كتب - عبدالحميد غانم : أثارت مناقشة المجلس البلدي مقترحًا حول تطوير مصالح المُتقاعدين جدلًا قانونيًا واسعًا خلال الفترة الماضية، وفتحت من جديد اختصاصات المجلس، وحدودها، والدعوة لتوسيعها. ففي حين رفضت الهيئة العامّة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية مناقشة المجلس للمقترح باعتباره خارج اختصاصاته التي تقتصر على الشؤون البلديّة والزراعيّة، لافتة إلى أن توصية البلدي بزيادة علاوة المعيشة بواقع 15% سنويًا في معاش المتقاعد لمواجهة التضخّم، خارج اختصاصات الهيئة التي تقتصر صلاحياتها على اقتراح التشريعات وتقديم التوصيات ورفعها إلى جهة الاختصاص، أكّد عددٌ من الخبراء أن البلدي تجاوز اختصاصاته بطرح مثل هذه القضايا للمناقشة التي يتضلع بها مجلس الشورى الذي يُمثل السلطة التشريعيّة، لافتين إلى أن قانون المجلس البلدي حدّد اختصاصاته القانونيّة التي ليس فيما بينها اقتراح القوانين ومخاطبة الجهات التي تخرج عن حدود اختصاصاته. أما أعضاء البلدى فقد دافعوا عن قانونيّة طرح المجلس للتوصيات الخاصّة بإصدار القوانين التي تُحقق الصالح العام، وأكّدوا أن البند الثالث في المادة الثامنة لقانون المجلس البلدي تنصّ على أن "المجلس يقوم بتقديم التوصيات بشأن إصدار القوانين أو اتخاذ أي إجراءات أو تدابير يراها المجلس ضروريّة أو نافعة للمصلحة العامة". وأكّدوا ل الراية أنهم لم يخرجوا عن اختصاصات المجلس بمناقشاتهم قضية اجتماعيّة بعد ورود عدّة شكاوى للمجلس من المُتقاعدين، كما أنهم قدّموا توصيات في حدود القانون المُنظم لأعمال المجلس، باعتبار البلدى هو همزة الوصل بين المواطن والأجهزة الحكوميّة. وأشاروا إلى أن المجلس سبق أن طرح العديد من التوصيات الخاصّة بإعادة النظر في بعض القوانين الخاصّة بقطاعات الصحة والتعليم والبيئة و"كهرماء" ولم تثار مثل هذه الضجة التى أثارتها هيئة التقاعد. عبدالرحمن الجفيري : البلدي اعتدى على اختصاصات الشورى يقول المحامي عبدالرحمن الجفيري رئيس اللجنة القانونيّة الأسبق للبلدي الأمين العام لمجلس الشورى الأسبق : مع كامل احترامي وتقديري للمجلس وأعضائه، لكن كان يجب على البلدي أن ينظر بتمعّن في اختصاصاته المنصوص عليها في قانون المجلس والاختصاصات المخوّلة له التي تصل لحوالي 32 اختصاصًا كلها في الشأن البلدي والزراعي، وليس له أي اختصاص آخر في أي شأن أو مسائل وأمور أخرى. وأضاف : أما فيما يتعلق بقانون المتقاعدين فهذا ليس من اختصاص المجلس البلدي على الإطلاق، وما جاء في مذكرة الردّ على توصية المجلس التي أرسلتها الهيئة العامّة للتقاعد جديرة بالأخذ بها واعتباره الرأي القانوني الصحيح. وقال الجفيري : مناقشة المجلس أمور تتعلق بالمتقاعدين اختلاط وتداخل في الاختصاصات بين المجالس البلديّة والتشريعيّة، فالبلدي معني بالشأن البلدي والزراعي، والشورى معني بالتشريعات، وما فعله البلدي بإصدار توصيات هو اعتداء على اختصاصات مجلس الشورى، لأن اختصاصات البلدي معروفة والقانون حدّدها والبلدي يُرسل توصياته لوزير البلدية، ونحن تطرّقنا منذ الدورة الأولى لهذا الأمر، وقلنا إذا كنا نريد إعطاء مساحة أكبر للمجلس البلدي لا بدّ أن تكون في الإطار الذي حدّده القانون. وأضاف : البعض يرى أنه مجلس تنفيذي وهذا على عكس الحقيقة، فهو استشاري يصدر توصياته قد يأخذ أو لا يأخذ بها، لذلك فإنني أؤكّد صحة الرأي القانوني الذي أرسل للبلدي من الهيئة العامّة للتقاعد، لأنه ليس من اختصاص المجلس مناقشة أمور ليس مخولاً بها بحسب القانون، هو معني بالحدائق وتوسعة الشوارع والتشجير والتجميل، وعليه الابتعاد عن أي أمور قد تسيء للمجلس. د. يوسف عبيدان : البلدي مجلس خدمي وليس تشريعيًا يؤكّد د. يوسف عبيدان أستاذ العلوم السياسيّة بجامعة قطر أن البلدي مجلس خدمي بالدرجة الأولى ويصدر توصيات هي من قبيل الرأي الأستشاري، وقد نظم قانون إنشاء المجلس وتعديلاته في 2011 الاختصاصات بالتفصيل، وبالتالي لا يجوز الخروج عن إطارها أو تجاوزها. ويقول : المشرّع القطري حدّد اختصاصات البلدي وآلية اختيار أعضائه بالانتخاب الحرّ المباشر، إلا أن العضو عليه التقيّد بما ورد من اختصاص في القانون المنظم للمجلس، فالبلدي ليس كالبرلمان حتى يبحث في جميع جوانب التشريع، ويصدر قرارات إلزاميّة، ومن هنا يمكن القول إنه لا يجب أن نبالغ في فهم وظائف البلدي، وهو على الطريق الديمقراطي الصحيح الذي بدأته قطر انطلاقًا من مبدأ التدرّج في هذه الاختصاصات حتى يكتب لها النجاح، وهي في نظرنا الديمقراطية التي تُمارس بصفة أوسع في ظل وجود برلمان منتخب. وقال د. عبيدان : الجدل الدائر الآن حول اختصاصات البلدي لمناقشته أمور المتقاعدين هو أمر منوط بالقانون الذي يترك مجالاً للاجتهادات وإن كانت فيه ثغرات يمكن أن نعالجها بمذكرة تفسيريّة لقانون البلدي في حالة التنازع حول الاختصاصات المتعلقة بالمجلس، ولذلك أرى أن تكون اختصاصات ونقاشات البلدي في إطار القانون، وفي إطار عملية التدرّج لنجاح التجربة الديمقراطيّة. وقال : نحن في ظل دولة مؤسسات وقانون، والقانون عندنا هو المرجع والفيصل، ويفترض أن أعضاء البلدى حين طرحوا برامجهم الانتخابيّة كانوا على علم بطبيعة اختصاصات المجلس، وقد كان هذا واضحًا من خلال ما دار بين الأعضاء وناخبيهم ضمن حملاتهم الانتخابيّة، كل هذا يدعونا إلى القول إننا يجب أن نعي جيدًا هذه الاختصاصات ونعمل فى إطارها وذلك حفاظًا على حق كل مؤسسة من مؤسسات الدولة في اختصاصاتها، وفي حالة التنازع يبقى القانون هو الفيصل والأساس. جاسم المالكي : لم نخرج عن اختصاصاتنا وهدفنا الصالح العام يقول المهندس جاسم عبدالله المالكي نائب رئيس المجلس البلدي المركزي : مسألة المتقاعدين قضية جماهيريّة وعادة المجلس يناقش الموضوعات الاجتماعيّة، والهيئة العامّة للتقاعد بالأساس هيئة جديدة، وحتى الآن لا توجد جهه تناقش هذه الهيئة. ويضيف : تقدّم أحد الأعضاء بمقترح لتطوير مصالح المتقاعد القطري بناءً على شكاوى تلقاها من المتقاعدين، وقانون المجلس البلدي وتعديلاته في 2011 نجد أن المادة 8 البند رقم 3 نصّ على الآتي : المجلس يقوم بتقديم التوصيات بشأن إصدار القوانين أو اتخاذ أي إجراءات أو تدابير يراها المجلس ضروريّة أو نافعة للمصلحة العامّة، ومن هذا المنطلق الواضح قمنا بمناقشة المقترح انطلاقًا من مبدأ المصلحة العامّة، وقد ناقشنا من قبل مواضيع كثيرة تخصّ التعليم والصحة وخدم المنازل وأمورًا أخرى كثيرة وهي في مجملها مواضيع اجتماعيّة، وإذا لم نناقشها من يناقشها غير البلدي. ويقول : المجلس البلدي جاء لخدمة المجتمع ومناقشة قضاياه، فنحن لم نتحدّث عن قضايا سياسيّة ولا تشريعات قانونيّة، لكننا تحدّثنا عن قضايا اجتماعيّة وناشدنا بحل مشاكل المُتقاعدين، واستضفنا مسؤولين من هيئة التقاعد مرّتين، وقدّمنا توصيات بزيادة رواتب المتقاعدين بنسبة 5 % سنويًا، وقالوا لنا إن الدولة رفعت الرواتب مرّتين، فقلنا لهم هل وصل ذلك للمُتقاعدين ؟ ولماذا لا يحصل على بدل السكن ؟ وكيف يعيش براتب التقاعد ولديه أولاد وبنات في المدارس والجامعات، وفي نفس الوقت هيئة التقاعد تقيّده بعدم العمل، وإذا حدث يكون بأجر يومي مقطوع أو يكون عملاً خاصًا، ومن يقبل العمل براتب مقطوع؟، وكيف لمتقاعد كان يحصل على 60 ألف ريال شهريًا العيش ب 20 ألفًا شهريًا بعد التقاعد ولديه التزامات كثيرة، وأنت تقيّده ؟ وأضاف : نحن لم نناقش سوى الصالح العام، فالبلدي هو همزة الوصل بين المواطن والأجهزة الحكوميّة. د. محمد المسلماني : المصلحة العامة أهم من التقيد بالاختصاصات يقول د. محمد جاسم المسلماني عضو المجلس البلدي عن المرخيّة ومقدّم مقترح تطوير مصالح المتقاعد القطري : جاءتني كعضو بلدي منتخب من الشعب عدّة شكاوى من مواطنين متقاعدين، وما فعلته هو أنني قمت بنقل شكاوى ومعاناة هؤلاء المواطنين للجهة المختصّة بغضّ النظر عن الصلاحيات والاختصاصات. وقال : لدينا مشكلة يُعاني منها المتقاعدون الذي من المفترض تقديم حياة كريمة لهم كمكافأة لما قدموه لوطنهم وهذا هو هدف هيئة التقاعد، توفير حياة كريمة لهم، إذن أين الخطأ الذي ارتكبه المجلس هنا، والقانون الذي ينظم عمله نصّ في مادته الثامنة على مناقشة كل ما يتعلق بالصالح العام، وهذا ما فعلناه ولم نخرج عن اختصاصاتنا حتى ترسل لنا الهيئة العامّة للتقاعد وتقول إن مناقشتنا للموضوع ليست من اختصاصات المجلس وأن دوره فقط يقتصر على الشؤون البلديّة والزراعيّة، وهذا ما كان يجب فعله في إطار روح التعاون والودّ الذي بيننا. وأضاف : المتقاعد القطري يُعاني بالفعل وتأثرت رواتبهم بسبب التضخّم الذي يصل إلى 5 % سنويًا، وهذا يعني أنه بعد 10 سنوات ستتآكل هذه الرواتب إذا ما ظلّت على هذا الوضع، وبالتالي كان حرصنا على تحسين وضعه انطلاقًا من مبدأ الصالح العام، في وقت نجد أن هيئة التقاعد تتحدّث عن الاختصاصات وتطبّق القانون، إذن ابدأ أنت من جانبك في إعداد اللائحة التنفيذيّة لتنظيم وتحسين رواتب المتقاعدين. حمد الحول : المادة 8 تمنحنا الحق في طرح التوصيات يرى حمد صالح الحول عضو البلدي عن الريان القديم أن هناك سوء فهم حدث أدّى إلى كل هذا الجدل المُثار حاليًا، فالقانون واضح في هذا الشأن ونصّ على أن كل ما يهمّ الصالح العام يُناقش وهذا موجود بالمادة رقم 8 من قانون تنظيم البلدي، ونحن انطلقنا في مناقشتنا لمقترح المتقاعدين من هذا المبدأ ومن الشكاوى التي وصلتنا من المتقاعدين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إهمالها لأننا أعضاء منتخبون وجزء من المجتمع ونتفاعل مع قضاياه الاجتماعيّة. وأضاف : نحن لا نتدخّل فى شؤون الهيئة العامّة للتقاعد ولم نتعدَ على اختصاصاتها، خاصة أننا ناقشنا من قبل موضوعات تخصّ المرور والتعليم والصحة وكهرماء والبلدية ولم تثار مثل هذه الضجة التي أثارتها هيئة التقاعد وردّها بأنه ليس من اختصاصاتنا مناقشة موضوع المتقاعدين وأن دورنا يقتصر فقط على الشأن البلدي والزراعي، وكنا نأمل ألا يكون ردّ الهيئة علينا بهذه الطريقة حتى لو كنا خرجنا عن اختصاصاتنا، لأن هدفنا واحد وهو الصالح العام، وكان يجب عليهم طلب البيانات والمعلومات وأرقام وشكاوى المتقاعدين بشكل ودي والعمل على حلها بدلاً من ترك الأصل والتمسّك بالفرعيّات، وأخذ الأمر بأننا نتدخّل في شؤونهم وهذا على عكس الحقيقة تمامًا. جريدة الراية القطرية