GMT 0:02 2014 السبت 8 فبراير GMT 1:02 2014 السبت 8 فبراير :آخر تحديث هنري زغيب طبيعةُ الطبيعةِ التَّجدُّدُ فصلاً بعدَ فصل، وطبيعةُ الموسيقى التَّجدُّدُ في كلّ فصل. ومن اللَقِيَّات الموفَّقة هذا الموسم: اختيارُ "مهرجان البستان" عنوانَ "الموسيقى والطبيعة" لدورته الحادية والعشرين. الافتتاح "في مملكة الطبيعة" زوغةُ فرَحٍ مع دڤوراك ("في عالم الطبيعة")، وروبرتو مولينيلّي ("قلبُ الربيع... الشتاءُ العاصف") والختام "من العالَم الجديد" السمفونيا التاسعة لدڤوراك الذي قال يوماً: "الطبيعةُ عطيّةُ ربّ العالمين واهبِ الحياة". هي الطبيعةُ تتخاصر والموسيقى في موسم "البستان" لتَصدحَ آلاتُها وأَصواتُها من لبنان معلنةً أَنّ الربيع آتٍ مهما تَجبَّرَت العواصف. وهو الحُلْم تأْخُذُنا إِليه الموسيقى بتآليف كبارٍ لو لم يحلُموا لَما كانت الطبيعةُ فاحت من موسيقاهم أَلوانَ أَملٍ ورجاءٍ بأَنّ الليل لن يطول مهما طال، والنجومَ ستخجل من نور الشمس، والقمرَ سينسحبُ إِلى بيته حين ينفتحُ بابُ الصباح. الأَمل، بل الرجاء، بل الإِيمان بالإِنسان القادر، بالوطن الغامر، بالمستقبل السادر، وليكُنْ أَنَّ الموسيقى نَدْهةُ الارتقاء بالروح إِلى عليائها القُصوى، بالقلب إِلى لحظاته النَّشوى، وبالفكر إِلى سماواته العَلوى. الأَمل، الرجاء، الإِيمان، قُلتُ؟ هوذا ثالوثٌ نابضٌ في قلب قوةٍ عُظمى هي الحب. وحدَه الحب ينبُض القوةَ والتفاؤُلَ والشغَفَ، ووحدَه يغمُر الطبيعة بالجمال ويعانقُ الموسيقى بالفَرح. لا قوّةَ أَقوى من الحب طريقاً إِلى القوة المُطلَقة: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" (آل عمران:31(، "أَحبُّوا بعضَكم بعضاً كما أَنا أَحبَبْتُكم" (يوحنا 12:15). المُشكِّكون بربيع بيروت -وتوسُّعاً بالربيع العربي- يَحكُمون عليه وَسْط جُنون النَّوّ وهيجان الأَعاصير، وهذا تَسَرُّعٌ في الحُكم غيرُ مسؤُول. الشعب الذي ينتفض لا يبلغُ فجرَه في اليوم التالي. الفجرُ يبطئُ كي ينقى من رماد الليل، ثم يُشرق. هكذا حريةُ الشعوب: تَرزَح طويلاً تحت السُّوط، تَحزَن طويلاً على الشهداء، لكنها تَبزُغُ من شعاعِ شمسٍ يبتسم فتَكتمل به الشمسُ ويَسقط السوط ويرتفع الشهداء. تماماً كالطبيعة: يَطول شتاؤُها متطاولاً على السكون، مستطيلاً في الجنون، مُطَوِّلاً في الشجون، لكنّ ربيعَها آتٍ من أَرض الجِنان وأَقاليم الأَلوان ومغاني الدفء والحنان. تماماً كالموسيقى: يَطول انتظارُها لحظةَ الولادة حتى إِذا كاغت شَعشَعَت نغَماتُها تُنعِش طبيعةَ القلب وقلبَ الطبيعة. لا يَغْلُبَنَّنا اليأْسُ ولا يُطْفِئَنَّنا ضيقُ النَّفَس. بين الطبيعة والموسيقى عِناقُ جَمال. بين الحرية وانتظار الحرية عناقُ إِيمان. بين آخِر ديمةٍ شَتَويةٍ وأَوَّل زهرةٍ ربيعيةٍ عناقُ فصلٍ جديدٍ، مَوسمٍ جديدٍ، عالَمٍ جديد. فَلْنَفْتَحْ صَدرَنا للطبيعة وقلبَنا للموسيقى ونبْضَنا للحُب، تَفْتح لنا الطبيعةُ موسماً طيِّباً لأَحلى نغَمات الحياة. ايلاف