تشكل الضمانات الجديدة التي اعطتها إيران للاسرة الدولية دليلًا على براغماتية طهران التي لن تغير سياستها بشكل جذري، وعلى سعيها إلى التعايش مع واشنطن، من دون تطبيع العلاقات معها. بيروت: نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خبراء في الشأن الإيراني قولهم إن حكومة الرئيس حسن روحاني تبذل جهودًا حقيقية، وحصدت بعض الثمار نتيجة لذلك. وهي وإن كانت غير مقيدة اليدين في المفاوضات بشأن اتفاق نووي نهائي مع الدول العظمى، فإن تفويضها محدود لباقي السياسة الخارجية. مأساة وحشية في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، قدم روحاني الوجه الجديد لإيران، الراغبة في احداث انفتاح حقيقي منذ انتخابه رئيسًا في حزيران (يونيو) 2013. واتفاق الستة أشهر المبرم مع الدول الكبرى يجمد قسمًا من الانشطة النووية الايرانية مقابل رفع جزئي للعقوبات، وهو اول النجاحات. تحسنت العلاقات المقطوعة مع الولاياتالمتحدة منذ العام 1980، مع المحادثة التاريخية بين روحاني وباراك اوباما في ايلول (سبتمبر) 2013. والتقى وزيرا خارجية البلدين محمد جواد ظريف وجون كيري مرارًا مذذاك، خصوصًا في مطلع شباط (فبراير) الجاري في ميونيخ، على هامش المؤتمر الدولي حول الامن. وفي وقت سابق اكد ظريف للتلفزيون الروسي ان سفارة أميركية يمكن ان تفتح يومًا في طهران. وفي ألمانيا، وصف ظريف المحرقة اليهودية ب"المأساة الوحشية التي يجب ألا تتكرر"، في بادرة حيال الجالية اليهودية التي يقدر عددها في ايران بثمانية آلاف، وبدأت برسالة لروحاني بمناسبة رأس السنة اليهودية. كما ان التصريحات حول ضرورة زوال دولة اسرائيل اختفت من الخطاب الحكومي. لا تعديلات أساسية قال علي رضا نارد، من مركز راند الاميركي للابحاث، إن لروحاني وظريف رؤية مختلفة عن تلك التي انتهجها المسؤولون السياسيون والعقائديون السابقون. واضاف: "لكن من غير الواضح ما اذا كان روحاني سيتمكن من اجراء التعديلات الاساسية في المسائل التي تقلق الولاياتالمتحدة"، مثل الدعم الايراني لحزب الله اللبناني ورفض طهران الاعتراف باسرائيل. وفي الشان النووي، يحظى روحاني بدعم واضح من المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي. ويمكن للرئيس الا يصغي لانتقادات الجناح المتشدد في النظام، في وقت انتقد النواب اللقاءات العديدة بين ظريف وكيري. ويرى أفشون اوستوفار، من مركز الدراسات الاستراتيجية الاميركي، أن للحكومة خطابين متباينين. وقال: "عندما يرفض ظريف انكار المحرقة فهذا موجه للحكومات الاجنبية والرأي العام لديها، وعندما ينتقد اسرائيل والصهيونية عمومًا فلتهدئة المتشددين في النظام الايراني". وأضاف: "التغيير في اللهجة اكثر مما هو بالمطلق، حتى وان كان هناك طلب أقوى للتعاون مع الغرب". خطوط حمر وقال مهدي فضائلي، المحلل القريب من المحافظين الإيرانيين، إن أسس السياسة الخارجية الايرانية ثابتة. واضاف: "يمكن لحكومة أن تغير التكتيك والمقاربة". وبحسب المحللين، يحافظ النظام على خطوطه الحمر، أي يريد حيازة التكنولوجيا النووية المدنية ويرفض الاعتراف باسرائيل ويدعم النظام السوري حليفه الاستراتيجي وصلته بحزب الله الذي يحارب الدولة العبرية. وقال دبلوماسي غربي معتمد في طهران إن الحكومة أخذت زمام المفاوضات النووية لكنها لا تتخذ قرارات بشأن الخطوط العريضة للسياسة النووية، التي يشرف عليها المرشد الاعلى علي خامنئي. واضاف الدبلوماسي أن الحكومة لا تملك تفويضا واضحًا لسوريا، وتؤكد أن ظريف لا يبحث أبدًا النزاع السوري مع كيري. وتابع الدبلوماسي أن الاعتراف باسرائيل غير وارد لأن معاداة الصهيونية متأصلة في الجمهورية الاسلامية. ونفى ظريف نفيًا قاطعًا بانه تحدث للتلفزيون الالماني باعتراف محتمل بالدولة العبرية في حال التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين. واوضح أنه بشان العلاقات مع واشنطن، ترغب ايران بالتعايش بدلًا من التطبيع، وجرى تقارب بين البلدين بشأن المصالح المشتركة مثل افغانستان في العام 2001، أو لدعم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في معركة الانبار. ايلاف