1 رافق الحيوان الإنسان طيلة حياته، وكان الغذاء والصديق والمعين، رافقه قديماً في السلم والحرب، ثم دجّنه حتى أصبح في بيته، وضرب من الحيوان المثل بالشجاعة والقوة والسرعة والخديعة والغدر والبشاعة والجمال. وهناك من الحيوان من خدم الإنسان، ولم يكن له حظ عنده على الرغم من أنه لم يستطع الاستغناء عنه، وهو (أبو صابر)، إنه الصديق المظلوم والخادم الوفي؛ الحمار. 2 أقدم صديق للإنسان، ولم ينافسه في ذلك إلا الكلب، فهو أممي شعبي بسيط، لكنه بالذاكرة الشعبية عند أغلب الأمم لا يؤخذ منه إلا الصفات السلبية كالغباء والعناد. علماً بأن لديه القدرة على تذكّر الطريق مهما كانت طويلة إذا سار بها لمرة واحدة، كما لديه القدرة على استكشاف المسالك في القفار الوعرة، وهو حذر في حال وقوعه في مأزق؛ إذ يجمد في مكانه بانتظار المساعدة، ويتجاوب مع ما يُطلب منه باللين مع تميّزه بحاسة سمع قوية، وهو صديق المهربين المقرّب. ومع كل هذه الصفات والخدمات التي يقدمها تعتبر لفظة «حمار» من الشتائم الدارجة. 3 ورد ذكره في مختلف الديانات الوضعية والسماوية، ومنها ما ذكر في آيات بالقرآن الكريم للدلالة على حالات؛ من مثل الصوت المرتفع المنكر «واقصدْ في مشيك واغضضْ من صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير»، ومن ليس له من حمل الأشياء القيمة سوى التعب «كمثل الحمار يحمل أسفاراً»، كما ارتبط ذكره أيضاً بالركوب والزينة «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة». وأطلقت العرب على رأس كل قرن (سنة الحمار)، ولُقب مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين بمروان الحمار، ولهذا اللقب تساؤلات. وفي التقويم الجمهوري الفرنسي يعتبر يوم السادس من أكتوبر من كل عام هو يوم الحمار. واتخذ الحزب الديمقراطي الأمريكي من الحمار شعاراً له كناية على الصبر. 4 وقد يتساءل البعض هل من المعقول أن يكون الحمار أفضل من الإنسان، حتى دفع نخبة من الأدباء والكتّاب والفنانين أن يكونوا أعضاء في (جمعية الحمير) التي أسّسها الفنان زكي طليمات عام 1930 في مصر، من أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم والعقاد وناجي العلي ورشيد إسكندر وغيرهم. كما كان الحمار محوراً لكتابات أدبية وقصص لكبار الكتاب؛ مثل توفيق الحكيم: حمار الحكيم وحماري والطوفان، والأمثلة كثيرة. 5 ألا يُلاحظ أن بعض البشر يصلون بتصرفاتهم وأفعالهم لمراحل بحيث يقنعونك بأنهم ليسوا من جنس البشر، وأن صحبة كثير من الحيوان أفضل من صحبتهم! The post صديق وخادم مظلوم appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية