من روائع ما كتب الروائي الحائز على جائزة نوبل ماريو بارغاس يوسا روايته «حضارة الفرجة»، وهو ينتقد فيها سيادة مفهوم السطحية التامة على المجتمعات الحالية وسيادة فكرة الصورة التي أصبحت تشكل فارقاً كبيراً في الحياة العملية، حيث أصبح لها تأثير بالغ جداً في تشكيل الرأي العام العالمي. وفعلاً أنا أؤمن بأهمية الصورة، فأي حدث عالمي لا يرتبط بصورة أو بفيديو لا يحظى بالمتابعة الدقيقة لأن الصورة أبلغ أثراً لدى المشاهد، وكثيراً ما استخدمت هذه الوسيلة للتأثير على الرأي العام، وهذا عرف عالمي إلا لدينا نحن معاشر العرب، فلا نستخدم الصورة بإطاراتها المختلفة حالياً إلا للفرجة فقط، كما أكد الروائي على بعض القضايا التافهة أو التي لا تشكل أي عمق إنساني أو فكري أو تحمل هم قضية ما. لدينا نحن العرب بجميع أطيافنا حب عجيب للفرجة، فهي فرجة ألوان وصحون وأكلات في التويتر والإنستغرام وغيرها من وسائل التواصل الحديثة، بل إن فرجتنا تصبح أحياناً شكلاً من أشكال السخرية العنصرية أو حتى الشخصية التي تبعد القلوب عن بعضها البعض، وتدخل جميع الأطراف في مشكلات ليس لها حل. تفتح الكيك فتجد الفرجة، ولكنها أبداً ليست الفرجة المثالية، فأغلب ما فيها لا يتعدى كونه تفاهات شخصية أو مواقف شخصية لا فائدة منها لأحد أو استغلال هذه الوسيلة الحضارية لغرض تافه ولقضايا لا أخلاقية أو حتى طائفية، وبالنهاية تقفل هذا البرنامج وتحذفه مباشرة. وتفتح الإنستغرام وترى جمالية صور الأكل والألبسة والفساتين وأنواع مقبلات الأكل والأماكن السياحية، وفي النهاية تضرب كفاً بكف على الأخلاق المتدنية التي يتعامل بها كثير من أصحاب هذه الصور عندما تعلم استخدامهم الحقيقي لهذه الوسيلة. إن هذا الروائي كان محقاً جداً في التعبير عن مجتمع جديد يتشكل حالياً وفق معايير معينة لا يستطيع أي كائن أن يكذب ما تراه عينه مهما أخطأ لسانه، لكن هل فعلاً نحن العرب بارعون في السطحية إلى هذه الدرجة المقيتة التي تحدث بها الروائي وكتبها منتقداً؟ وهل نستطيع أن ندافع عن أنفسنا عن هذه التهمة؟ [email protected] The post حضارة الفرجة العربية appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية