أيدت المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي، حكماً بتغريم خمسة أطباء تسببوا في استئصال رحم مريضة، مبلغ 5000 درهم لكل منهم، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. وأفادت أوراق القضية بأن المجني عليها دخلت أحد المستشفيات للولادة في أكتوبر 2009، تعاني تقلصات رحمية قوية، وأعطتها الطبيبة المعالجة دواءً لا يتناسب مع حالتها الصحية، ما أدى إلى حدوث تهتك جزئي بالجدار الخلفي للرحم، ونزيف، وأدى تعامل فريق العمل بالعناية المركزة مع النزيف بشكل صحيح إلى إصابة المجني عليها بعاهة مستدامة تلازمها مدى حياتها وهي استئصال الرحم الذي يمنعها من الإنجاب مستقبلاً حسب تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية. تقرير اللجنة الطبية قالت المحكمة الاتحادية العليا، إن رفض طعون الأطباء المتهمين بالتسبب في استئصال رحم مريضة، استند إلى تقرير اللجنة الطبية المعنية، من أن المريضة منذ دخولها المستشفى حتى وضعت، أخذت ساعة ونصف الساعة، بما يعنى أن التقلصات الرحمية كانت قوية، ورغم ذلك أمرت الدكتورة المعالجة بوضع دواء «السينتوسينون» المنظّم والمقوي للتقلصات الرحمية. ومن جميع ما تقدم فقد وقر في وجدان المحكمة على وجه القطع واليقين توافر أركان جريمة الإصابة الخطأ في حق المتهمين جميعا. وكانت النيابة العامة وجّهت إلى المتهمين تهمة الإهمال والإخلال بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم، ما تسبب في استئصال رحم المريضة، وطلبت معاقبتهم طبقاً لقانون العقوبات الاتحادي رقم 10 لسنة 2008 بشأن المسؤولية الطبية. وقضت محكمة أول درجة حضورياً، في مايو الماضي، بتغريم كل منهم مبلغ 5000 درهم، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة، وأيدتها محكمة الاستئناف، ثم طعن الأطباء على الحكم، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض هذه الطعون. وقال دفاع الأطباء، في مذكرة الطعن، إن «الحكم اعتبر عقار (السينتوسينون) يستخدم لتنشيط انقباضات الرحم، مع أنه، كما جاء في التقارير الطبية، لتنظيم انقباضاته»، مشيراً إلى أن الحكم خلص إلى أن العقار أدى إلى حدوث التكدم والتهتك الجزئي بالجدار الخلفي للرحم، الذي نشأ عنه نزيف، رغم أن تقريري اللجنة العليا للمسؤولية الطبية ووزارة الصحة لم يتضمنا ذلك، كما أن تقرير الوزارة أكد سلامة الإجراءات، ولم يرد به أن النزيف أو المضاعفات نتجت لخطأ طبي، إنما بسبب مضاعفات طارئة، وثابت أن الأطباء بذلوا عناية وتعاوناً وصفته لجنة الوزارة بالجيد، بما ينفي عنهم الخطأ، ما يؤكد عدم توافر علاقة السببية، ويكون معه الحكم معيباً بما يستوجب نقضه». ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعون المتهمين، مبينة في حيثيات حكمها، أنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه، لأن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة، فإذا فرّط فيها أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية، بحسب تعمده الفعل أو تقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله. وأضافت أن التزام الطبيب في أداء عمله ليس التزاماً بتحقيق نتيجة، بل ببذل عناية تقتضى منه أن يبذل لمصلحة مريضه جهوداً صادقة يقظة، تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب، كما أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيه، أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه، سواء كان السبب مباشراً أو غير مباشر، مع توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقّب. الامارات اليوم