حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من محاولات استغلال الأزمة الإنسانية السورية لتبرير العودة الى السينايو العسكري ضد دمشق. موسكو (وكالات) كما حث مجلس الأمن على التركيز على مسألة مكافحة الإرهاب في سورية. وأكد لافروف في مؤتمر صحفي مع نظيره الجزائري رمضان العمامرة في موسكو الثلاثاء على تطابق موا قف الطرفين بشأن ضرورة الحيلولة دون تفكك سورية، بل بدء مرحلة انتقالية على أساس توافق بين جميع القوى السياسة. موسكو تدعو مجلس الأمن الدولي الى اصدار قرار دولي بشأن مكافحة الإرهاب دعا وزير الخارجية الروسي مجلس الأمن الى إصدار قرار دولي خاص بمكافحة الإرهاب في سورية، مضيفا أن هذا الجانب من الأزمة السورية لا يقل فظاعة عن الأزمة الإنسانية التي تعاني منها البلاد. وشدد على أنه حان الوقت للرد على تنامي الإرهاب في سورية، داعيا لإدانته كظاهرة بدلا من التنديد بعمليات إرهابية بشكل منفرد. وتابع أن مجلس الأمن "لا يدين للأسف كافة الأعمال الإرهابية في سورية، و إن المسؤولين الغربيين في هذا الخصوص، يؤكدون أن الإرهاب جريمة لا يمكن تبريرها، لكنهم يصرون في الوقت نفسه على أنهم لا يستطيعون فعل شيء في ظل بقاء الأسد في السلطة". واعتبر الوزير الروسي أن هذا الموقف ما هو إلا السعي لتبرير الإرهاب. وأعاد الوزير الى الأذهان دعوة مجموعة "الثمانية الكبار" خلال قمتها في ايرلندا الأطراف السورية لتوحيد الجهود لمحاربة الإرهاب. وحث لافروف جميع من وقع على هذا البيان الى تكثيف التعاون من أجل تسجيل هذه المهمة في قرار دولي يصدره مجلس الأمن. وأكد لافروف أن شركاء روسيا في مجلس الأمن طلبوا منها التعاون في وضع قرار دولي حول الوضع الإنساني في سورية. لكنه شدد على أن الأفكار التي طرحت في هذا السياق أحادية ومعزولة عن الواقع وهي لا تأخذ بعين الاعتبار تقييم منظمات الإغاثة للوضع في سورية. وتابع أن مشروع القرار هذا يحمّل الحكومة كامل المسؤولية عن تدهور الوضع الإنساني في سورية، على الرغم من تأكيدات الجهات الدولية على أن المسلحين هم من يسببون معظم المشاكل التي تعرقل إيصال المساعدات الإنسانية. وقال إن مشروع القرار الأممي المطروح بشأن سورية يتضمن تهديدات وهو غير مقبول تماما. وتابع لافروف: "إن الأزمة الإنسانية قضية خطيرة للغاية ويجب حلها بمراعاة مبادئ القانون الإنساني الدولي". أكد لافروف أن موسكو ستكون مستعدة للنظر في مشروع قرار جديد بشأن سورية، بشرط أن يتناسب نصه مع معايير القانون الإنساني الدولي. وتابع قائلا: " إذا كان شركاؤنا واثقين من ضرورة تبني قرار جدي، وإذا كانوا مهتمين ليس بإحباط عملية جنيف وليس بتوجيه اتهامات أحادية الى النظام، فنحن سنكون مستعدين للنظر في مثل هذا النص". لكنه أشار الى أن نص القرار، في هذا الحال، لن يختلف كثيرا عن البيان الصادر عن مجلس الأمن في 2 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013. وشدد على أن تحسين الوضع الإنساني في سورية يتطلب عملا دؤوبا مع الحكومة والمعارضة على حد سواء من أجل رفع الحصار عن البلدات الأخرى التي يسيطر عليها المسلحون، ولإجراء عمليات إنسانية على غرار تلك التي تجري حاليا في حمص القديمة. وأضاف: "لكن شركاءنا لا يبدون حماسا في هذه المسألة لسبب ما، بل يرون أن المخرج يكمن في تبني قرار جديد، بدلا من البحث عن حل عملي لقضايا الوضع الإنساني". وأشار الى أن مسلحي المعارضة سبق أن عرقلوا إيصال المساعدات الإنسانية الى حمص والى مخيم اليرموك، مشددا على أن تدفق المساعدات تستمر على الرغم من جميع الاستفزازات. وحذر وزير الخارجية الروسي من محاولات استغلال الوضع