بعد أكثر من 40 عامًا على تشكيلها، و23 عامًا منذ وفاة مغنيها الرئيس فريدي ميركوري بمرض الأيدز، لا تزال فرقة "كوين" الموسيقية تحقق نجاحات وشعبية مذهلة، إذ تشير الأرقام إلى أن ثلث عائلات المملكة المتحدة تمتلك نسخة من ألبوم الفرقة. أصبحت أغاني فرقة كوين أول ألبوم تزيد مبيعاته على 6 ملايين نسخة في بريطانيا. ويُقدر أن ثلث العائلات البريطانية تملك نسخة من الألبوم. بكلمات أخرى إنه الآن الألبوم الموسيقي الأكثر رواجًا في بريطانيا، ويبدو من المؤكد أن أي البوم جديد لن يلحق به، إذا أخذنا في الحسبان عمليات تنزيل الألبوم بالتكنولوجيا الرقمية. انبعاث جديد وكان الألبوم الذي تعود أغانيه إلى عام 1981 حقق نجاحًا ساحقًا، وفرقة كوين باتت ركنًا من أركان الوعي الثقافي في بريطانيا، حتى إنه من المغري اعتبار المسألة مفروغًا منها. ويسهم في إبقاء الاهتمام بالأغاني وفرقة كوين شديدًا العمل الموسيقي الذي يُعرض في لندن الآن باسم We Will Rock You إحدى أغاني الفرقة ذائعة الشهرة، وبيع القرص المدمج لأغاني العرض في بهو الصالة. وبالتالي يكون من الطبيعي أن يحقق الألبوم الأرقام التي سجلها. من جهة أخرى، تثير هذه المعطيات تساؤلات عن سبب ما تتمتع به فرقة كوين من شعبية واسعة كهذه، بعد أكثر من 40 عامًا على تشكيلها، و23 عامًا منذ وفاة مغنيها الرئيس فريدي ميركوري بمرض الأيدز. هناك من يقول إن الفرقة شنيعة من كل النواحي، وميركوري شخصية كارتونية، وأعضاء الفرقة الثلاثة يثيرون الملل بمظهرهم، موسيقاهم مثقلة بالإدعاء والمظاهر، وكلماتهم كثيرًا ما تكون هراء (مثل 200 درجة، هذا ما يسمونني مستر فهرنهايت!!!). بلا التزام سياسي وفي حقبة تحدى فيها جون لينون الحروب، واحتضنت فرقة Velvet Underground إدمان الهيروين، وأراد بينك فلويد أن يسبر غور النفس البشرية، اختارت فرقة كوين أن تغني عن فتيات لهن مؤخرات سمينة، وعن مسرات التجوال على دراجة هوائية. إنهم باختصار لم يحاولوا أن يقولوا شيئًا ذا معنى، وكان موقفهم من السياسة متسيبًا بلا أي التزام، حتى إنهم في عام 1984 تجاهلوا المقاطعة الثقافية، التي فرضتها الأممالمتحدة على النظام العنصري في جنوب أفريقيا، عبر إحياء حفلات عدة فيها. وإذا كان قرار كوين إقامة حفلات في جنوب أفريقيا العنصرية قرارًا خاطئًا، فإن الناقد الموسيقي في صحيفة لديلي تلغراف مارك موناهان يرى أن رفض الفرقة التعامل مع الأمور بجدية لاقى هوى لدى الجمهور، مشيرًا إلى أن ميركوري، الذي ولد في زنجبار باسم فاروق بولسارا، لعائلة بارسية من غوجارات في الهند، تعتنق الديانة الزرداشتية، اعترف بأنه يريد أن يملأ حياته بكل ما يستطيع من المتع، وليكن الجحيم بعد ذلك. متع قاتلة دفع ميركوري ثمن إباحيته بأقسى الطرق، حين أُصيب بمرض الإيدز الذي قتله. لكن إقباله على متع الحياة بلا قيود كان عنصرًا أساسيًا في نجاح الفرقة، بحسب الناقد موناهان. وكان ميركوري هو الذي اختار اسم "كوين" ليكون عنوان الفرقة، وصمم شعارها الملكي الكاذب. وكان حضوره الفني على المسرح كبيرًا، رغم مظهره المضحك، بوضعه تاجًا على رأسه، وبارتدائه عباءة الملوك. وكانت طاقته لا تنضب. لكن كاريزما ميركوري ما كانت لتجدي بمفردها من دون الموهبة الفنية لرفاقه في الفرقة براين ماي وروجر تايلور وجون ديكون. في نهاية المطاف فإن كوين، مثلها مثل سائر الفرق الموسيقية الكبيرة، كانت تتألف من فنانين رائعين، ولكنها أكبر بكثير من مجموع أعضائها. ولم ترتقِ أي من محاولاتهم المنفردة إلى مستوى عملهم الفرقي في كوين. ورغم أنهم وجدوا التسجيل معًا عملية سهلة، لا تتطلب أي مجهود منهم، حتى إنهم كانوا يشيرون إلى أستوديو الفرقة بوصفه "معمل المقانق"، فالحقيقة أن فنهم لم يكن سهلًا على الإطلاق. ايلاف