عالية ممدوح وتقليد الذات عرفنا الكاتبة من خلال مجموعتها القصصية "هوامش السيدة ب" والتي صدرت عانم1977 عن دار الآداب، والتي قرأنها في العقد الثامن من القرن الماضي، وفي حينها كان أدب المرأة متواضع، كما ونوعا، وإذا استثنينا غادة السمان ونوال السعداوي وسحر خليفة، نستطيع القول أن أدب المرأة لم يتجاوز تلك الأسماء إلا نادرا، من خلال حميدة نعناع وليانة بدر، علما أن الساحة الأدبية كانت محسومة لصالح الذكور، أمثال نجيب محفوظ وجمال الغيطاني وحنا مينة وعبد الرحمن منيف وغسان كنفاني وغيرهم، لكن في بداية القرن الحالي ظهرت مجموعة جيدة من الكاتبات، ونكاد نجد كاتبة أو أكثر في كل قطر عربي استطاعت أن تجد لها مساحة جيدة في عالم الأدب، فقد أخذت أحلام مستغانمي في الجزائر مكان الطاهر وطار، وعلوية صبح وهدى بركات من لبنان مكان رفيع تجاوز الكتاب الذكور، وفي فلسطين هناك نجم مايا أبو الحيات وأحلام بشارات اخذ في الظهور. إذن نحن أمام تراجع أدب الذكور لصالح أدب المرأة، وهو يتقدم بطريقة سريعة كما ونوعا، لسنا هنا في عمل مفاضلة بين ما كتب قديما وحديثا من أدب المرأة، فهذا يحتاج إلى اختصاص ووقت وإمكانيات استثنائية. لكن ما أثار حفيظتنا (رواية) "غرام براغماتي" للكاتبة عالية ممدوح، التي أذهلتنا في "هوامش السيدة ب" فكانت جرأة الموضوع التي اتسمت بها يتجاوز العصر، كما كان الشكل الأدبي المتقن الذي صيغة به المجموعة جعلته يأخذ مكانة مميزة في مجال كتابة القصة القصية، وبعد أن سطع أدب أحلام مستغانمي كانت "هوامش السيدة ب" تلاقي المكان الأدبية في عالم القصة، وهذا يؤكد على أن النص الجيد يخترق الزمن والمكان ويجد له مساحة وحضور رغم سطوع نجوم جديدة ومعاصرة، من هنا نقول إننا كنا أمام عمل قصصي يرتقي إلى مكانة مميزة، كان من المفترض أن ترتقي كاتبته في كل ما هو جديد ولا بأس من البقاء ضمن ذاك المستوى الأدبي لا أن تتراجع إلى الخلف. بعد تناول (الرواية) "غرام براغماتي" وجدنا الكاتبة ما زالت أسيرة لنمط الكتابة القصصية ولم تستطع أن تتجاوز وتيرة النص القصصي القصير، من هنا نحن أمام عمل أدبي اقرب إلى القصة أو الخاطرة منه إلى الرواية، ورغم حجم الكتاب 220 صفحة من الحجم المتوسط، إلا أن المضمون وشكل الكتابة كان يتمحور حول فكرة واحدة الجنس والحب كما أن الشخصيات الفاعلة لم تتجاوز شخصيتين فقط، وحتى أن الشخوص الأخرى كان يتم تناولها بطريقة توحي للقارئ بهيمنة الراوي عليها، مما جعلها شخصيات هامشية مسيطر عليها من الكاتبة. وفي هذا المجال حجم العمل القصصي نستشهد بعمل عبد الرحمن منيف "حين تركنا الجسر" وغائب طعمة فورمان " ألآم السيد معروف" فرغم كتابة (رواية) على الغلاف لا أن النص كان في حقيقة الأمر قصة كبير ولا يحمل شيء من مكونات الرواية، وهذا النمط من القصص اشتهر به الكتاب الروس والسوفيت تحديدا. إذن نحن أمام قصة أو خواطر وليس رواية حسب اعتقادي الشخصي أما على صعيد المضمون فنجد هناك إسهاب في التكرار، حتى أن القارئ يشعر بالملل ورتابة النص، فرغم حيوية الموضوع الجنس والحب إلا أن أسلوب الكتابة لم يجذب القارئ ويجعله يستمتع بما يقرأ، إلا إذا كان النص كتب لشريحة المراهقين تحديدا، وهنا تريد أن نطرح مسألة مهمة في الأدب وهي تقليد الذات، فقد وقع حنا مينة فيه مما جعل كتابته لا تخرج عن المرأة والبحر والبطل الفذ وأحلام مستغانمي كانت تكرر ذاتها في الثلاثية، فيكفي عمل واحد منها لنعرف ما تريد، فطريقة وشكل وأسلوب كتابتها في الثلاثية كان واحد. من هنا نحن بحاجة إلى تمرد على الذات وتجاوز الأعمال السابقة إلى ما هو جديد وخلاق، وهنا نضرب عبد الرحمن منيف وغسان كنفاني والطاهر وطار الذين استطاعوا أن يشكلون أدبا منوعا شكلا ومضمون وأسلوبا، ففي كل عمل نجد كل ما هو مغاير وجديد لما كتب، ونتمنى على الكاتبة عالية ممدوح أن تتقدم إلى الأمام رائد الحواري دنيا الوطن