الإنساني في سورية من أجل تغيير النظام. وأردف قائلا: "يتكون لدينا انطباع بأن هناك من يحاول استغلال الوضع الإنساني، كما جرى في السابق استغلال الوضع حول الأسلحة الكيميائية، من أجل إيجاد ذريعة لإحباط التسوية وتبرير تطبيق سيناريو القوة من أجل تغيير النظام". وشدد على أن مثل هذا المقاربة ستأتي بنتائج عكسية، وأن موسكو لا تريد تحويل الأزمة الإنسانية في سورية الى ساحة للتسييس من أجل تطبيق سيناريو القوة. كما اعتبر وزير الخارجية الروسي أن واضعي مشروع القرار الإنساني في مجلس الأمن هم من سربوا المعلومات بشأنه الى وسائل الإعلام من أجل ممارسة الضغوط على روسيا والصين. وذكر لافروف أن روسيا والجزائر ترحبان بانطلاق الجولة الثانية من المفاوضات السورية في جنيف، معربا عن أمله في أن تكون هذه المفاوضات مفيدة، ولا سيما فيما يخص وضع حد لتوريدات الأسلحة غير الشرعية الى سورية ومواصلة عملية رفع الحصار عن عدد من البلدات السورية. وقال: "نأمل في أن تكون الجولة الثانية مفيدة وأن يتمكن الطرفان من تحقيق تقدم تجاه التوافق الذي يجب أن يشمل جميع جوانب الوضع في سورية وحولها، بما في ذلك الحيلولة دون تنامي الخطر الإرهابي، ووضع حد لتهريب الأسلحة وتسلل المقاتلين الى حدود سورية، وضرورة تكثيف العمل من أجل رفع الحصار عن عدد من البلدات من أجل إيصال المساعدات، ودفع فكرة إعلان هدنة محدودة في عدد من المناطق قدما الى الأمام". وشدد على أن بيان جنيف الذي يمثل أساسا لمفاوضات السلام الحالية، وثيقة متكاملة، ويجب بحثه بمجمله، دون عزل بعض بنوده عن سياقها. ونفى لافروف ما قيل عن تراجع وفد دمشق عن قبوله لبيان جنيف، وقال : "إن ذلك ليس صحيحا، أو إذا قلنا بوضوح، فذلك كذب، لأن الحكومة أعلنت على لسان رئيس الوفد وزير الخارجية وليد المعلم بعد الجولة الأولى من عملية جنيف، أنها مستعدة لبحث جميع بنود بيان جنيف دون استثناء بندا بعد بند". ووصف لافروف موقف وفد المعارضة الذي يحاول التركيز على بنود معينة، بغير الصائب. لافروف: هناك محاولات لتفسير بيان جنيف على أنه يفضي لتغيير النظام السوري وصف وزير الخارجية الروسي محاولات لتفسير بيان جنيف على أنه يفضي لتغيير النظام السوري، بغير النزيهة. وذكر أن الأمريكيين ومنهم وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، لم يبدوا في البداية حماسا بشأن تطبيق بيان جنيف، رغم إصرار روسيا، لأن النظام كان يتراجع ميدانيا آنذاك. واشار الى أن موسكو اضطرت للعمل على مدى فترة طويلة لإقناع شركائها، باستخدام نفوذهم لحمل معارضي النظام على الجلوس الى طاولة التفاوض. ولفت الى أن ذلك لم يحدث إلا بعد أن تغيرت الأوضاع الميدانية ليس لصالح المعارضة. وشدد على أن النظام السوري لايزال مستعدا لتنفيذ بيان جنيف بأكمله على الرغم من تحقيقه نجاحات ميدانية. كما أشار وزير الخارجية الروسي الى ان الفترة الماضية شهدت أيضا زيادة نسبة المتطرفين في صفوف المعارضة السورية، وهم، على الرغم من مواقفهم المتشددة، مازالوا مستفدين من المساعدات الخارجية. وقال: "إن التملق مع المتطرفين، باعتبار أنهم، مهما كانوا، أعداء للنظام، أمر خطير للغاية". وأشار الى أن ذلك سبق أن حدث في العراق وليبيا. وشدد لافروف على الخطوة الأولى يجب أن تكمن في تنفيذ مطلب بيان جنيف الخاص بتوسيع وفد المعارضة السورية في المفاوضات، كي يمثل جميع أطياف المجتمع السوري. وذكر أن رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا أيضا أقر بأن تمثيل المعارضة في المفاوضات غير كاف، وذلك خلال المحادثات التي أجراها في موسكو في مطلع الشهر الجاري. /2819/ وكالة انباء فارس