني فيها". واضاف أن زيارة هيرو وكوسرت رسول "تدخل في باب الصراع الكردي الكردي في المدينة". وفي المقابل، قال موقع "خندان" الكردي إن رئيس الوزراء العراقي قد اصدر امراً رسميًا بقطع مرتبات حماية رئيس الجمهورية جلال طالباني. وقال استناداً الى مصدر قال إنه خاص لم يسمه إن المالكي وجه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة امراً قبل ايام الى وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي طالبه فيه رسميًا بقطع مرتبات حماية طالباني . واشار الى أن هناك دوافع سياسية لقرار المالكي هذا منوهًا الى أن المالكي تحجج بأن عدد حماية رئيس الجمهورية كبير. وكان المالكي حذر سلطات اقليم كردستان الاثنين بتصعيد الأزمة، محذرًا من "مخاطر لا تحمد عقباها"، في وقت وصلت قوات كردية جديدة إلى مشارف كركوك. وقال إن المسؤولين في الاقليم ينتهجون "نبرة التصعيد غير المسؤولة التي تعود بالضرر الكبير على الجميع وفي مقدمتهم الشعب الكردي". واعتبر أن "تحريك القوات العسكرية والتحشيدات الجديدة خلال الساعات الاخيرة والدفع بها إلى هذه المناطق ومحاولات تهجير بعض العوائل من كركوك لا تدل على رغبة حقيقية في ايجاد الحلول". ودعا "المسؤولين هناك إلى الكفّ عن هذه التصرفات والانتباه لخطورة هذا المسلك وما يمكن أن يجلبه من مخاطر لا تحمد عقباها على الجميع".