صنعاء | ريتاج نيوز | وكالات : على نطاق واسع تستخدم الدرجات النارية كوسيلة نقل في اليمن، لكن العشرات من عمليات الاغتيال التي شهدتها اليمن في العامين الأخيرين، والتي استهدفت بالدرجة الأساسية ضباط وجنود القوات المسلحة وأجهزة الأمن، نفذها مسلحون يستقلون دراجات نارية. بسبب هذه الجرائم، التي يُعتقد أن تنظيم القاعدة وقف خلف معظمها، أصدرت اللجنة الأمنية العليا قراراً بمنع حركة الدراجات النارية في صنعاء لمدة 15 يوماً من بداية ديسمبر- كانون الأول الماضي وحتى منتصفه، وتم تمديد فترة الحظر بعد ذلك مرتين، ولازال ساريا حتى الآن. وفي 8 يناير الحالي أعلن تقرير أمني رسمي أن قرار حظر الدراجات النارية بصنعاء خفض نسب جرائم الاغتيالات المنفذة بواسطتها إلى صفر. إحصاءات وتقديرات بحسب وزارة الداخلية اليمنية فان عدد الدرجات النارية بلغ حتى عام 2012 أكثر من 250 ألف دراجة. وتعتبر مصادر أخرى أن الرقم الآن أكبر من ذلك بكثير، ففي محافظة الحديدة وحدها توجد 125 ألف دراجة حسبما نقلت صحيفة 'المصدر' عن إدارة المرور في المحافظة، وقدّر البعض عدد الدرجات النارية في صنعاء ب 50 ألف دراجة. معاناة واحتجاجات حرم قرار حظر الدراجات النارية في صنعاء الآلاف من مصدر دخلهم، وتسبب لهم ولأسرهم في معاناة معيشية كبيرة. واحتجاجا على القرار نفذ العشرات من أصحاب الدرجات النارية سلسلة احتجاجات في شوارع العاصمة. وصف صاحب الدراجة النارية حليم الصبيحي قرار الحظر بأنه ظالم وجائر، وأوضح ل 'هنا صوتك' أنه خريج دبلوم فني أسنان، لكنه لم يجد عملاً في مجال تخصصه فاضطر لامتلاك دراجة نارية ليعول بها نفسه وأطفاله، ويقول أنه عانى كثيراً في الشهر الأول بعد صدور قرار الحظر: 'جلست في البيت بدون عمل وبدأت استدين، لم استطع حينها دفع إيجار البيت. وكان لابد أن أجد حلا، فقمت باستئجار سيارة تاكسي أعمل عليها الآن'. ويحكي الصبيحي عن أثر القرار على أخرين من زملائه: 'رأيت أحداً بكى بدموعه عندما صدر قرار الحظر، وهناك من باع أثاث بيته ليطعم أولاده، وأعرف وأحدا باع خزان الماء الخاص بمنزله ليدفع الإيجار'. ويوضح أن دخل الدارجة النارية في اليوم الواحد في صنعاء يتراوح ما بين 4 إلى 5 الأف ريال يومياً (18- 23 دولاراً)، ويفيد بأن الكثير من سائقي الدرجات النارية ليسوا ملاكا لها، بل يقومون باستئجارها من أصحاب بعض الورش. وحسب الصبيحي فان بعض أصحاب الدراجات النارية اضطروا لمغادرة صنعاء بدراجاتهم للعمل بها في المحافظات الأخرى، فيما رفض الكثيرون الانصياع لقرار الحظر، ومعظم هؤلاء تعرضوا لمصادرة دراجاتهم من قبل الدولة. الشكاوى الأخرى لا تقتصر الشكوى من الدرجات النارية في اليمن من استخدامها فقط في عمليات الاغتيال الإرهابية، بل كذلك في السرقة، إذ تتعرض حقائب النساء أحياناً للاختطاف في الشوارع من قبل لصوص يستقلون الدراجات، ويشكوا الجميع من أن أصحاب الدراجات النارية لا يلتزمون بقواعد المرور، ويحدثون فوضى كبيرة، وازدحاما في الشوارع، وكثيرا ما يقع سائقوها وركابها قتلى ومصابين بسبب الحوادث المرورية. مؤيدون للحظر يقول سائق التاكسي منير شمسان إنه يؤيد قرار حظر الدراجات، ويؤكد أن حركة المرور في العاصمة صنعاء صارت سلسة وهادئة، وقلّت الحوادث المروية. ويوضح انه كسائق تاكسي كان يعاني كثيراً من أصحاب الدراجات النارية ومن الإزعاج والفوضى المرورية التي كانوا يحدثونها ، ويلاحظ أن الكثيرين منهم لا يلتزمون بأخذ راكب واحد في الدرجة، بل بأخذ راكبين أو ثلاثة. ويتفق سائق التاكسي مروان زيد مع شمسان في تأييد الحظر، لكنه يرى أن الحكومة لابد أن تجد المعالجات الضرورية لأوضاع من كانوا يتعيشون علي الدرجات النارية. حلول هامشية لكن معاذ أحمد جباري رئيس منظمة امأن اليمن للسلم الاجتماعي والتنمية يهاجم قرار الحكومة، ويرى أن مشكلة الاغتيالات تعود إلى ضعف الدولة وجهازها الأمني، ولا تكمن معاجلتها في حظر الدراجات النارية: 'الأمن لا يتحقق إلا بتوفير الحاجات المعيشية للمواطنين وتأمينها، وعندما تحرم قطاع من الشعب من مصدر عيشه، فانك تساهم في انتشار الجريمة، وبعض هؤلاء الذين فقدوا عملهم يمكن أن يتحولوا إلى لصوص أو قتلة مستأجرين'. ويعتقد جباري أن عمليات القتل التي ارتبطت بالدرجات النارية تتم بسبب التوتر السياسي والأزمة السياسية التي تعيشها اليمن منذ عام 2011، ويقول: 'المتصارعون السياسيون هم الذين يستخدمون هذه الآلات ويستغلون ضعف المواطن وفقره وحاجته فيستأجرونه'. ويتساءل: حتى لو كان هناك ألف شخص استخدموا الدرجات النارية في عمليات القتل، فما ذنب أكثر 50 ألف آخرين من أصحاب الدراجات النارية؟ الفوضى والمعالجات يحمّل كل من حليم الصبيحي والشيخ جباري الدولة مسؤولية الفوضى المرورية التي يسببها بعض أصحاب الدراجات النارية، ويؤكدان أن الأجهزة المختصة إذا عملت بجدية وحزم لإلزامهم بقواعد المرور لاستطاعت ذلك. ويقر الاثنان أن استخدام الدراجة النارية كوسيلة نقل ليس صحيحاً ولا آمناً. لكنهما يريان أن معالجة الأمر يجب أن لا تتم بقرار فجائي وقبل توفير البدائل.. ويقترح جباري أن تقوم الدولة بشراء الدراجات النارية من أصحابها، واستيعاب من ليس له مصدر دخل آخر في القوات المسلحة وقوات الأمن، أو في الخدمة المدنية. ويلخص الصبيحي مطالب أصحاب الدراجات النارية: 'اذا كانت الدولة متمسكة بقرار الحظر عليها أولاً إعادة المبالغ التي دفعناها للجمارك والترسيم، واذا أرادت مصادرة الدراجات فعليها أن تدفع قيمتها، وأن توظف حملة الشهادات والمؤهلات من سائقي الدراجات، وتجند الآخرين ممن ليس لهم عملاً آخر، وأن تقدم لنا تعويضا عادلا عن فترة الإيقاف التي استمرت حتى الآن لنحو شهرين'. ريتاج نيوز